رنا سعرتي
أكد الخبير الاقتصادي مازن السويد ان خفض النظرة المستقبلية للبنان من «مستقرّة» الى «سلبية» يؤشر الى وجود احتمال نسبته 50 في المئة، لخفض تصنيف الديون السيادية للبنان في المراجعة المقبلة لوكالات التصنيف الائتماني العالمية.وأشار السويد الى ان وكالة «ستاندرد اند بورز» حددت الشروط التي يجب توفّرها من أجل تعديل النظرة المستقبلية السلبية التي حددتها للبنان مؤخرا، وهذه الشروط تتمثل أوّلاً بعودة النمو الاقتصادي.
وأوضح سويد لـ«الجمهورية» ان وكالات التصنيف العالمية تعتبر ان تراجع النمو الى صفر في المئة تقريباً وارتفاع عجز الموازنة، يشير الى ان نسبة الدين الى الناتج المحلي ستعاود الارتفاع، مما قد يخلق ضغوطات على القدرة التمويلية للدولة.
ورغم انه أكد ان نسبة النمو لم تتجاوز صفر في المئة هذا العام، شرح سويد ان قدرة لبنان التمويلية غير مرتبطة بالتصنيف، لسبب وحيد ان المصارف هي الجهة الرئيسية التي تموّل الدين العام، وتمتلك سيولة كبيرة، وهي على دراية بالمخاطر التي يمرّ بها لبنان أكثر من المستثمر الاجنبي، وبالتالي لن تطلب المصارف ارتفاعا في هامش الفائدة على السندات السيادية، في حال خفض التصنيف، «والدليل على ذلك ان معدل الفائدة على اصدار اليوروبوند المقبل سيكون 7 في المئة رغم تصنيف الـB-». ولفت الى ان غانا في المقابل، تحظى بتصنيف أفضل من لبنان عند BB-، قامت امس باصدار سندات يوروبوند بفائدة 10,75 في المئة.
وفي ظلّ تراجع التحويلات المالية من الخارج، ونمو ودائع المصارف بوتيرة أبطأ من السنوات الخمس السابقة، اعتبر سويد ان نسبة نمو الودائع او التحويلات ليست بأهمية حجم السيولة الضخمة التي يملكها القطاع المصرفي اللبناني والتي تبلغ 150 مليار دولار.
وبالتالي، اشار الى ان نسبة عجز المالية البالغ 4 مليار دولار، لا يشكل سوى 3,5 في المئة من حجم الودائع في القطاع المصرفي. وشرح ان الحدّ الادنى المطلوب لنمو الودائع هو 3,5 في المئة من أجل تمويل عجز الموازنة والحفاظ على حجم السيولة نفسه في القطاع المصرفي، لافتا الى ان نمو الودائع تراجع من 10 الى 8 في المئة وقد يبلغ هذا العام 6 في المئة. واعتبر انه رغم انخفاض معدل نمو الودائع، فانه ما زال ينمو بوتيرة أعلى من نمو الدين العام.
وشدّد سويد على ان الودائع المصرفية في لبنان «وفيّة» رغم الخضات الكبيرة التي مرّت بها البلاد في غضون 30 عاما، والتي لم تؤد الى انخفاض الودائع، أو هروب رؤوس الاموال، لا في زمن اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولا في حرب تموز وغيرها من الأزمات.
وقال: لم نكن أصلاً سويسرا في السابق وفجأة أصبحنا بلداً يعاني الأزمات والمشاكل. بالطبع تأثرنا بالظروف الاقليمية، والنتيجة كانت تراجع نمو الودائع، ولكن قدرتنا على الصمود لفترة طويلة ما زالت قائمة، بسبب ملاءة الجهاز المصرفي.
من جهة اخرى، وحول تعميم مصرف لبنان المرتقب والمتعلّق بتسنيد الديون وإمكان حسمها لدى مصرف لبنان، وإعادة تنظيمها وتغطيتها بعقارات ومساهمات، رأى سويد ان هذا الاجراء احترازي للمحافظة على ملاءة وسيولة وربحية المصارف وعلى عدم تأثرها بالقطاع الحقيقي، «لانه عندما يكون معدل النمو صفرا في المئة، من الطبيعي ان يتعثّر بعض الشركات ويتعرّض للمشاكل المالية».
ولفت الى ان هذه الاجراءات الاحترازية معتمدة حاليا من قبل السلطات النقدية والرقابية على المصارف في كل البلدان النامية، لحماية القطاعات المصرفية من تداعيات ما يجري في العالم من حروب او تراجع في اسعار النفط، او انخفاض النمو في الصين.