عندما يفكر الناس في أجهزة الروبوت، غالباً ما يتخيلون جيشا من الآليين يقضون على الجنس البشري، أو في أفضل الأحوال، يزيحون الناس عن وظائفهم ليتركوا أكثرنا عاطلين عن العمل.
بالطبع، قد تكون مثل هذه الحالات محتملة، لكن راندي بيتمان، رئيس شركة “بالكونز لبحوث الاستثمار” في أورلاندو بولاية فلوريدا الأمريكية، ومديرها التنفيذي، لا يشعر بالقلق حيال ذلك.
يقول بيتمان “ربما يتغير شكل النزاع المسلح بشكل دراماتيكي. لكن توجد تبعات أخطر من ذلك، لنقُل في مجال التصنيع على نطاق واسع”.
بالنسبة لـ”بيتمان”، ستكون أجهزة الروبوت قادرة في يوم ما على القيام بكل شيء تقريبا، بداية من العمليات الجراحية المعقدة، إلى مهمات التعدين الخطيرة، مروراً بتنظيف المنازل وقص العشب.
ويضيف “اعتاد الناس على تخيل فيلم “ذا تيرمينيتور” (المدمر)، غير أن هناك تقبلاً من عامة الناس لأجهزة الروبوت. فهم يدركون قيمة هذا القطاع”.
تستفيد المصانع من الروبوت بالفعل ـ على سبيل المثال لا الحصر- لطلاء ولحام أجزاء السيارات. ويملك العديد من الناس مكانس آلية صغيرة من نوع “آي ـ روبوت” لشفط الأوساخ من الأرضيات المتسخة.
في هذه الآونة، نجد أن ثورة أجهزة الروبوت لا زالت في بدايتها.
ويرى بيتمان أن من يشتري أسهماً في شركات ذات علاقة بأجهزة الروبوت، فالأمر ليس إلا مجالاً جديداً للاستثمار بكل ما فيه من مخاطر وعوائد.
هل تحقق أجهزة الروبوت أرباحا؟
برغم ذلك، ينبغي على الذين يريدون أن يجنوا الأرباح من أجهزة الروبوت والأجهزة الآلية أن يتحلوا بالصبر. وفي الوقت الذي نجد فيه أن بعض الأسهم قد توقفت، يقول “بيتمان” إن الفوائد في هذا المجال قد أثمرت خلال العام الماضي فقط.
وتبقى العديد من الأسهم متقلبة، إذ أن بعض الشركات لديها الإمكانيات لكنها لم تُثبت بعد الإجراءات والعمليات التي تقوم بها، ويعود ذلك جزئياً إلى أن هذا القطاع لا يزال يافعاً وينمو بسرعة.
وإذا نظرنا إلى التداولات في صندوق التبادل التجاري الخاص بأجهزة الروبوت على أنها المؤشر الوحيد المتاح، فسنجد أنه مؤشر حقيقي.
في يناير/كانون الثاني من عام 2014، تدوال مؤشر “روبوـ ستوكس للأجهزة والنظم الآلية العالمية، إي تي إف”، مبلغ 48 مليون دولار أمريكي. ويضم ذلك المؤشر 83 شركة في 17 بلداً.
أما في بداية هذا العام، فقد بلغ حجم التدوال في ذلك المؤشر 103 ملايين دولار أمريكي.
على الرغم من تلك الأرباح القوية، فقد انخفض أداء ذلك المؤشر بنسبة 10 في المئة خلال عام مضى، وبنسبة 7.5 في المئة منذ انطلاقه في بورصة نازداك في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2013.
يقول “ترافيس بريغز”، المدير التنفيذي لـ “روبوـستوكس”، إن ضعف الأداء ناجم بالدرجة الأولى عن التوقيت غير المناسب.
فعند انطلاقه، تبددت الفقاعة المحيطة بأجهزة الطباعة المجسمة (ثلاثية الأبعاد)، والتي تقع ضمن تصنيف أجهزة الروبوت. في نفس الوقت، تضررت أسهم عدة شركات تعمل في قطاع الطاقة المتعلقة بالروبوت نتيجة انخفاض أسعار النفط، حسبما يقول.
يتفق “بيتمان” مع هذا الرأي. فقد تسبب التقلب العام في سوق الأسهم، وخاصة في قطاع الطاقة، في العديد من الأضرار التي لحقت بهذه الأسهم.
أما شركات أخرى، مثل “آي ـ روبوت” المسجلة على قائمة مؤشر “نازداك”، والتي انخفضت أسهمها بنسبة 12 في المئة في عام، فقد ارتفعت قيمة أسهمها بشكل كبير، كما يقول بيتمان.
فتلك الشركة التي تصنع أجهزة منزلية مثل المكنسة الكهربائية “روومبا”، وجهاز تنظيف المسابح “ميرا”، بلغت أسهمها أسعارا قياسية في فبراير/شباط عام 2014.
ستبدأ شركات الروبوت في تحقيق أداء أفضل عندما تستقر السوق، إلا أنه يتوجب على المستثمرين أن يتحلوا بالصبر، حسبما يقول بيتمان. لكن ذلك “سيستغرق بعض الوقت. فلا يوجد حل سحري، لكن هناك فرص طويلة الأمد”.
الاتجاه الصاعد
مع كل ما ذكر، يعتقد الكثيرون أن أجهزة الروبوت والأنظمة الآلية ستشكل جزءاً لا يتجزأ من النمو الاقتصادي في المستقبل.
تقوم شركة “ستاتيستا”، ومقرها نيويورك، بتجميع بحوث حول عدد من المواضيع المختلفة المتعلقة. ووفقا لهذه الشركة، سينمو الإنفاق العالمي على الأجهزة الآلية من 27 مليار دولار أمريكي في يومنا هذا إلى 67 مليار دولار أمريكي في عام 2025.
مستقبلاً، ستلعب أجهزة الروبوت دوراً ما في كل شيء نقوم به تقريباً، بداية من السيارات ذاتية القيادة إلى الخدم الشخصيين، مروراً بتشكيل جنود للدول، وأجهزة مثيلة للممرضات لمساعدة العجزة، كما يقول رينود تشامبيون، أحد الشركاء المؤسسين في شركة “روبوليوشن كابيتال” لرأس المال الاستثماري، ومقرها في باريس.
تستثمر هذه الشركة في شركات أخرى متخصصة في صناعة أجهزة الروبوت، بما فيها شركة “نافيا تكنولوجي”، ومقرها فيلوربان في فرنسا، والتي تصنع عربات كهربائية بدون سائق.
يعتقد “تشامبيون” أن العديد من الشركات المختصة بالروبوت ستشهد نمواً في مبيعاتها بنسبة 10 في المئة أو أكثر خلال السنوات الخمس القادمة.
في طليعة التطورات
في اليابان، أحد أكبر بلدان العالم من حيث عدد المسنين، نجد أن تجارة الروبوت قد ازدهرت بالفعل. فقد دعا رئيس الوزراء “شينزو آبي” إلى ثورة في عالم الروبوت. إنه يريد توسيع سوق الأجهزة الآلية في البلاد من 66 مليار ين ياباني (5.5 مليار دولار أمريكي) إلى 2.4 تريليون ين (20 مليار دولار أمريكي).
باستطاعة أجهزة الروبوت أن تحل محل العاملين من كبار السن في المستقبل. كما أن بمقدورها مساعدة المسنين في تلبية احتياجاتهم الصحية.
ستكون الصين أيضاً، بانتهاجها سياسة تحديد النسل بطفل واحد لكل عائلة، إحدى أكبر أسواق أجهزة الروبوت. إنها تتهيأ لثورة صناعية في عالم الروبوت، حسبما يقول “بيتمان”. يعود ذلك، جزئياً، إلى أنها ليس لديها ما يكفي من هذه الأجهزة لتلبية احتياجات التصنيع.
حالياً، هناك في الصين 30 جهاز روبوت في مجال التصنيع مقابل كل 100 ألف نسمة. ويعادل هذا عُشر ما في ألمانيا، ويعادل أيضا ما نسبته 14 مرة أقل مما هو عليه الحال في كوريا الجنوبية، حسبما يقول “بريغز”.
ويضيف بيرغر: “إنه مشروع ضخم، حيث سيجري استثمار المليارات في أجهزة الروبوت وتطبيق النظم الآلية.”
إمكانات استثمارية
نظراً للخطوات السريعة في التقدم التكنولوجي، توجد وسائل محدودة لوضع الخطط في عالم تصنيع أجهزة الروبوت.
باستطاعة المستثمر العادي أن يشتري أسهماً في “روبوـستوكس إي.تي.إف”، مما سيتيح للمشتري وسيلة سهلة لامتلاك أسهم متنوعة في شركات مختصة بصناعة الروبوت، حسبما يقول تشامبيون.
كما يمكن للمرء أن يشتري أسهماً في الشركات نفسها. ويقسم “بريغز” السوق إلى صنفين: شركات تكنولجيا تطور الأجزاء التي تدخل في صناعة الروبوتات ـ مثل أجهزة الاستشعار أو تجهيزات المكائن ـ ومنها شركتي “موبيلي” و “إيمرسون كوربوريشن” ، وشركات أخرى تبيع أجهزة الروبوت بغرض الاستعمال، مثل شركتي “كووكا لأجهزة الروبوت الصناعية” و “فانووك أميركا”.
وهناك فرص كثيرة في هذين المجالين. مع ذلك، فمفتاح التوفيق هو إيجاد شركات تركز بقوة على تسويق منتجاتها للمستهلكين. ويمكن أن يكون هذا قطاعاً بذاته، تماماً مثل الزراعة والرعاية الصحية، أو بلداً مثل اليابان، التي تمنح حوافز للشركات كي تصبح أكثر استقلالية.
علاوة على ذلك، عليك بقراءة التصريحات والتقارير المالية الصادرة من فِرق الإدارة التنفيذية لتتأكد من أنها ملتزمة بخططها على المدى الطويل، كما يقول “بيتمان”.
بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن مستويات عالية من صافي الأرباح، يشكل الاشتراك في صندوق رأسمال استثماري في مجال أجهزة الروبوت، عند مراحله الأولية، أحد الخيارات الجيدة، وخاصة إذا لم تكن ممن يتجنبون المخاطر.
في وقتنا الحالي، سيكون الرهان في المقام الأول على المستقبل. فهل ستتولى أجهزة الروبوت حقاً زمام الأمور؟ يرى “بريغر” أن هذه مسألة وقت فقط.
يقول بريغر: “ستدخل (تلك الأجهزة) حياتك بسلاسة حتى تصبح جزءاً لا يتجزأ منها. تأمل غسالة الملابس لديك، فهي من الأجهزة المتوفرة [في منازلنا] بالفعل، لكننا قريبا سنرى غيرها الكثير”.