يُقر الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين بأنّ جهوده لتأسيس “مركز نقابي ديموقراطي مستقل”، يمثل الطبقة العاملة بمختلف فئاتها ويكون إطاراً بديلاً للاتحاد العمالي العام، لا تزال في طورها الجنيني. ففي الفترة الماضية، أعاد الاتحاد النظر، بحسب رئيسه كاسترو عبد الله، بطرق وآليات عمله وأنظمته الداخلية وعلاقاته الداخلية والخارجية استناداً إلى المواثيق الدولية، ولا سيما شرعة حقوق الإنسان والاتفاقية الدولية الرقم 87 والإيمان بعدم التمييز بين عامل وآخر وذلك بعد نقاش في أكثر من ورشة عمل مع خبراء وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية.
وقد ترجم ذلك، في الانتخابات التي نظمها الاتحاد أمس، إذ سعى إلى توسيع المكتب التنفيذي ليضم 18 عضواً بدلاً من 12، وذلك عبر انتخاب ممثل عن كل من فرع الجنوب وفرع جبل لبنان والعاملين في القطاع العام، والزراعة، والصحة، والعمال المهاجرين والخدمة المنزلية.
إلاّ أن الاتحاد يدرك، بحسب ما جاء في الورقة الاقتصادية ـ الاجتماعية التي قدمها في مؤتمره أمس، بأنّه مطالب باستمرار التمسك بالاستقلالية عن السلطة والأحزاب السياسية والطائفية وأصحاب العمل.
ويقول إنّ تأسيس الإطار النقابي البديل يتطلب إجراء مراجعة نقدية لواقع النقابات العمالية الراهن وادخال تغيير في أفكارها وخطابها السائد، إضافة إلى تحديث بناها وهياكلها التنظيمية وبرامجها ووسائل عملها وطرق وأدوات ممارساتها النضالية، بما في ذلك تطوير اشكال التواصل مع جمهورها من الطبقة العاملة وعموم الأجراء والعديد من الفئات الاجتماعية، في سياق حملاتها المطلبية دفاعاً عن حقوقها المشروعة.
ينبغي، بحسب الاتحاد، انتاج خطة تحرك نقابية تندرج ضمن رؤية استراتيجية تتجاوز منطق الاكتفاء بسلسلة ردود الفعل الظرفية على أحوال متقلبة أو خارجة عن الإرادة، وتتضمن إلى جانب المطالب الملحة، أهدافاً طويلة المدى مرتبطة بتحقيق العدالة الاجتماعية وتغيير السياسات الاجتماعية والاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية للدولة.
تطلع الاتحاد إلى استقطاب مروحة واسعة من القوى العاملة وتنظيمها نقابياً ومن ضمنها: العمال والموظفون في القطاع الخاص المنظم ولا سيما أجراء المؤسسات الكبيرة والمتوسطة الحجم، والعمال والموظفون في القطاع الخاص غير المنظم الذي يفتقد لجانا نقابية تدافع عن حقوقهم المهدورة، وهم على الأغلب عاملون ضمن مؤسسات ميكروية وصغيرة الحجم أو بصفتهم عاملين لحسابهم من ذوي الدخل المحدود، وكذلك العاملون بصيغ شتى داخل القطاع العام، بما في ذلك المتعاقدون والمياومون والأجراء الموسميون والمتعاقدون على المشروع أو الانتاج، العاملات والعاملون في الخدمة المنزلية والمؤسسات، المزارعون الصغار والمتوسطون وجميع فئات العمال الزراعيين، والمتعطلون عن العمل.
وسيبادر الاطار النقابي الجديد، بحسب الاتحاد، إلى تأسيس وتطوير نقابات أو أطر نقابية في فروع النشاط الاقتصادي التي أفرزتها التحولات خلال العقود الثلاثة الماضية من ضمنها المجمعات التجارية الكبرى وشبكات التواصل والبرمجة والمعلومات والأنشطة الطارئةة في بعض فروع قطاع البناء والاعلام المرئي والمسموع وأنشطة الجمعيات غير الحكومية ومجالات القطاع الصحي والتأميني.
كذلك سيستهدف العمال غير اللبنانيين الذين بات عددهم يلامس عدد الأجراء اللبنانيين وسيعمل على فضح الخطاب الذي يحمل لغة عنصرية تجاه هؤلاء، كما سيستهدف مروحة واسعة من الفئات الاجتماعية المتنامية خارج العمل المأجور، نظراً لما يعتمل في صفوف هؤلاء من انتشار لبؤر الفقر والاستغلال الاجتماعي والعمل غير النظامي.
ومن التحديات التي تذكرها ورقة الاتحاد معالجة الضعف الشديد في حجم ونوع الموارد البشرية والمادية المعنية بالعمل النقابي، والنقص الفادح في اعمال التثقيف والتدريب العمالي والتوعية الحقوقية، الالتزام الفعلي بالتجديد التدريجي للكادر النقابي، وخصوصاً في صفوف الشباب وتعزيز التداول في توزيع المسؤوليات القيادية داخل النقابات، اعتماد التمثيل النسبي في تكوين الهيئات وخصوصاً على مستوى مواقع القرار، وتوسيع التحالف مع مختلف النقابات الديموقراطية المستقلة ذات القاعدة العمالية الواسعة.
الغلبة الذكورية على المنتسبين إلى النقابات ترتب على الاتحاد اعداد حملات توعية وتدريب للنساء والرجال على قضايا الجندر والمشاركة بفعالية في النقابات وتعزيز المهارات القيادية لديهن. وترى الورقة أن أي خيار نقابي بديل مطالب بالانفتاح على شبكات المجتمع المدني المحلية والعالمية، ولا سيما العاملة في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة ومكافحة الفقر والتصدي للسياسات النيوليبرالية التي تروجها منظمة التجارة العالمية.