IMLebanon

“عون” يطرق اليوم أبواب القصر… الشاغر

michel-aoun

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

دار الزمن دورته، واذا بزعيم “التيار الوطني الحر” العماد ميشال عون يعود اليوم الى قصر بعبدا بعد ربع قرن على عملية 13 تشرين الاول 1990 التي أطاحته من المقر الرئاسي الذي كان دخله العام 1988 رئيساً لحكومة عسكرية انتقالية في أعقاب تعذُّر انتخاب خلَف للرئيس اللبناني آنذاك أمين الجميل.

اليوم، سيقف العماد عون على “أبواب” القصر الذي يعاني من فراغ رئاسي مستمرّ منذ 25 ايار 2014 ليعلن “الأمر لي في الرئاسة” ويرسم ملامح المرحلة المقبلة في لبنان، مستحضراً تجربة 13 تشرين الاول وشعار “يستطيع العالم ان يسحقني ولكن لن يحصل على توقيعي” وخلاصات عقدين ونصف عقد سيختزلها شعار “رح نبقى هون” وعِبَر 25 عاماً تختصرها مصادر “التيار الحر” لـ “الراي” بأنها بدأت “بكسْر إرادة الشعب بقرار دولي ليعيش البلد أعواماً بقوة احتلال وفساد وسطو على الحقوق، وسط محاولة البعض اليوم تكرار نهج الإلغاء او الإقصاء والاستئثار، الا ان الجواب سيأتي من حيث ظنّ كثيرون العام 1990 انها ستكون نهاية العماد عون، وسيرى الجميع ان الشعب ما زال على وعده ووفائه وان ساعة استرداد الحقوق باليد دقّت”.

وذكرى 13 تشرين الاول التي يحييها “التيار الحر” اليوم تحت شعار “صوتك بحرّر بيتك” تستفيد هذه السنة من “الهزيمة” التي مُني بها عون في ملف صهره العميد شامل روكز الذي خسر قبل نحو 3 أشهر معركة تعيينه قائداً للجيش ثم معركة إبقائه في المؤسسة العسكرية بعد إحالته على التقاعد (15 الجاري)، للتعبئة حول ملف رئاسة الجمهورية الذي يخوضه “الجنرال” تحت شعار “انا او لا رئيس”.

اليوم يطرق عون بوابة القصر الذي لم يخرج من بابه الرئيسي قبل ربع قرن بل على متن مصفحتين نقلتاه وعددا من معاونيه الى مقر السفارة الفرنسية بعد ساعات من إعلانه “الهزيمة” امام طائرات السوخوي السورية التي واكبت الهجوم العسكري الشامل على “الجنرال” الذي اعتُبر حينها “متمرداً على الشرعية” المنبثقة من اتفاق الطائف الذي أقر خريف 1989 (وانُتخب بموجبه رينيه معوض رئيساً قبل اغتياله وانتخاب الياس الهروي) ولم يعترف به عون بل ردّ عليه بإعلان مقر الرئاسة “قصراً للشعب” الذي ملأته تظاهرات شعبية غير مسبوقة تأييداً له مع تنظيم اعتصام دائم في الحدائق المجاورة للقصر.

وعشية هذه المحطة التي اكتسبت زخماً اضافياً مع إعلان تعيين العقيد الركن مارون القبياتي – خلفاً لروكز وسقوط كل مساعي ترقية الأخير الى رتبة لواء، اتّجهت الأنظار الى جانبيْن من التحرك العوني: الاول لوجستي وسط استكمال التيار امس استعداداته على الأرض حيث جرى نصب خيم في مكان الاحتفال الذي عُلم انه سيبدأ بصلاة عن راحة نفوس شهداء 13 تشرين الاول العسكريين قبل تلاوة كلمة لضبّاط متقاعدين ليطلّ عون على “شعب لبنان العظيم” كما درج على تسمية جمهوره بكلمة ختامية، على وقع ترقب ما اذا كان مناصرو عون سيلتزمون القرار الامني والعسكري بمنْع اي دخول للقصر الجمهوري الذي تعززت الإجراءات حوله مع المعلومات التي تحدثت عن قيام لواء الحرس الجمهوري باستدعاء وتحرير 3 سرايا من مهماتها وتفريغها للاضطلاع بواجباتها في حمايته.

اما الجانب الثاني فهو مضمون كلمة عون التي ستحدد مسار المشهد اللبناني ولا سيما مصير الحكومة وطاولة الحوار وحتى التشريع في البرلمان، وسط تقاطُع المعلومات عند ان “الجنرال” سيرفع السقف الى أعلى مستوى ولن تنجح محاولات “التبريد” التي عبّرت عنها تقارير تحدثت عن إمكان لجوء وزير الدفاع سمير مقبل قبل تاريخ الخميس المقبل الى إصدار قرار بتأجيل تسريح روكز، وهو ما يتم بناء على اقتراح من قيادة الجيش التي علمت “الراي” من مصادر مطلعة انها “لم تقترح ولن تقترح” شيئاً في هذا الإطار.

وعلى وقع رصْد مختلف القوى السياسية حجم الحشود الشعبية التي ستلبي نداء عون واذا كانت ستلامس الأعداد التي شاركت في تحرك 4 ايلول الماضي في وسط بيروت او ستفوقه، فان ثمة تسليماً من الجميع في لبنان بأن مرحلة ما بعد 11 و 15 تشرين الاول لن تكون كما قبلها بالنسبة الى زعيم “التيار الحر”، من دون ان يُعرف الى اي مدى سيلاقيه حلفاؤه في اي تحركات مقبلة في الشارع تبدو واردة. وقد حرصت مصادر رفيعة في “التيار الحر” على إبلاغ “الراي” ان “11 تشرين الاول هو موعد تأكيد اين هي الحيثية الشعبية ولمَن تدين بالزعامة”، موضحة “ان 15 تشرين الاول بات وراءنا، وغداً (اليوم) الشعب سيقول كلمته بأنه يريد إسقاط الانقلاب على الميثاق والدستور ويريد الانتخابات النيابية وفق قانون يعتمد النسبية”، مضيفة: “كما فاجأناهم في 4 ايلول سنفاجئهم أكثر، وانتظِروا 11 تشرين الاول وترقّبوا موقفاً مفصلياً ومحورياً بإزاء الطبقة الحاكِمة بالتسلط والتمديد”.

وذكّرت هذه المصادر بأن “ما سُمي تسوية الترقيات سقط وان العماد عون لم يطلب تسوية اصلاً، بل طالب بحل قانوني وشدد على مبدأ التعيين في كل المراكز الأمنية والعسكرية (وملء جميع الشواغر بما في ذلك المجلس العسكري) بدءاً من موقع قيادة الجيش الذي جرى التمديد به خلافا للدستور والقانون وبقرار من وزير الدفاع شكل اختزالاً لصلاحيات مجلس الوزراء”، لافتة الى “ان العماد عون ومنذ بدء الكلام عن التسوية رفع 3 لاءات، هي لا للمقايضة ولا للرشوة الوظيفية ولا لجوائز الترضية، والآخرون راحوا يطرحون البدع والاقتراحات – الخدع، علماً اننا كنا نعلم ان لا رغبة ولا نية بتلبية اي طلب للجنرال لان ثمة قراراً بمحاصرته وتهميشه ومحاولة إقصائه”.

وعن المرحلة المقبلة، اكدت مصادر “التيار الحر” لـ “الراي” ان الحكومة كانت توقفت عند مسألة التعيينات الأمنية، ومع عودة الامور الى نقطة الصفر فإننا أمام إصرار بديهي على هذا العنوان، مشيرة الى “اننا لا نقبل بأن تعمل الحكومة إلا بالتوافق المرن، بمعنى ان أيّ اعتراض لمكوّنين رئيسييْن على اي بند في جدول أعمال الجلسات يعني استبعاده، وأي رفض لمكونيْن رئيسيْن لأي قرار يعني عدم صدوره”.

وفي ما خص احتمالات انسحاب “التيار الحر” من طاولة الحوار التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، اوضحت المصادر نفسها “ان الرئيس بري بإرجائه الحوار الى 26 الجاري وكأنه يقول ان لا فائدة منه حتى إشعار آخر، وبإزاء العصف الفكري الذي شهدناه حول مواصفات الرئيس، نقول عندما يتفقون على المواصفات ليخبرونا”.

وهل يعني ذلك مقاطعة الجلسات المقبلة من الحوار؟ ردّت المصادر:”الجنرال عون سيعلن الموقف (اليوم)، وكل الوسائل لمجابهة الانقلاب الحاصل على الدستور والميثاق ومصادرة السلطة سنلجأ اليها، واذا كان عدم النزول الى الحوار يسرّع في اندثار هذه السلطة لا ننزل، واذا كان النزول هو الذي يؤدي الى هذا الهدف فعندها نشارك”.