يناقش وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية في انحاء العالم هذا الاسبوع في البيرو العديد من القضايا والتحديات واهمها دفع الاقتصاد العالمي المتباطئ وتمويل مكافحة التغير المناخي.
وتمهيدا للاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، اصدر صندوق النقد الدولي تقريرا الثلاثاء خفض فيه توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي للعام 2015 الى 3,1%، متوقعا اسوأ عام منذ الركود العالمي في 2009.
وسيشكل ذلك خلفية قاتمة لصانعي السياسة الاقتصادية من 188 بلدا والذين سيجتمعون في مدينة ليما، عاصمة البيرو، من الجمعة حتى الاحد.
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين الجديد في صندوق النقد الدولي موريس اوبستفيلد انه “لا يزال العثور على مفتاح نمو الاقتصاد العالمي القوي والمنسق صعبا”.
وحذر من ان تباطؤ الاقتصاد الصيني وما نجم عنه من انخفاض في اسعار السلع يؤثر على الاقتصاد العالمي.
وقبل الاجتماع حذرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد من ان “هناك ما يدعو الى القلق”.
وبعد عقود من النمو القوي للاقتصاد الصيني، توقع صندوق النقد الدولي ان يتباطأ هذا الاقتصاد الى 6,3% الاسبوع المقبل، وهو ادنى معدل له منذ 25 عاما.
ويؤثر ذلك بشكل كبير على اقتصادات ناشئة اخرى اصبحت تعتمد على شهية الصين القوية للوقود والمعادن وغيرها من السلع.
كما انعكس ذلك سلبا على الاقتصادات الناشئة التي كانت المحرك وراء النمو العالمي خلال الازمة المالية 2008-2009، نظرا لتوقف التدفقات المالية اليها مع استعداد الولايات المتحدة التي تشهد انتعاشا لاقتصادها، لرفع اسعار الفائدة.
وطغت هذه التوقعات القاتمة على الاخبار الجيدة التي اصدرها البنك الدولي خلال الايام الماضية وتحدثت عن انخفاض الفقر المدقع هذا العام الى اقل من 10% من سكان العالم لاول مرة.
ودول اميركا اللاتينية هي الاكثر تضررا. فقد توقع صندوق النقد الدولي ان تشهد تلك الدول انكماشا بنسبة 0,3% هذا العام، فيما تواجه البرازيل، القوة الاقتصادية الكبرى في تلك المنطقة، انكماشا بنسبة 3%.
وسيحتل تباطؤ الاقتصاد للعام الخامس على التوالي في الاسواق الناشئة التي كانت قوة اقتصادية كبيرة في السابق، وانخفاض اسعار السلع، اولوية على اجندة الاجتماع الذي سيشارك فيه عدد من وزراء المالية من الدول الصناعية والناشئة (مجموعة العشرين) يوم الخميس قبل ان يصدروا بيانا الجمعة.
وهذه اول مرة يعقد فيها هذا الاجتماع في احدى دول اميركا اللاتينية منذ انعقاده في ريو دي جانيرو في 1967.
وجرى اغلاق حي باكمله في ليما واقيمت فيه حواجز عسكرية، ما ادى الى خلو الشوارع من المارة في ذلك الجزء من المدينة التي عادة ما تعاني من اكتظاظ مروري، وهو ما يتسبب بانزعاج السكان.
ومن شان اغلاق المنطقة ابعاد اي محتجين عن الاجتماع.
الا ان المشاركين في الاجتماع لن يفلتوا من مشاهدة الفقر وانعدام المساواة التي تعاني منها البيرو ودول اميركا اللاتينية حيث تطل نوافذ مبنى المتحف الوطني الهائل حيث يجري الاجتماع، على واحد من الاحياء الفقيرة المحيطة بليما.
وكانت منظمة اوكسفام ذكرت مؤخرا ان الاغنياء الذين يشكلون نسبة 1% من سكان اميركا اللاتينية يملكون 41% من ثروة المنطقة.
وانعدام المساواة هو من بين المواضيع الحساسة التي ستجري مناقشها خلال جلسات النقاش التي ستجري على هامش الاجتماع.
وستسلط الاضواء على هذه القضية بفضل مشاركة الممثل الاميركي شون بين الذين سيتوجه الى البيرو للتحدث عن اعماله الانسانية.
الا انه من المرجح ان التقدم سيحدث على جبهة اخرى وهي مكافحة التغير المناخي.
وقبل اقل من شهرين من محادثات المناخ المهمة التي تجري برعاية الامم المتحدة في باريس، من المقرر ان تنشر منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي تقريرا الاربعاء حول التقدم باتجاه تحقيق هدف جمع تمويل عالمي بقيمة مئة مليار دولار سنويا لمكافحة تاثيرات التغير المناخي.
ومن بين القضايا الاخرى التي سيناقشها الاجتماع خطة منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي الجديدة لمكافحة التجنب الضريبي في انحاء العالم، بعد ان اعلنت المنظمة الاثنين ان “وقت اللعب انتهى” بالنسبة للشركات المتعددة الجنسيات التي تتجنب دفع اكثر من 100 مليار دولار سنويا.
ويتعين على وزراء مالية دول مجموعة العشرين منح الخطة الضوء الاخضر في ليما وتقديمها لقادتهم للحصول على الموافقة النهائية اثناء قمة مجموعة العشرين التي ستعقد في تركيا في تشرين الثاني/نوفمبر.