عقدت جمعية خبراء كشف الفساد المجازين في لبنان (ACFE Lebanon) مؤتمرها السنوي الأول حول الاحتيال المالي في لبنان، في فندق “فينيسيا”، برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ممثلا برئيس هيئة التحقيق الخاصة عبد الحفيظ منصور وحضور اكثر من 300 متخصص ورجل اعمال يمثلون القطاع المصرفي والمالي وشركات التأمين وشركات التدقيق المالي والجامعات وشركات القطاع الخاص.
ويهدف المؤتمر إلى تكوين كوادر بشرية متخصصة في المصارف والمؤسسات المالية والشركات والجامعات، وتشكيل مرجعية من الخبراء في هذا المجال، والتوعية على مخاطر الفساد المالي وتبييض الأموال، والعمل على تعزيز القيم والأخلاقيات خصوصا في قطاعات المال والأعمال.
طراف
بعد النشيد الوطني، تحدث رئيس الجمعية اللبنانية لكشف الفساد المالي الدكتور حسين طراف فأشار الى أنه فوجىء ب”ارتفاع حجم الفساد والاحتيال المالي في لبنان وتأثيره السلبي على وضع لبنان الاقتصادي”. كما تحدث عن “ضرورة تعاون الجميع لنشر التوعية حول سبل مكافحة الفساد والاحتيال المالي”.
ولفت إلى عدد الخبراء من حملة الشهادات في كشف الفساد المالي، معتبرا أن “الفساد يجعل البلاد تخسر مليارات الدولارات”، داعيا إلى “تكوين مرجعية من الخبراء المتخصصين في مكافحة الفساد وكشفه، وهذا مسؤولية مشتركة للدولة والشركات والمجتمع المدني”.
رسالة من الرئيس العالمي
وشاهد المشاركون رسالة عبر الفيديو من الرئيس العالمي لجمعية خبراء كشف الفساد في العالم الذي أوضح ان “عمل الجمعية هو كشف الفساد في المجتمع الدولي وليس محليا فقط، وأن عمل الجمعية في بيروت وتأهيل الموارد البشرية المدربة والمتخصصة سوف يخفض إمكانات حدوث الفساد”، آملا أن “تساعد الحكومات في الإفادة من خبرات الخبراء من أجل مجتمع أفضل”.
وتحدث عن “إستخدام الإمكانات الهائلة للتكنولوجيا والإنترنت”، معتبرا أنه “تحد كبير”.
منسى
وقال نائب رئيس الجمعية إيلي منسى: “إن صفة الفاسد والمحتال باتت تشكل إرثا شعبويا، فالوطن لا يخلو من أخيار يحاربون كل ما يمت إلى الفساد بصلة. إن سوء استخدام المراكز والمسؤوليات العامة أصبح هما يأخذ مساحة أكبر في البلدان التي في طور النمو، كما يؤثر على البلدان المتقدمة، وهي ممارسات ليست حكرا على قطاع دون غيره”.
وأشار الى أن “الخسائر المترتبة على الفساد المالي في العالم تبلغ 3,7 تريليون دورلار سنويا”، داعيا إلى “ضرورة تكاتف جهود الأفراد بصورة مهنية واحترافية والتعاون بين القطاعين العام والخاص”.
منصور
من جهته، أوضح ممثل حاكم مصرف لبنان الى أن “رعاية هيئة التحقيق الخاصة لهذا المؤتمر تندرج ضمن سياستها الرامية إلى دعم بناء قطاع مصرفي متين وحماية المصالح والحقوق الخاصة والعامة في آن، حيث ان تبادل الخبرات بين القطاعين العام والخاص في الندوات والمؤتمرات كهذا المؤتمر يساهم في الإضاءة على مسائل أساسية تتعلق بالمواضيع المطروحة”.
وقال: “كذلك تندرج رعاية الهيئة لهذا المؤتمر ضمن مجهودها المستمر لتدعيم منظومة مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في وقت أصبحت الجريمة المنظمة جريمة عابرة للحدود بامتياز، وقد كان انتشارها وتنامي نشاطاتها أمرا بديهيا نتيجة للتطورات التكنولوجية التي أدت إلى تطوير المنتجات والخدمات المالية في الأسواق العالمية، وسهلت بشكل غير مسبوق التعامل المصرفي عبر الحدود. ولا نبالغ في القول اذا اعتبرنا أن بعض عمليات الجريمة المنظمة العابرة للحدود كانت، ولا تزال، تسابق وسائل مكافحتها، مما يضعنا والمجتمع الدولي أمام تحديات كبيرة ويحفزنا للبحث بشكل مستمر عن الوسائل الناجحة للمساعدة في كشف هذه العمليات والحد من تطورها وانتشارها، وهذا الواقع يتطلب منا جهدا مضاعفا على الصعيدين المحلي والدولي، وعليه نأمل أن يخلص هذا المؤتمر إلى مخرجات تساهم في نشر الوعي حول جرائم الاحتيال والتزوير وسبل مكافحتها مما يؤدي الى رفع نسبة حماية المجتمع من مخاطرها وتداعياتها”.
أضاف: “كما تعلمون إن تبييض الأموال هي جريمة تبعية، بمعنى أن جريمة أصلية قد سبقتها وقد نتج عن تلك الجريمة أموال غير مشروعة، وتكون جريمة تبييض الأموال هي محاولة إخفاء المصدر الحقيقي للأموال وإضفاء الشرعية عليها. الإحتيال والتزوير هما في صلب الجرائم الأصلية المنتجة للأموال غير الشرعية، حيث فصل القانون اللبناني رقم 318 لمكافحة تبييض الأموال للعام 2001 أنماط الجرائم الأصلية المرتبطة بجريمتي الاحتيال والتزوير لتشمل: إختلاس الأموال العامة والخاصة أو الإستيلاء عليها بوسائل احتيالية أو بالتزوير أو بإساءة الأمانة الواقعة على المصارف والمؤسسات المالية، وكذلك تزوير العملة وبطاقات الائتمان والدفع والإيفاء أو الأسناد العامة أو الأسناد التجارية بما فيها الشيكات”.
ولفت الى ان “تصنيف قضايا تبييض الأموال بحسب الجرائم الأصلية منذ انطلاق عمل هيئة التحقيق الخاصة وحتى العام الماضي أظهر أن 37% منها تتعلق بجرائم التزوير، و26% تتعلق بسرقة الأموال العامة والخاصة والتي تنطوي أيضا على جرائم الاحتيال والتزوير، بينما توزعت النسب الباقية على الجرائم الأصلية الأخرى”، مشيرا الى أن “التشريعات والتعاميم المالية والمصرفية المتكاملة ضرورية لتمكين السوق المالية من جهة والجهات الرقابية من جهة أخرى القيام بالأدوار المناط بها، لأجل ذلك، أصدر مصرف لبنان العديد من التعاميم للمصارف والمؤسسات المالية لضبط إجراءات التعامل مع العملاء والحفاظ على حقوق المصارف والمؤسسات المالية والمتعاملين معها”.
وذكر “التعميم الوسيط رقم 393 تاريخ 2/7/2015 الذي شدد على ضوابط للعمليات المصرفية بواسطة الاجهزة الالكترونية الجوالة، وحظر إصدار النقود الإلكترونية، وحدد إجراءات تتعلق بعمليات التحاويل الالكترونية بالوسائل الالكترونية. وكذلك التعميم الأساسي رقم 134 تاريخ 12/2/2015 الذي ألزم جميع المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان إعداد سياسة يوافق عليها مجلس الإدارة لحماية المعلومات المالية والشخصية للعملاء بما لا يتعارض مع التشريعات النافذة لا سيما قانون السرية المصرفية وقانون مكافحة تبييض الأموال”.
وأشار الى “التعديلات المطروحة حاليا على مشروع القانون 318 المتعلق بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى مشاريع القوانين المتعلقة بنقل الأموال عبر الحدود، وتبادل المعلومات المتعلقة بالتهرب الضريبي والتي سوف تشكل بعد إقرارها إطارا قانونيا متكاملا يحمي عمل المصارف ويدعم انخراطها بالنظام المالي الدولي”.
وأوجز أهم التعديلات على القانون 318 كالاتي:
“أولا: توسيع الجرائم المالية التي يغطيها القانون من 7 جرائم إلى 20 بحيث أضيفت، على سبيل الذكر لا الحصر، الجنايات التي تقع على الأشخاص، حرمان الحرية، السرقة، إساءة الائتمان والاحتيال، المضاربات غير المشروعة، وجرائم الافلاس الاحتيالي، الجرائم المتعلقة بالتقليد والملكية الأدبية والفكرية.
ثانيا: إدخال تحسينات عدة لمجموعة من التعاريف والإجراءات وقد استفادت الصياغة فعلا من تطبيق القانون والتعاميم خلال الفترة 2001 – 2015، كما أغني المضمون من الممارسات الحاصلة خلال الفترة المذكورة.
ثالثا: توسيع القطاعات التي يشملها القانون لتضم، على سبيل المثال، المحامين والمحاسبين المجازين في ما يخص موجب إبلاغ الهيئة عن الجرائم المالية، وتوسيع صلاحيات ونطاق عمل هيئة التحقيق الخاصة والعقوبات المالية تعديلا لما نصت عليه القوانين المرعية القائمة”.
وقال منصور: “لقد كان للتقدم التكنولوجي على صعيد الاتصالات وتبادل المعلومات أثرا ايجابيا على قطاع المصارف وقطاعات الأعمال الأخرى، ولكن كان للتقدم التكنولوجي آثارا سلبية أيضا وأخص بالذكر هنا جرائم التكنولوجيا والاحتيالCyber- crime & Cyber-fraud أخذت بالتفاقم وبشكل متسارع، ولعل خير دليل على ذلك إرتفاع عدد حالات جرائم المعلوماتية التي تعاملت معها هيئة التحقيق الخاصة من حالة واحدة في العام 2011 الى 51 حالة في العام 2014، بينما بلغ مجموع الحالات التي تم التعامل معها حتى الربع الثالث من هذا العام 58 حالة الأمر الذي استدعانا لتنظيم مؤتمر خاص تحت عنوان “مكافحة الإحتيال والقرصنة الإلكترونية في المصارف والقطاع التجاري في لبنان” الذي ستعقده هيئة التحقيق الخاصة بالتعاون مع “مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية الملكية الفكرية” لدى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي في 12 تشرين الثاني من هذا العام”.
وختم: “نتطلع لدور واعد لجمعية Association of Certified Fraud Examiners- Beirut chapter وقيمة مضافة على صعيد التحقيقات في جرائم الاحتيال والتزوير وستكون عضوا مساعدا للهيئات الإدارية في تلك الجرائم، كما أنه سيكون لديها دور فاعل في التوعية في قضايا الاحتيال والحد من مخاطر الامتثال من خلال نشاطاتها القادمة”.
دبانة
وذكر رئيس مجموعة دبانة رافاييل دبانة ان “تحديات الحضارة أثرت على القيم، إذ يمكن شراء أي شيء بالمال، ولكن السمعة لا يمكن شراؤها”، معتبرا أن “مكافحة الفساد المالي والفساد العام هو بالعمل على ترسيخ الأخلاقيات وتعزيزها في المجتمع”.
وقال: “لقد وضعنا العديد من الأسس والمعايير الأخلاقية لعملنا. وقد وضعت شركات ومؤسسات خاصة عديدة، عناوين لأخلاقيات العمل تضمن سلوكيات وممارسات العمال والموظفين أخلاقيا ومهنيا وتكافح الفساد”.
كلمات
كما تحدث في المؤتمر كل من الشريك الإقليمي ل”ديلويت” جوزيف الفضل، مستشار لشركة “بوغو فايننس” المالية منصور بيطار.
وبعد الجلسة الإفتتاحية توالت جلسات العمل والتدريب التي يشارك فيها عدد من كبار الخبراء وتستمر يومين.