حقق الرئيس الأميركي باراك أوباما نصرا سياسيا كبيرا هذا الأسبوع، مع إبرام اتفاق الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادي التي تشكل أول معاهدة تجارية كبرى في القرن الحادي والعشرين.
ويضم الاتفاق 12 دولة تمثل 40 بالمئة من الاقتصاد العالمي، وينص على سلسلة من القواعد العامة لتعزيز حرية التبادل والاستثمار وضبط التجارة الرقمية وحماية الملكية الفكرية. وأكد أوباما يوم الإثنين أنه “لا يمكننا أن ندع دولا مثل الصين تحدد قواعد الاقتصاد العالمي… علينا أن نكتبها بأنفسنا ونفتح أسواقا جديدة للمنتجات الأميركية ونحدد في الوقت نفسه معايير مرتفعة لحماية العمال والبيئة”.
وشدد البيت الأبيض على إلغاء آلاف الضرائب والتعريفات عن التجارة في دول الاتفاقية، وكذلك على الجهود لتنسيق المعايير والتخلص من المنافسة الجائرة والحد من الحواجز البيروقراطية أمام التجارة والاستثمار في الاتفاقية. وأمام الاتفاق الذي يشمل الولايات المتحدة واليابان وأستراليا وكندا وماليزيا والمكسيك وسنغافورة ونيوزيلندا وتشيلي والبيرو وبروناي وفيتنام، مهلة تطبيق طويلة الأمد والكثير من شروط التحوط والاستثناءات لدول متعددة ما سيحد من بعض الأرباح.
ولإثبات قوته يحتاج الاتفاق إلى جذب دول كبرى أخرى، سواء قوى اقتصادية مثل كوريا الجنوبية أو أسواق ناشئة كبرى كالهند وإندونيسيا. وقد أعربت كوريا الجنوبية بالفعل عن رغبتها في الانضمام.
ويغذي الاتفاق الذي يسعى لتحفيز الاقتصاد العالمي المترنح، اندفاع أوباما في اتجاه اتفاق أكثر طموحا مع الاتحاد الأوروبي في إطار “شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي” التي يجري التفاوض عليها حاليا.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إن “الاتفاقية تدفع حدود التجارة والاستثمار في السلع والخدمات إلى مجالات جديدة تمهد الطريق أمام جيل جديد من جهود التكامل التجاري العميق”.
وأكدت المفوضة الأوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم أن فوائد الاتفاقية لا تقتصر على التجارة العالمية بل إنها “خبر سار بالنسبة إلى المفاوضات التجارية الأميركية الأوروبية. فبعد الانتهاء من الاتفاقية، أصبح بإمكاننا مقاربة مفاوضاتنا في شراكة التجارة والاستثمار عبر الأطلسي بتركيز أكبر من الطرفين”.
ولن تكتمل الاتفاقية قبل مصادقة الدول الموقعة عليها، وسيكون التحدي الكبير في إقناع البيت الأبيض للكونغرس بدعمها. وسبق أن انتقد أعضاء في الكونغرس الاتفاق معتبرين أنه خيانة للأعمال الأميركية ويساعد الأعمال العالمية على حساب وظائف الأميركيين.
واعتبر السناتور الجمهوري أورين هاتش من جهته أن التفاصيل الأولى التي ظهرت بشأن الاتفاق تؤكد أنه “غير كاف إلى حد كبير”.
كما حذرت مجموعات نقابية واجتماعية من احتمال أن يكون هذا الاتفاق مثل اتفاقية التبادل الحر في أميركا الشمالية المبرمة في 1994، وأدت إلى انتقال الآلاف من وظائف الأميركيين إلى المكسيك وكندا.