كتبت ألين فرح في صحيفة “النهار”:
تسوية الترقيات العسكرية سقطت، وبالتالي الأزمة الحكومية مستمرة، ولا دعوة الى جلسة لمجلس الوزراء. بالنسبة الى الرابية “التسوية التي سوّقوا هم لها أصبحت خلفنا، والعماد ميشال عون أصلاً لم يطالب بتسوية، وهو لطالما طالب بحلّ قانوني، مشدداً على مبدأ التعيين، علماً أنه يعرف جيداً منذ البداية أنهم يماطلون كي نصل الى 15 تشرين الأول، تاريخ تسريح العميد شامل روكز. وبالتالي لا تفعيل لعمل الحكومة خارج الآلية المتفق عليها أي الاتفاق المرن وتحقيق الشراكة، ولا تشريع للضرورة”.
عون مرتاح في هذه الفترة، وكل ما يريده، وفق مصدر قريب منه هو “تحقيق الشراكة الفعلية ان كان على صعيد الرئاسة او قانون الانتخاب او التعيينات في المراكز القيادية، وخصوصاً أن ثمة قراراً بالاستمرار في عدم الاعتراف بأننا طرف أساسي في المعادلة الوطنية ونمثل فئة كبرى من اللبنانيين، وبالتالي هم لا يريدون تحقيق الشراكة الوطنية ولا يملكون الارادة لتصحيح الخلل في النظام السياسي على صعيد المؤسسات الدستورية ولا على صعيد الادارة”. ويشدد المصدر على “تكريس القواعد الدستورية لتصحيح الخلل في النظام على مستوى الشراكة، وكنا منفتحين على كل الخيارات لكن ليس على حساب الميثاق والدستور، لا لبنانياً ولا مسيحياً. وليتحمّل اليوم من يأخذ البلد الى هذا المسار مسؤوليته.
أما العميد روكز فسيحال على التقاعد في 15 تشرين الأول مرفوع الرأس والجبين، وهو في الاساس لم يطلب منصباً، وبعيد كل البعد من السياسة وزواريبها، وهو الملتزم القانون والمؤسسة العسكرية حتى آخر دقيقة، وينقل عنه انه كان مستاء من زج اسمه في المزايدات والبازارات السياسية، وتاريخه وبطولاته تشهد له”.
في الحوار المستمر لإمرار الوقت في انتظار حلول اقليمية، يستمر العماد عون الى الآن بالمشاركة فيه ممثلاً بالنائب ابرهيم كنعان، الذي أكد موقف الرابية داخل الحوار وخارجه، وهو الرفض المطلق للبازارات والصفقات والتسويات، والتشبث بقاعدتين ميثاقيتين لا يجوز لأحد تجاهلهما لأنهما تتعلقان بالدستور، أولاهما على صعيد الرئاسة أن تكون الصفة التمثيلية الوازنة بيئة الرئيس العتيد، والثانية تتعلق بقانون الانتخاب، أي المناصفة الفعلية، مشدداً على “أن الدستور نحترمه ولا نناقشه”، علماً ان مبدأ العودة الى الشعب لا يفارق العماد عون البتة، عبر انتخابات نيابية بعد إقرار قانون انتخاب جديد وفق القاعدة النسبية كما يطالب هو، وكذلك الحراك الشعبي، باعتبار ان هذا النظام في حاجة الى تجديد لشرعيته، كي تنبثق منها كل السلطات بما فيها الرئاسية.
حالياً اهتمام العماد عون في مكان آخر، وعيناه تصوّبان الى قصر بعبدا. فبعد اجتماع “تكتل التغيير والاصلاح” أول من أمس لم يتطرق عون الى جلسة الحوار ولا حتى الى موضوع الترقيات العسكرية، بل دعا الى المشاركة في تظاهرة يوم الاحد المقبل على طريق قصر بعبدا، مركّزاً على رمزية هذا التاريخ وتضحيات من سقط شهيداً، وخصوصاً من الجيش اللبناني. 25 عاماً على ذكرى 13 تشرين الأول 1990، “التاريخ الذي أزيح فيه العماد عون بقرار دولي وتنفيذ سوري ومواكبة وتصفيق لبنانيين”، على قول النائب سيمون أبي رميا لن يتكرر، “علماً ان اللاعبين والاسماء تغيرت لكن الوضع السياسي القائم حالياً شبيه بذاك التاريخ، أي محاولة عزل العماد عون وهضم الحقوق والمطالب وعدم تحقيق الشراكة. ومنذ ذاك التاريخ نعتبر اننا السباقون في موضوع المطالبة بالحرية والسيادة والاستقلال وتثبيتها، ودفعنا ثمنها غالياً جداً. لذا هذا العزل السياسي والعسكري لن نسمح بتكراره”.
من هنا أهمية هذه الذكرى برمزيتها التاريخية ومدلولاتها السياسية، “خصوصاً أن البعض اعتبر انها نهاية عون وتياره، لكنها كانت بدايتنا كحالة وطنية”، وفق النائب ابرهيم كنعان، الذي عوّل على هذه التظاهرة، معتبراً انها ستكون لقاء “مع شهدائنا ومع الاهداف السامية التي استشهدوا من أجلها، والتي تعلو فوق كل المصالح السياسية الصغيرة”. وأكد أن “من يملك هذا التاريخ وخرج من رحم هذه المأساة والتضحيات الكبرى لا تركعه تسويات ولا محاولات عزل”.