في اعنف هجوم واكثره دموية في التاريخ التركي المعاصر، قتل 95 شخصا على الأقل في انفجارين يشتبه في أنهما انتحاريان أثناء مسيرة لناشطين موالين للأكراد ويساريين خارج محطة القطارات الرئيسية في أنقرة قبل أسابيع من انتخابات برلمانية حساسة ومفصلية في البلاد. وسارع الناشطون الاكراد الى تشبيه الهجوم بهجومي سروش وديار بكر متهمين الحزب الحاكم بالسعي الى تأجيج المشاعر القومية قبل الانتخابات.
وعند الساعة 10,04 بالتوقيت المحلي هز انفجاران قويان بفارق ثوان محيط محطة القطارات الرئيسية في انقرة حيث جاء الاف الناشطين من كل انحاء تركيا بدعوة من مختلف النقابات ومنظمات غير حكومية واحزاب اليسار للتجمع تنديدا بعودة الصراع المسلح بين الجيش التركي والمتمردين الاكراد.
وسرعان ما حول الانفجاران المنطقة الى ساحة حرب حيث كانت العديد من الجثث ممددة على الارض وسط لافتات “عمل، سلام وديموقراطية” ما ادى الى حالة من الهلع بين الموجودين.
وشاهد مراسلون في الموقع جثثا مغطاة بالأعلام والملصقات بما فيها أعلام حزب الشعوب الديمقراطي المعارض الموالي للأكراد فيما تناثرت بقع الدماء والأشلاء على الطريق.
وبحسب حصيلة أعلنتها رئاسة الوزراء التركية 95 شخصا على الاقل قتلوا، في حين أشار وزير الصحة محمد مؤذن اوغلو الى أنهاصيب 186 اخرون بجروح.
واوضح الوزير للصحافيين في انقرة ان 62 شخصا قتلوا في موقع التفجيرين وتوفي 24 لاحقا متاثرين بجروحهم في المستشفى.
من جهته ندد وزير الداخلية التركي سلامي ألتين أوق الذي كان الى جانب وزير الصحة “بعمل ارهابي يستهدف الدولة والديموقراطية والشعب” التركي مشيرا الى ان السلطات تجري تحقيقا لتحديد الجهة المنفذة.
واضاف انه لم يحصل “اهمال” من جانب قوات الامن اثر وقوع هذه الاعتداءات، التي تعتبر الاكثر دموية البلاد مؤكدا انه لن يقدم استقالته.
وندد الرئيس الاسلامي المحافظ رجب طيب اردوغان “بهجوم مشين ضد وحدتنا والسلام في بلادنا” متوعدا “باقوى رد” ضد منفذيه.
وتحدثت السلطات التركية بسرعة عن فرضية الاعتداء.
وقال مسؤول حكومي “نشتبه بوجود خيط ارهابي”.
“مذبحة” للاكراد
لكن زعيم حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش قال: “نواجه مذبحة كبيرة للغاية. هجوم وحشي وهجمي.” وشبه الهجوم بتفجير استهدف مسيرة للحزب بمدينة ديار بكر في جنوب شرق تركيا عشية الانتخابات الأخيرة في حزيران وتفجير انتحاري ألقي باللوم فيه على تنظيم “الدولة الإسلامية” في بلدة سروج قرب الحدود السورية في تموز وأدى إلى مقتل 33 شخصا معظمهم من الناشطين الشباب الموالين للأكراد.
ويرى بعض الناشطين أن للدولة يدا في الهجمات الثلاثة التي استهدفت مصالح كردية متهمين إردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم بالسعي لتأجيج المشاعر القومية وهو اتهام ينفيه قادة تركيا بشدة.
وقال طارق (21 عاما) وهو طالب جامعي كان على بعد أقل من 50 مترا من أحد الانفجارين اليوم “سروج وديار بكر والآن أنقرة. كلها أعمال القاتل إردوغان. سنهدم هذا القصر.”
وهتفت مجموعات من الناشطين كانت لا تزال موجودة في موقع الهجوم “إردوغان قاتل” و”حزب العدالة والتنمية القاتل سيحاسب”.
هدنة المقاتلين الأكراد
جاء هجوم السبت مع تزايد التوقعات بأن مقاتلي حزب العمال الكردستاني سيعلنون وقفا للنار من جانب واحد لتعود الهدنة التي انهارت في تموز. ورفضت الحكومة بالفعل التحرك المتوقع ووصفته بأنه مناورة انتخابية لتعزيز فرص حزب الشعوب الديمقراطي الذي ساعد نجاحه في انتخابات حزيران على حرمان حزب العدالة والتنمية الحاكم من الغالبية.
وبعد ساعات من هجوم أنقرة أعلن حزب العمال الكردستاني أنه أمر مقاتليه بوقف عملياتهم ما لم يتعرضوا لهجوم. ونقل موقع الفرات الإخباري عن الحزب إن مقاتليه سيتفادون أي أعمال من شأنها أن تعرقل إجراء انتخابات “عادلة ونزيهة” في الأول من تشرين الثاني.
تنديد دولي
وندد البيت الابيض بما وصفه اعتداء “ارهابيا مروعا” في العاصمة التركية.
وصرح الناطق باسم مجلس الامن القومي الاميركي نيد برايس : “الحقيقة ان هذا الهجوم الذي وقع قبل تجمع حاشد للسلام يؤكد الانحطاط الاخلاقي لاولئك الذين يقفون وراءه، وهو بمثابة تذكير جديد بضرورة مواجهة التحديات الامنية المشتركة في المنطقة”.
وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير “هذا الهجوم الإرهابي الوحشي على متظاهرين سلميين هو أيضا هجوم على العملية الديمقراطية في تركيا وأدينه بقوة.”
وفي اجواء من التوتر الشديد يؤججها النزاع الكردي والاستحقاق الانتخابي، دعت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الامنية فيديريكا موغيريني تركيا الى “البقاء موحدة”.
وقالت موغيريني في بيان مشترك مع المفوض المسؤول عن توسيع الاتحاد الاوروبي يوهانس هان، “على من جهته ندد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند “بهجوم ارهابي شنيع” فيما قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعازيه للرئيس التركي.