IMLebanon

جنبلاط: لا لغضّ الطرف عن القرف

 

walid-jumblatt

 

 

كتب صلاح تقي الدين في صحيفة “المستقبل”:

تؤكّد مصادر مواكبة ومعنية بالتطورات السياسية، أن البيان الأخير لرئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، يعبّر بوضوح عن «قرف من ممارسات بعض أركان السلطة السياسية، إلى جانب الفوضى والغوغائية التي ميّزت التظاهرات الأخيرة التي دعا إليها من يسمّون أنفسهم حراكا مدنيا، فلم يكن ما قاموا به يشير إلى أي مدنية يزعمون انتماءهم إليها».

وتشير المصادر لـ»المستقبل» الى أن «الانحدار في الخطاب والممارسات السياسية وصل إلى حد المجاهرة بالمسؤولية عن تعطيل عمل المؤسسات، وهذا غير مقبول ولا يمكن هضمه بسهولة، فلا يمكن أن تتحكّم المصالح الشخصية والأهواء الخاصة بحياة الناس كل الناس».

غير أن الحراك الشعبي الذي بدأ حضارياً في 29 آب الماضي، ولا يختلف اثنان على أحقية المطالب التي رفعها، تحوّل إلى استعراض وممارسات «غوغائية» وتخريب منظّم لأملاك خاصة وعامة في وسط بيروت تنفيساً عن «حقد دفين»، وهو ما دفع جنبلاط إلى التعبير عن إدانته لمن «أصبحوا يستسيغون تحطيم الأملاك العامة والخاصة ويعملون على التدمير المنهجي للإقتصاد والمؤسسات السياحية والتجارية« والتشديد على عدم قبوله بـ «جر البلاد إلى الفوضى العبثية«.

 

وشدّدت المصادر على أن جنبلاط الذي «قبل بإدانة نفسه كجزء من الطبقة السياسية المتهمة من قبل الحراك المدني بالمسؤولية عن ما آلت إليه البلاد، إلا أنه بالمقابل وضع في مقدّم أولوياته معالجة الأزمات المعيشية التي تغرق فيها البلاد وفي مقدّمها قنبلة النفايات الموقوتة التي طلب من وزير الزراعة أكرم شهيّب حملها بين يديه، لكننا نجد أن فريقاً سياسياً رئيسياً يجاهر بمسؤوليته عن التعطيل الذي سينعكس حتماً على إفشال خطة شهيّب لمعالجة النفايات، كما سيوصل البلاد إلى الفوضى التي يبدو أننا نسير إليها ولن نعرف كيف نخرج منها».

وتعتبر أن «المعروف عن جنبلاط قراءته للتحولات والمتغيرات بدقة متناهية، ونجح في تكييف نفسه مع الرياح كيفما هبّت، إلا أن مقابلته التلفزيونية الأخيرة تشي بصورة قاتمة عن المستقبل الذي ينتظر المنطقة وسينعكس على الداخل حتماً، ولذلك سعى وسيستمر في محاولة إقناع الجميع بأهمية عبور هذه المرحلة بأقل الخسائر الممكنة، لكن يداً واحدة لا تصفّق».

وفي حين أن المصادر لم تشأ الغوص في تفاصيل التطورات الاقليمية المعقّدة من اليمن إلى فلسطين المحتلة، وصولاً إلى التدخل الروسي في سوريا الأمر الذي زاد من تعقيدات هذه الأزمة، إلا أنها أشارت إلى أن «لبنان ليس جزيرة معزولة وهو سيتأثر من دون أدنى شك بالتطورات الاقليمية والمخططات التي ترسم للمنطقة، إلا أن ما يجب عدم تجاهلها والتهاون في التعامل معها هي الأزمة السياسية الداخلية التي يمر بها لبنان والتي يجب أن يكون الاهتمام منصباً على كيفية تجاوزها وعدم رهن البلد بأكلمه بما يجري في محيطه، والتركيز على ضرورة تفعيل عمل المؤسسات، وهذا الأمر لا يستوي إلا من خلال الشروع في أسرع وقت ممكن بانتخاب رئيس للجمهورية، ومعه يعود دور المجلس النيابي التشريعي حيث ينكبّ بصدق على وضع قانون جديد للانتخابات خلال الفترة المتبقية من ولايته الممدّدة، وتتشكّل حكومة جديدة تشرع في معالجة المسائل الحياتية الضرورية».

 

وتضيف «وفي حال لم يقتنع السياسيون بهذه التراتبية لحل الأزمة، فعليهم على الأقل القبول بالواقع وبوجود حكومة وتسهيل عملها بالحد الأدنى، والتواضع قليلاً والقبول بإحداث صدمة ضرورية لعودة قلب مجلس النواب إلى الخفقان ولو للقيام بما أسماه البعض تشريع الضرورة، لأن الاستمرار على هذه الحالة يعني أننا كمن يسير إلى الهاوية بقدميه، والهاوية قريبة وعندها لن ينفع الندم».

وتعود المصادر إلى التأكيد على المطالب المحقة للحراك المدني، غير أنها تشدّد على ضرورة أن «يقوم المسؤولون عن هذا الحراك بتنقية صفوفه والالتزام بكل ما تعنيه كلمة مدنية من معنى، فلا تحطيم واجهات المحلات التجارية، ولا اقتلاع إشارات السير ينمّ عن مدنية، وذلك لا يؤدي سوى إلى إعطاء صورة سيئة إلى الخارج، ونحن لسنا بحاجة إلى مزيد من التشويه لما هي عليه الحالة السياحية والاقتصادية في البلاد».

وأضافت «ان الامعان في هذه الممارسات التخريبية، والاعتراض والتظاهر ضد قيام الدولة بأبسط واجباتها في ملاحقة من يخلّون بالأمن ويعتدون على الأملاك العامة والخاصة، يشير إلى أن هناك بعض المجموعات في هذا الحراك، لا تريد سوى زعزعة الاستقرار الداخلي وإشاعة مناخات فوضى، تذكّرنا بمقولة الفوضى الخلاّقة، وهذا مرفوض من قبل غالبية اللبنانيين الذين دفعوا سابقاً أثماناً باهظة لمثل هذه الممارسات ولا يريدون العودة إليها».