استبعد مصدر أمني مصري في حديث لـ”العرب” أن تقدم السلطات على حجب تطبيقات الاتصال على الإنترنت مثل فايبر وسكايب وفيسبوك ماسينجر، دون سند قانوني أو حكم قضائي، وقال إن الأمر يحتاج إلى تشريع قوانين تقضي بذلك.
ويغلي الشارع المصري منذ أيام بسبب تأكيد الكثيرين قيام السلطات بحجب جزئي لخدمات بعض تلك التطبيقات. وكشفت مصادر مسؤولة أن الحكومة تعتزم حجبها بالكامل، بحجة الخروقات الأمنية.
لكن مراقبين يقولون إن الدوافع قد تكون وقف الخسائر الكبيرة لشركات الاتصالات بعد أن تحول المصريون بشكل كبير إلى الاتصالات المجانية.
وتشير بعد التقديرات إلى أن المصريين يجرون ما يصل إلى 480 مليون دقيقة من الاتصالات مع الدول الأخرى شهريا، لكن حجم الاتصالات المدفوعة منها لا يتجاوز نسبة 0.01 بالمئة، مما يكشف حجم الأضرار التي ألحقتها تلك التطبيقات بشركات الاتصالات.
وأكد المصدر الأمني، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن حظر المكالمات الصوتية المجانية داخل مصر مستبعد تماما، لأن الحكومة تدرك أبعاد الثورة التكنولوجية، ومن العبث التصدي لها في ظل القدرة الفائقة على فك الشفرات، للبرامج المحظورة.
وكشف لـ”العرب” أن جهة أمنية رفيعة أعدت تقريرا لعرضه على القيادة السياسية، يفيد بأن التصدي للخروقات الأمنية وتقليل خسائر الشركات نتيجة تلك البرامج، لا يكمن في حجبها، بل في ابتكار وسائل جديدة للتصدي والمنافسة.
وقال خبراء في قطاع الاتصالات المصري أن الحظر لن يكون مجديا، لا سيما في ظل التقدم التكنولوجي الهائل الذي لا يمكن التصدي له بسهولة ، فضلا عن انعكاساته السياسية الخطيرة، والتي يمكن أن تؤثر سلبا على التوجهات المعلنة نحو تعزيز مناخ الحريات الشخصية.
وأكد عادل عبدالصادق الخبير في تكنولوجيا المعلومات بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن محاولات الحجب ليست جديدة في المنطقة، وهناك بعض الدول العربية متمرسة في هذا المجال.
وأضاف أن تلك المحاولات تأتي في إطار مواجهة الخسائر المتلاحقة على قطاع الاتصالات في مصر، وسط إقبال المستهلكين على استخدام هذه البرامج المجانية في عملية الاتصالات على نحو أثر سلبا على إيرادات قطاع الاتصالات.
وأضاف لـ”العرب” أن التأثير الثاني السلبي يتعلق بصعوبة السيطرة على هذه المكالمات أمنيا، ومتابعة ما يتم خلالها، خاصة أن الجماعات الإرهابية تحاول أن تستخدم هذه البرامج في تبادل معلوماتها عن العمليات التي تقوم بها، أو حتى في الجريمة المنظمة، وهو ما يمثل تحديا في تعقب هذه المجموعات.
وطالب أن تقوم الأجهزة الأمنية بمطالبة إدارة الشركات بفتح مكاتب لها في مصر، حتى تستطيع أن تطالبها بمتابعة الجماعات الإرهابية، وتقديم معلومات عنهم أو تحصيل ضرائب منها، بحيث تخضع لقانون الاستثمار الأجنبي.
وأشار عبدالصادق إلى أن هناك بعض الدول تحاول أن تلعب بورقة الحجب للضغط على هذه الشركات للاستجابة لمطالب الأجهزة الأمنية، داخل هذه الدول، أو البحث عن طريق ثالث للبحث عن إيرادات من هذه الشركات، وبرامج الاتصالات المجانية التي تحقق أرباحا طائلة سنويا ومحاولة فرض رسوم من المنبع للشركات متعددة الجنسيات، والعابرة للحدود والتي نجحت في السيطرة على قطاع الاتصالات.
وأكد أن عملية الحجب يمكن حدوثها من الناحية التقنية، كما يمكن استصدار حكم من القضاء الإداري للقيام بذلك. لكن فاعلية تلك الإجراءات لن تكون ذات جدوى، في ظل إمكانية التعاون مع الشركات مقدمة الخدمة، بما لا يعطي الفرصة للاصطدام، بل التفاوض لصعوبة الحجب التام، كما أن الشركات الدولية خارج الولاية القضائية لمصر.
وقد سرت شائعات هذا الأسبوع أن السلطات ستحجب تطبيقات واتسآب وفايبر سكايب وفيسبوك ماسينجر، لكن مسؤولين حكوميين وشركات المحمول، نفوا ما أثير حول حجب المكالمات، وأكدوا أنها شائعات، ولا يوجد ما يفيد أن هناك قرارا سوف يتم تطبيقه في المستقبل.
واستبق البعض عملية المنع وشرعوا في وضع حلول وبدائل للمكالمات الصوتية المجانية من خلال نشر اقتراحات باستخدام برنامج شبكة افتراضية، خاصة في.بي.أن على الموبايل أو أجهزة الكومبيوتر للاتصال بالإنترنت.
وقالوا إن فكرة البرنامج ببساطة تتعلق بتمكين المستخدم من الاتصال بالإنترنت بدرجة من الخصوصية تساعد على تجاوز الحجب والرقابة ومنع مقدم خدمة الإنترنت من معرفة أنشطة المستخدم وتشغيل البرامج التي تم منعها وزيارة المواقع المحجوبة، ﻷن نشاط المستخدم غير مرئي لمقدم خدمة الإنترنت. وأشاروا إلى أن استخدام بدائل متنوعة يقلل من جدوى وفعالية الحجب والمنع كحل، ويساعد المستخدم في التواصل مع الآخرين بدون اعتماده على برنامج وحل واحد.
وأكد خبراء اتصالات لـ”العرب” أن حجب مواقع المكالمات ليس جديدا على الوضع الراهن في المنطقة، لا سيما إذا أخذ بعين الاعتبار تطبيقات عالمية شهيرة محرمة على المستخدم العربي، أبرزها تطبيق فيستايم.
وأضافوا أن قاعدة المستخدمين الكبيرة أصبحت تشكل تهديدا كبيرا على أرباح شركات الاتصالات في المنطقة، في حين يرى آخرون أن العدد الهائل من المستخدمين والشعبية الكبيرة ستفرض على شركات الاتصالات إحداث تغييرات حقيقية والتأقلم مع وجود تلك البرامج.