IMLebanon

“تصعيد” هيئة التنسيق.. تصحيح لـ”الخلل” أم مجرّد وعودٍ؟

coordination-council
مارسيل محمد

لأكثر من 3 سنوات وهيئة التنسيق النقابية تدعو الى تظاهرات واعتصامات من أجل إقرار سلسلة الرتب والرواتب. ومع تسارع الأحداث في الشارع، وتراكم الصعوبات المعيشية والسياسية والأمنية، باتت الضغوطات أمام الهيئة أكبر، لجهة المحافظة على وحدة الصف الداخلي، وعلى صلابة خطوات العمل الهادفة الى تحقيق المطالب.
تمكنت الهيئة لفترة طويلة نسبياً من الحفاظ على “توازنها” وسط الألغام الكثيرة التي وضعتها أحزاب السلطة، التي عملت على تشويه سلسلة الرتب والرواتب من خلال التعديلات التي قامت بها لجنتا النائبين جورج عدوان وابراهيم كنعان، ومن خلال المماطلة في اقرار السلسلة لموظفي الدولة ولأساتذة القطاعين الرسمي والخاص، أسوة بالقضاة وأساتذة الجامعة اللبنانية.
التوازن لم يستمر طويلاً بسبب قرار المكاتب الحزبية في قطاع التعليم، وبخاصة التعليم الثانوي. فتم الالتفاف على رابطة اساتذة التعليم الثانوي وبسط السيطرة على مراكز القرار فيها، فضلاً عن الضغوطات المتواصلة على موظفي الادارات العامة في المناطق. والسيطرة على أبرز مكونات هيئة التنسيق جعل الشارع يبتعد عنها، وبالتالي، فإن قراراتها لم تعد سوى شعارات تًطلق في المؤتمرات الصحافية.

وبرغم التراجع الملموس في اداء الهيئة الا أنها مازالت تدعو الى التحركات المطالبة بالسلسلة، وهي بطبيعة الحال مطلب محق، لكن حتى الان لم تعترف مكونات الهيئة بالخلل التنظيمي الذي اصابها، والذي انعكس على صلابة تحركاتها. واللافت ان الهيئة تدعو الى التصعيد، وصولاً الى التلويح بالاضراب والعصيان الإداري داخل ادارات الدولة، لكن هل فعلاً هناك إمكانية لتنفيذ هذا التلويح؟
لا ترى عضو التيار النقابي المستقل بهية بعلبكي ان هناك فرصة حقيقية، لتنفيذ الهيئة لوعودها. وتشير بعلبكي لـ”المدن” الى ان “قيادات هيئة التنسيق اليوم، تعرف ان ما تقوله هو شعارات ذات سقف مرتفع، ولا امكانية لتحقيقها، برغم انها قابلة للتحقيق اذا تحررت الهيئة من املاءات المكاتب الحزبية”. وتلفت بعلبكي النظر، الى أنّ رفع السقف دون امكانية تحقيق المطالب، يسيء الى تحركات هيئة التنسيق منذ انطلاقتها، والى تاريخ النضال المطلبي، فضلاً عن المساهمة في زيادة الإحباط لدى الأساتذة والموظفين، في حين ان المطلوب تجميع الجهود لتحقيق المطالب”.
ووسّعت بعلبكي دائرة الانتقاد لتشمل كيفية التعاطي مع الشهادة الرسمية، اذ ان “التهاون في عرض المطالب والضغط على السلطة السياسية لإقرار السلسلة، أديا الى تنفيذ مخططات السلطة لضرب الشهادة الرسمية، في اطار العمل على ضرب التعليم الرسمي”. وقالت بعلبكي ان “اعطاء الافادة عوض اجراء الامتحانات، جعل الطلاب وذويهم يطرحون فكرة الافادات عند كل مفصل، إضافة الى “لمعمعة التي حصلت في عملية تصحيح الامتحانات هذا العام، والتي مازالت محط سجال حتى اليوم”.
هذا “الاستسهال”، تُسأل عنه وزارة التربية ورابطة التعليم الثانوي. والأخيرة، “مُحرجة” وفق بعلبكي، بسبب ضغوطات المكاتب الحزبية التي أعطت الضوء الأخضر لحصول كل ما يحصل اليوم. أما موقف التيار النقابي، فهو مؤيد لتنفيذ التهديدات بالعصيان وبالاضرابات، وسيكون التيار في مقدمة التحركات والاضرابات اذا ما نفذت الهيئة وعودها، وان لم تنفذها، فسيكون التيار في موقع المحاسب للهيئة.
من جهته، يؤكد رئيس رابطة موظفي الادارات العامة محمود حيدر، لـ “المدن”، على ان “هيئة التنسيق دائماً تعود الى قواعدها لمناقشة واقرار التحركات الصغيرة والكبيرة. وقبل اعلان التوجه الى الاضراب العام، عادت الهيئة الى القواعد لمناقشة امكانية التنفيذ وشكل الاضراب وطبيعته، خاضع للنقاش في المجالس. والروابط بدأت مناقشة هذه الامور، وستأخذ الهيئة في الـ20 من الشهر الجاري، القرار النهائي”.
ويشير حيدر الى ان “المطالبة بإقرار سلسلة الرتب على اساس نسبة التضخم 121% بات بحاجة الى تعديل، لأن نسبة التضخم وصلت اليوم الى 140% في ظل الحراك المدني وازدياد وتيرة القضايا الحياتية”. وهذا يزيد الضغط على الهيئة ويدفعها الى اتخاذ قرار التصعيد. وبرغم ذلك، يفضّل حيدر التريث قبل تبني قرار التصعيد بشكل نهائي ورسمي، لكن الباب يبقي مفتوحاً امام التخلي عن التريث، اذا ما بقي مجلس النواب معطلاً أو لم توضع السلسلة كبند أول على جدول اعماله اذا ما اجتمع.
ويعتبر حيدر أنّ الهيئة اعطت السياسيين فرصة في العام الماضي، ومضى العام الدراسي على خير ما يرام، وهذه المهلة كافية لحل الملف، مؤكداً أن الهيئة يجب ان تعود لأخذ زمام المبادرة والتحرك وصولاً الى التصعيد.

إرتفاع نبرة “التهديد” تضع الهيئة أمام امتحان تبدأ نتائجه بالظهور في العشرين من الشهر الحالي، وصولاً الى الرابع من الشهر المقبل، على ان “يُفتح باب التصعيد على مصراعيه بعد ذلك”، وفق ما أعلنته الهيئة. لكن الهيئة في هذه الحالة، “تورط” نفسها مرة أخرى في تقديم تبريرات واضحة للجمهور، ولـ “ابنائها” في حال أقفل باب التصعيد، بعد كلمة سر التدخلات السياسية التي فتكت في وقت سابق بالروابط والاتحادات العمالية. وفي جميع الاحوال، فإن الغد لناظره قريب، فإما ان تعود الهيئة الى شارعها الذي وثق بها منذ 3 سنوات، وإما ان تُعلن دخولها في دوامة الخطابات التي لا تقدّم ولا تؤخر في العمل المطلبي.