IMLebanon

ملف الجمارك فُتح على مصراعيه واستدعاءات النيابة المالية بالجملة

 

customs

موريس متى

في سياق الخطة الإصلاحية التي تسعى الوزارة إلى تطبيقها، أطلق وزير المال علي حسن خليل قبل أشهر سلسلة إجراءات في المديريات العامة التابعة للوزارة. ومنذ ذلك الحين، باشر خليل اتخاذ قرارات واجراءات صارمة لضبط العمل في المديريات والإدارات. هذه الاجراءات شملت العديد من الدوائر وعلى رأسها تلك التابعة للشؤون العقارية والمساحة، وكان آخرها التحقيقات التي فتحت في المصالح التابعة للجمارك.

بعد أقل من 48 ساعة على اعطاء خليل الاذن الى النيابة العامة المالية بملاحقة موظفين في الجمارك برتب عالية لوجود شبهات بارتكابهم جرائم جزائية بغية اتخاذ الاجراءات القانونية في حقهم، استدعى المدعي العام المالي القاضي علي ابرهيم عدداً من المسؤولين الكبار في هذا الجهاز، وأبرزهم رئيس دائرة المستودعات الحالي في الجمارك بدري ضاهر والرئيس السابق للمستودعات ريمون خوري للاستماع إليهما في شأن شكاوى تتعلّق بوظيفتيهما. وكشفت معلومات عن إمكان استدعاء عدد آخر من الموظفين في الايام المقبلة للاستماع الى إفاداتهم في ما يتعلق بعدد من قضايا فساد حصلت في أروقة الجمارك. وبالفعل، أرسلت النيابة العامة المالية استدعاءات الى عدد منهم بوجوب الحضور أمامها في الايام المقبلة.
كذلك تشير المعلومات الى ان الوزارة طلبت من النيابة العامة المالية التحقيق مع عدد من مسؤولي الجمارك في “مطار رفيق الحريري الدولي”، وتحديداً مع بعض الذين تحوم حولهم شبهات بالاشتراك في عمليات استبدال بعض البضائع التي تصل الى المطار ببضائع أقل ترسيماً، اضافة الى شمول التحقيقات المشتبه بهم في قضايا تهريب الاجهزة الخليوية من لبنان واليه، ما يحرم خزينة الدولة، وبحسب مصادر في وزارة المال، أكثر من 10 ملايين دولار شهرياً.
وفي سياق متصل، تؤكد أوساط وزارة المال ان خليل يتابع شخصياً تفاصيل هذا القضايا، وتمت إحالت هذه الملفات على النيابة العامة المالية بعد أشهر من التحريات والتحقيقات والتقارير التي أعدتها الوزارة، وبعد حصولها على لوائح بأسماء افراد وعناصر وموظفين مشتركين في هذه العمليات المشبوهة، والتأكد من وجود تواطؤ ضمني في شبكة من العلاقات ضمن الجمارك. مع الاشارة الى ان الوزير خليل يسعى الى رفع عدد المراقبين والمفتشين في الجمارك، اذ ان العدد الحالي لا يوفر سوى 20% من الحاجة الفعلية لضبط المهربين. وتؤكد المصادر ان الايام المقبلة ستشهد تعديلات واسعة في بعض المواقع والمراكز التابعة للمديرية العامة في وزارة المال، وقد تشمل هذه الاجراءات مناقلات جديدة، اضافة الى إمكان الطلب من النيابة العامة المالية التحقيق مع بعض الأفراد للاشتباه في ضلوعهم بملفات فساد.

الحلول…
وضعت وزارة المال عدداً من الحلول تسعى الى انجازها بهدف تفعيل العمل المنتظم في الجمارك والدوائر العقارية وغيرها من المصالح التابعة للوزارة، مثل العمل على الربط الإلكتروني بين الجمارك والإدارة الضريبية لتفعيل ضبط الضرائب والرسوم الجمركية، وانشاء ربط مباشر بين نظامي الجمارك والضرائب في ما خصّ معلومات المكلفين وعمليات الاستيراد والتصدير والمخالفات والشوائب. من هنا تسعى وزارة المال الى خفض وجود اشخاص في دوائرها لإتمام معاملاتهم، وذلك عبر إطلاق مركز الاتصالات وتنظيم هيكليته بما يعزز العلاقات مع المكلّفين ويسهل أمورهم، اضافة الى لعب دور استباقي للتواصل معهم وتشجيعهم للإبلاغ عن المخالفات، اضافة الى إنشاء الشباك الموحّد الالكتروني للمكلفين وتقليص التعامل المباشر مع المواطنين. كذلك عملت على وضع خريطة الطريق للمعاملات الضريبية الإلكترونية التي تنقسم الى اجراءات فورية تمتدّ حتى تسعة اشهر، وثانية متوسطة الأمد تمتدّ حتى 18 شهراً، وثالثة طويلة الامد الى خمس سنوات. وقامت بتعزيز الرقابة على المراقبين عبر لجنة للرقابة الداخلية تتبع للوزير مباشرة وهدفها تعزيز الرقابة الداخلية، ومساءلة الموظفين ومحاسبتهم عند عدم قيامهم بمهماتهم وواجباتهم الوظيفية أو ارتكابهم مخالفات. كذلك تسعى الوزارة الى تفعيل دور الملاحظين على القيمة المضافة لتعزيز العلاقة مع المكلفين عبر توعيتهم وزيادة الالتزام الضريبي عبر اكتشاف غير الملتزمين وإداراتهم، وتقليص التهرّب الضريبي وزيادة الإيرادات، مع استحداث وحدة التدقيق الداخلي للأنظمة المعلوماتية تتبع مباشرة لمكتب الوزير وهدفها تحسين فعّالية ادارة المخاطر الرقابية.
منذ منتصف آذار الفائت، ثمة تعاون وضعت قواعده بين الوزير خليل ورئيس المجلس الاعلى للجمارك العميد نزار خليل والمدعي العام المالي القاضي علي ابرهيم الذي يعاونه سبعة قضاة من الاسماء المشهود لها، تساعدهم مجموعة من الموظفين يعملون بأسلوب شفاف بعيداً من التجاذبات السياسية. وفي هذا السياق، تحدثت المعلومات عن سلسلة اتصالات ترد الى إبرهيم من جهات سياسية في قوى 8 و14 آذار ومن خارجهما، تتدخل في التوسط لصاحب احد الملفات و”التخفيف” عنه ومساعدته، ولكن رد إبرهيم الدائم يكون بعبارة “ان شاء الله خير”، من دون السماح لأي شخص غير معني بالتدخل في التحقيقات. مع الاشارة الى ان التحقيقات التي تقوم بها النيابة العامة المالية قد تساهم في إعادة أكثر من 25 مليار ليرة الى خزينة الدولة في نهاية السنة الجارية.
الى ملف الجمارك، يضاف ملف الفساد والاهدار والسرقة في الشؤون العقارية. وفي هذا السياق، أصدر خليل في الاسابيع الاخيرة سلسلة قرارات طاولت عدداً من المسؤولين في أمانات السجل العقاري والمساحة، ألغى بموجبها تكليف عدد من رؤساء الدوائر وأحال عدداً من الموظفين على التفتيش المركزي. كذلك أحالت الوزارة أكثر من 60 موظفاً في الشؤون العقارية ومسؤولي المساحة الى التحقيق. وتؤكد المصادر ان المناقلات في الشؤون العقارية مستمرة في الايام المقبلة وستشمل موظفين في الفئة الاولى، كما ستستمر الزيارات المباغتة التي يقوم بها فريق الوزارة الى هذه المصالح لإعداد التقارير التي ترفع الى الوزير، على ان تتخذ القرارات المناسبة استناداً اليها.