IMLebanon

المحرك القديم لـ «وول ستريت» يهتز ويتعثر

PaulVolcker
بن ماكلاناهان

يمكنك أن تتخيل فرق أجهزة تنظيم العمل المصرفي في الولايات المتحدة وهي تعبر عن فرحها بأرباح “جيفريز” الواهنة في الربع الثالث، التي أُعلِن عنها في الشهر الماضي. صافي دخل المصرف الكائن في وول ستريت انخفض بنسبة 98 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وتم تخفيض القيمة الدفترية للمخزونات الكبيرة من سندات الطاقة.

جيفريز ليس مصرفا مؤمنا من قبل الحكومة الفيدرالية، لذلك هو معفى من معايير ما بعد الأزمة المشددة حول رأس المال والسيولة – وكذلك من الحظر الواسع على التداول لحسابه الخاص، المنصوص عليه في قانون دود – فرانك لعام 2010 الخاص بإصلاح وول ستريت وحماية المستهلكين. على هذا النحو، فإن المصرف حر في الدخول في أي رهانات يريدها، بغض النظر عن متطلبات العملاء أو متطلبات التحوط. وهو أيضا حر في فقدان كثير من المال أثناء القيام بذلك.

ربما سمعت صيحة المسؤولين التنظيميين وهم يقولون: أرأيتم؟، مشيرين إلى أن أرباح جيفريز “الصافية البالغة مليونا دولار عن الأشهر الثلاثة المنتهية في آب (أغسطس)، تعادل ما يكسبه المتداولون في “جولدمان ساكس” كل 25 دقيقة. بالتالي “تداولات المصرف لحسابه الخاص هي تهديد للنظام”!

عندما تعلن بقية المصارف الكبرى تقاريرها للربع الثالث من العام في وقت لاحق هذا الشهر، من المحتمل ألا يكون هناك مثل هذه الدراما في قاعات التداول الخاصة بها. فعلى مدى السنوات القليلة الماضية كانت المصارف تخفض بشكل مطرد فرق المتداولين وتقلص ما لديها من مخزون بموجب ذلك المد من التنظيم. وفي غضون ذلك، كان عليها التعامل مع ما يسمى قاعدة فولكر التي تحظر عليها التداول لحسابها الخاص، التي تم الانتهاء من صيغتها النهائية في كانون الأول (ديسمبر) 2013 ودخلت حيز التنفيذ الكامل في 21 تموز (يوليو) هذا العام.

عملت الإصلاحات على إعادة تشكيل جذري للصناعة. في الربع الثاني حقق “جولدمان” دخلا من تقديم المشورة للشركات بشأن عمليات الاندماج وجمع الأموال يفوق ما حققه من التداول في الدخل والسلع والعملات الثابتة – وهو انقلاب في اتجاه عام ظل صحيحا لسنوات كثيرة.

“مورجان ستانلي”، الذي كان من بين أكثر المصارف الكبيرة نشاطا في تخفيض أعماله في تداولات السندات، كان لديه 157 مليار دولار من الأصول المرجحة بحسب الوزن النسبي للمخاطر في ميزانيته العمومية في نهاية حزيران (يونيو). وكان ذلك أقل من نصف الذروة البالغة 390 مليار دولار قبل أربع سنوات، وأقل بكثير من الرقم المستهدف البالغ 180 مليار دولار.

المصارف مجتمعة أصبحت الآن قوة أضعف بكثير من قبل في الأسواق المالية. ووفقا لحسابات كريس كوتويسكي، المدير الإداري لوحدة البحث في أوبنهايمر، بلغ إجمالي إيرادات التداول لدى أكبر 12 مصرفا عالميا نحو 0.13 في المائة من الرسملة السوقية العالمية في عام 2009. وفي العام الماضي انخفضت تلك الحصة إلى النصف، إلى 0.066 في المائة، ولم تتحرك كثيرا منذ ذلك الحين.

قاعدة فولكر لا تزال تسبب كثيرا من الحزن داخل المصارف، التي تقول إنها تناضل مع أفضل الطرق لتفسير إرشاد يغطي ما يقارب 1000 صفحة. وبموجب القاعدة، مثلا، يسمح لمنصات التداول بالمطالبة بإعفاءات، إذا استطاعت إثبات أنها ببساطة تخدم العملاء من خلال تقديم الأسواق لهم. لكن لتحقيق ذلك، تحتاج إلى إظهار أن حدود مخاطرها ومعاملاتها تستند إلى مبدأ RENTD الذي هو الأحرف الأولى من جملة تعني “الطلب المتوقع بشكل معقول على المدى القريب من العملاء”. لكن ما المعقول؟ وما مدى قرب المدى القريب؟

هذا النوع من الحكم يقاوم النهج الموحد، كما يقول كلفن تو، وهو مصرفي سابق في “سيتي جروب” تحول إلى مستشار في داتا بويلر للتكنولوجيا. ويضيف “الشخص الذي يبلغ قياس قدمه 18 بحاجة إلى حذاء مقاس 18”.

هناك مجال آخر يتطلب حذقا ومهارة، وهو تمييز النية. لنفترض أن مصرفا دخل في صفقة مقايضة معقدة، لعدة سنوات مع عميل – صفقة تتضمن خيارات تصبح بلا قيمة عند انتهاء العقد، في حال وصول الخيارات إلى مستويات سعر محددة. هذا منتج مخصص يخلق مجموعة من التعاملات يمكن أن يكون من الصعب التحوط ضدها. إذن، ما هو بالضبط مدى السيولة التي يتحوط المصرف خلالها؟ هل يتعمد المصرف عدم تعويض بعض مخاطره لإلقاء نظرة على اتجاه الأسعار؟

بحسب بوب ماكسانت، وهو شريك في شركة ديلويت، التحوط الفعال “بعضه فن وبعضه علم”.

ومع مرور شهرين فقط على التطبيق الكامل لقاعدة فولكر، لا تزال المصارف تُمطر مسؤولي الأجهزة المنظمة المختلفة بالأسئلة. لكنهم عالقون معها. وبحلول آذار (مارس) من العام المقبل، سيتعين على رؤساء أكبر المصارف التوقيع على إفادات تؤكد فعالية امتثالهم. وهذا يعني أن الضغط سيبقى مفروضا على أعمال التداول.

كمجموعة، المصارف الكبيرة التي تلتزم بقاعدة فولكر يتوقع لها أن تبلغ عن إيرادات تداول تكون أدنى بمقدار العُشر عن السنة السابقة، وأدنى بمقدار الثلث منذ الأزمة.

المحرك القديم لوول ستريت يأخذ في الاهتزاز والتعثر.