IMLebanon

سلام: الحراك “طلعت ريحته”!

tamam-salam

 

اشار رئيس الحكومة تمام سلام الى إنه لا يتوقع عقد جلسة لمجلس الوزراء خلال الأيام القليلة المقبلة، لمتابعة ملف النفايات، مشيرا الى أن المعطيات الضرورية لبتّ هذا الملف وحسمه لم تكتمل بعد.

سلام، وفي حديث الى صحيفة “السفير”، قال: الجلسة ليست غرضاً بحد ذاته، ولا فشة خلق، بل نريدها منتجة ونقطة تحول في مسار معالجة أزمة النفايات، وهناك التزامات مالية وعقود وإجراءات واحتياجات تتعلق بالخطة يجب أن نبتّ بها، لكن للأسف فإن شروط انعقاد هذه الجلسة لم تنضج حتى الآن. وأوضح أن النقطة العالقة الأبرز هي مسألة إيجاد مطمر في البقاع، مشددا على أن التوازن ضروري والشراكة مطلوبة في مواجهة أزمة النفايات، ولا يجوز تحميل أهالي عكار كل شيء.

ولفت الى ان الانقسام السياسي الحاصل ينعكس سلبا على هيبة الدولة وبالتالي على آلية تطبيق خطة معالجة أزمة النفايات، منتقداً دلع بعض القوى السياسية التي لا تتحمل مسؤولياتها، فيما المطلوب اتخاذ قرارات جريئة وتحمّل تبعاتها.

وعما إذا كان يتوقع أن ينعكس تعثر تسوية الترقيات مزيدا من التعطيل والشلل على حكومته، أشار سلام الى ان البلد كله يدفع، ليس فقط ثمن تعثر هذه التسوية، بل يدفع ايضا ثمن صراع سياسي محتدم، لا هوادة فيه، حول شخص اسمه رئيس الجمهورية، ما يستدعي الإسراع في انتخابه للخروج من عنق الزجاجة.

وأوضح أنه أكد للمتحاورين أن الحكومة لن يبقى لها لزوم إذا استمر مجلس الوزراء عاجزاً عن الالتئام، مؤكدا أن موقفه هذا ليس للمزايدة أو للتحدي، “وأنا شخصيا أحاول أن أعطي كل الفرص للمعالجات، وأواظب على القيام بواجبي، في هذه المرحلة الحرجة، لكن يداً واحدة لا تصفق، ويجب على كل مكوّنات الحكومة أن تتجاوب معي، أما إذا كانوا لا يريدون بقاء الحكومة فعليهم أن يتحملوا تبعات هذا الخيار”.

 

وأكد انه لا يزال يتصرف بعناية شديدة ويتجنب اتخاذ أي موقف انفعالي، «لكن عندما أشعر بأن الأفق أصبح مسدوداً أمامي بالكامل، فعندها لكل حادث حديث»، منبّهاً الى أن النفايات السياسية أخطر من النفايات العضوية، لأنها أصل البلاء، ومنتقداً في هذا الإطار ما يحصل من تسابق على المصالح والمنافع والنفوذ والسلطة، لأهداف شخصية.

وتعليقاً على المسار الذي سلكه الحراك المدني مؤخراً، اعتبر سلام أن الحراك هو من حيث المبدأ مشروع وغضبه مشروع، إلا أن سلوك القيمين عليه حرفه عن وجهته الأصلية، داعياً هؤلاء الى عدم حصر بنك الأهداف بالسرايا الحكومية أو مقر مجلس النواب، وأن يوجهوا احتجاجاتهم في اتجاه القوى السياسية المسؤولة عن الأزمة وأن يُشهّروا بمن يعطل.

وتساءل: هل نحن أمام حراك مدني، أم حراك تخريبي وغوغائي ومشاغب كما اتضح من محطته الأخيرة في ساحة الشهداء؟ أين هي الثورة الناعمة؟ وهل الشتم والإهانة والتخريب والفوضى والاعتداء على رجال الأمن والأملاك العامة والخاصة تحقق الدولة المنشودة أم تهدم ما تبقى من دولة واستقرار؟ وهل البديل من السلطة الغاشمة والطغمة الحاكمة والنهج الطائفي وسياسة المحاصصة يكمن في هذا النموذج من الغوغائية والعبثية؟

واستغرب أن يرفض الممسكون بزمام الحراك الحوار مع الدولة، “علما أنني كنت أول من مد اليد اليهم”، محذرا من أن عدم الاعتراف بالآخر ورفض الحوار معه هو نهج إلغائي. وتابع: أنا حزين على الحراك لأنه يسيء الى نفسه، وأنا أدعوه الى مراجعة تجربته لاستخلاص العبر والدروس منها.

الى ذلك، نَقلت مصادر سلام لصحيفة “الجمهورية” عنه قوله: “لن أدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء مخصّصة للنفايات ما دام الغطاء السياسي لحلّ هذه الأزمة منقوصاً، فعلى كلّ القوى السياسية الممثّلة في الحكومة أن تجهد لمساعدتنا، ولا يكفي الدعم من بعيد، بل عليها التعاون وتقديم التسهيلات، كلّ في منطقتها، وعندما يصبح هذا الأمر ملموساً، بالإضافة إلى تقرير حول آليّة اعتماد المطامر باتّخاذ الإجراءات المرتبطة بها، سأدعو إلى جلسة طارئة فوراً حتى ولو كان في اليوم نفسه”.

وأضاف: “في ما خصّ جلسات مجلس الوزراء، فهي مرتبطة بنتائج الأجواء السياسية في البلاد وجلسات الحوار، وإذا لم تكن هناك جلسات سأصبح أكثر يقيناً عندئذٍ من أن لا جدوى من مجلس الوزراء، وهذا ما أبلغتُه إلى المتحاورين في الجلسة الحوارية الأخيرة”.

ويرى سلام، بحسب المصادر، أنّه إذا استمرّ النزاع السياسي على ما هو فإنّ البلد سيكون في خطر، وسيَعجزعن تسيير شؤون البلاد والعباد، إلى جانب عجزه عن انتخاب رئيس جمهورية. ولفتَ إلى أنّ “دعم المجتمع الدولي ومجموعة دعم لبنان لا يغدو كونه كلاماً لا يترجَم عملياً على الأرض.

وأكدت مصادر سلام أنّ “الحراك المدني ومن خلال سلوكه يضرّ نفسَه، والمفروض أن يطرح بدائل إيجابية فيها خيرٌ للبلاد، وإنّ مآخذه على السلطة ومعركتَه ضد الفساد ومطالبتَه بالكهرباء وبحلّ لمشكلة النفايات وغيرها، كلّها مطالب محقّة، لكن ما هي البدائل؟ هل هي الهدم والتخريب؟. إنّهم يطلقون دائماً شعارَ السلمية لكن لا نرى منهم إلّا العنف والتخريب، وفي هذه الحال لن تقف الدولة مكتوفة. الرئيس سلام قال منذ البداية إنّه معهم ومدَّ يده لهم، لكنّهم لا يريدون التعاطي مع أحد في الدولة، فكيف سيحلّون المشكلات؟. أطلقوا على أنفسهم مسمّيات “طلعت ريحتكم” و”بدنا نحاسب”، فأصبحنا نرى أنّهم هم “طلعت ريحتهم” ونريد محاسبتَهم على ما يفعلون. المفروض أن يكون حراكهم عفوياً ومعبّراً، لكنّه لم يعد بريئاً. الدولة أعطتهم فرصةً للتعبير لكنّهم تغاضوا عن تصويب الأمور وأسقطوا البدائل الجدّية. أحد الأمور التي كان يجب أن يركّزوا عليها هي الضغط لانتخاب رئيس، ولم نعد نسمع بهذا المطلب، فما هو المطلوب، الفوضى والفراغ؟ هل هذا هو مطلب الناس؟ لم نعُد أمام تعبيرعفوي منظّم وهادف، وعندما نرى أنّهم يطرحون بدائل منطقية فيها جدوى سنقف إلى جانبهم”.