أسكندر الديك
أظهرت دراسات صدرت بالترافق مع الاحتفالات في مختلف المناطق الألمانية لمناسبة مرور 25 سنة على توحيد ألمانيا، أن شرق ألمانيا لا يزال بعيداً من اللحاق بغربها على صعيدي الاقتصاد والإنتاج على رغم التقارب الحاصل في أكثر من جانب.
وأفاد معهد «إيفو» للبحوث الاقتصادية في ميونيخ بأن «الولايات الألمانية الشرقية لم تتمكن من اللحاق بنظيراتها الغربية، بل لن تتمكن من ذلك على الأرجح» على رغم الجهود الكبيرة التي بُذلت خلال ربع القرن الأخير وفقاً للدراسة.
ولفتت الدراسة إلى أن كل المؤشرات تُظهر أن اقتصاد الولايات الشرقية سيبقى متأخراً عن اقتصاد الولايات الغربية حتى بعد 25 سنة أخرى. وتتكون ألمانيا من 11 ولاية غربية تضم نحو 65 مليون شخص، وخمس ولايات شرقية تضم أقل من 16 مليوناً.
وأعلن نائب رئيس فرع المعهد في مدينة دريسدن الشرقية، يواخيم راغنيتس، أن التقارب في المستوى بين شرق ألمانيا وغربها في ما يخص معدل الناتج الاقتصادي «توقف عن الحراك منذ 20 سنة»، مضيفاً أن الناتج السنوي الخام للفرد في شرق البلاد تجمّد منذ العام 1995 على معدل 75 في المئة من متوسط الناتج السنوي للفرد الواحد في غربها. لكن الولايات الشرقية حققت تحسناً ملموساً في مكافحة البطالة العالية فيها، إذ هبط معدلها من 18 في المئة في المتوسط عام 1993 إلى 9.8 في المئة وسطياً في 2014، في مقابل 6 في المئة وسطياً في غرب البلاد.
صحيح أن الأجور في غرب ألمانيا لا تزال أعلى منها في شرقها، إلا أن الفارق تضاءل في شكل ملموس خلال السنوات الأخيرة، ما شجع كثراً من الشرقيين النازحين إلى الغرب للعودة من جديد إلى مدنهم وبلداتهم في الشرق.
ولفت راغنيتس إلى أن على المرء التخلي عن الفكرة الخيالية القائلة بضرورة العمل على مساواة الأوضاع المعيشية بين الجانبين. ولدعم وجهة نظره، أشار «إلى أسباب بنيوية يصعب تجاوزها في زمن قصير». وأضاف أنه يقصد بكلامه هذا «عدم وجود شركات إنتاجية كبيرة في شرق ألمانيا كما هو الأمر في غربها، وهو أمر لن يتحقق في المدى الزمني الملموس».
وأشار الخبير إلى وجود مراكز صاعدة متفرقة موجودة في كل من دريسدن ولايبزغ ويينا، ومحيط برلين فقط «تتمتع وحدها فعلياً بآفاق إيجابية».
ورأت دراسة ثانية نشرها معهد «برلين – إنستيتوت» عن السكان والنمو، أن الأوضاع الحياتية والمعيشية في غرب البلاد وشرقها تقاربت في كثير من الجوانب بعد ربع قرن على الوحدة، إنما من دون أن تتساوى كلياً وفي كل الولايات. ووصلت الدراسة بدورها إلى استنتاج مفاده بـ «أن التساوي الكامل المنشود قد لا يحصل أبداً بسبب الفروقات البنيوية بين الجانبين».
وفحص المعهد 25 جانباً وموضوعاً بدءاً بإنجاب الأطفال، والتعليم، والشروط البيئية المطلوبة فوجد «أن التقارب فيها أصبح كبيراً» وفقاً لمدير المعهد، راينر كلينغهولتس، الذي أوضح أن الفروق في مجالات أخرى مثل النمو السكاني والاقتصادي والزراعي، وحجم الملكية والإرث، لا تزال ظاهرة بوضوح للعيان، وكذلك في مسألة تقبل الهجرة واللاجئين حيث يصل القبول في غرب البلاد إلى 75 في المئة وفي شرقها إلى 50 في المئة فقط.
وعلى رغم إشارة الدراسة إلى أن الوحدة الألمانية «تشكل قصة نجاح مشترك لشطري البلد»، إلا أنها لفتت في الوقت ذاته «إلى أن الطريق إلى تحقيق التساوي في عدد من الجوانب بين الشطرين سيبقى طويلاً، وقد يكون في حاجة إلى جيل آخر». وأوضحت أن استطلاعاً جرى بين الألمان في الجانبين أظهر أن 50 في المئة منهم يقرون بوجود فروق في ما بينهم أكثر كثيراً من الأمور المشتركة».