إرتبط إسم شركة “سوكلين” بأزمة النفايات في لبنان، ووجهت لها العديد من الإنتقادات والإتهامات من قبل المجتمع المدني وبعض الأطراف السياسية. إذ اعتبرها البعض طرفاً أساسياً في فشل إدارة ملف النفايات، وحملها البعض الآخر مسؤولية الكارثة التي مني بها اللبنانيون، لاسيما سكان منطقتي بيروت وجبل لبنان، بسبب إنتشار النفايات في شوارعهما. ورغم ذلك، لا يزال إسم “سوكلين” مطروحاً عند كل نقاش يتم فيه طرح البدائل لإيجاد حلول لأزمة النفايات، وكأن عمل مرفق النظافة العامة، لا يستقيم، إلا بـ”سوكلين”. إذ تتم اليوم المشاورات حول إيلائها مهمة طمر النفايات خلال المرحلة الإنتقالية من خطة الوزير أكرم شهيب، سواء برضى أهالي المناطق الواقعة ضمنها المطامر، أو في حال فرض الطمر بالقوة. كما يتم الحديث عن عودة شركة “سوكلين” في “المرحلة المستدامة” من الخطة، كشركة ملتزمة خدمة النفايات، إذا ما أرادت بلدية بيروت ذلك.
ففي حين علّق البعض على إيجابيات خطة شهيب بأنها إستطاعت كف يد “سوكلين” عن الطمر والمعالجة، تخوف آخرون من عودتها من “نافذة” البلديات، بعد تحميل البلديات مسؤولية معالجة النفايات. إلا أن طرح عودة شركة “سوكلين” عبر بلدية بيروت، “يبقى طرحاً بعيداً من التوجه العام”، وفق ما يؤكده نائب رئيس بلدية بيروت نديم أبورزق لـ “المدن”، قائلاً إن “الأمور لم تحسم بعد، ولكن البلدية تسعى للقيام بدورها بنفسها، وهذا التوجه لا يزال يحتاج إلى متابعة وتدقيق”، مشيراً إلى أن “إعادة تلزيم شركة سوكلين أمر غير مطروح حالياً”.
في المقابل، تؤكد المسؤولة الإعلامية في شركة “سوكلين” باسكال نصار لـ “المدن” إلتزام الشركة بما يصدر عن مجلس الإنماء والإعمار بناء على القرارات التي يتخذها مجلس الوزراء. ولا تخفي إحتمال نقل النفايات من أمكنة التجميع الى المطامر بواسطتها، وتقول: “حتى اللحظة لم نستلم رسمياً أي قرار حول قيامنا بنقل النفايات إلى المطامر، ولكن تتم المشاورات بين المعنيين في هذا الشأن، وفي حال طلب المعنيون ذلك فلن نمانع”، مشيرة إلى أن الحديث عمّا بعد المرحلة الإنتقالية لا يزال مبكراً، “فلنترك الأمر الى حينها”.
يأتي هذا الحديث، بعد توجيه العديد من الإتهامات إلى الشركة، وهي لم تنحصر بمخالفة بنود العقد والخلل في آلية المعالجة والطمر، إنما تضمنت أيضاً إتهامها بجرم هدر المال العام، وتقاضيها أموالاً عامة مقابل خدمات لم تلتزم بتقديمها، خصوصاً لناحية عقد المعالجة الذي تبين أن الشركة تقاضت على أساسه 50 مليون دولار سنوياً، فيما قامت طوال مدة التلزيم بالطمر من دون معالجة. الأمر الذي حمل البعض على المطالبة برفع دعوى قضائية لمحاسبة “سوكلين” واسترداد الأموال المهدورة.
فبالرغم من مخالفة الشركة موجبات العقود على مدى 18 عاماً، بعد أن قامت بطمر 80 في المئة من النفايات من دون معالجتها، تسببت في تدهور الواقع البيئي لمطمر الناعمة ما استدعى إقفاله من قبل اهالي المناطق المجاورة له، إلا أن جلسة مجلس الوزراء التي تم فيها إقرار “خطة شهيب”، والموافقة على عناوينها العريضة، تمحورت حول البحث عن بديل لمطمر الناعمة، ينهي أزمة النفايات مؤقتاً، ويبقي “سوكلين” وأخواتها على رأس إدارة ملف النفايات في لبنان. فقد إتخذ قرار إلغاء عقدين من أصل ثلاثة عقود موقعة مع شركة “سوكلين”، هما عقدا الطمر والمعالجة، فيما بقيت خدمة “سوكلين” في المرحلة الإنتقالية من خلال عقد وحيد هو عقد الكنس والجمع لمدة عام ونصف العام. فكيف يتم إلغاء عقد هو باطل أصلاً، لعدم إلتزام أحد أطرافه ببنوده؟ ومن يتحمل مسؤولية هدر المال العام؟
إلى الآن، ثبت التمسك ببقاء شركة “سوكلين”، وأجريت مناقصات خدمة النفايات المنزلية، لكن سرعان ما تم رفضها في مجلس الوزراء بسبب إرتفاع أسعار الخدمات المقدمة من الشركات، فيما تؤكد تصريحات أصحاب الشركات التي تقدمت إلى المناقصة وجود أسعار مخالفة لتلك التي تم الإعلان عنها، وبرر وزير البيئة محمد المشنوق ارتفاع الأسعار وقتها بإضافة كلفة الكنس والجمع إلى مجموع كلفة خدمة النفايات في المناطق. وهي كلفة لا يمكن إحتسابها بالطن، وفق المعترضين، ما يشير إلى وجود قطبة مخفية وراء إفشال المناقصات لاسيما أنها تصب في مصلحة “سوكلين”.
وفيما يتساءل البعض عن سبب مواقف “سوكلين المهادنة”، في كل ما يتم طرحه، رغم المواقف المشككة بسلوكها والتي وصلت حد إتهامها بسرقة المال العام، تؤكد نصار على إن “سوكلين شركة خاصة، لا تستطيع المبادرة بطرح الحلول، بل تنتظر قرارات الحكومة”. إلا أنه وعلى الرغم من كم الإتهامات التي صوبت إلى شركة “سوكلين”، تبقى مسؤولية فشل إدارة هذا الملف، حصة جميع من تعاقب على السلطة وغض البصر عن أشكال الفساد الممارسة بقصد أو بغير قصد.