عقدت ندوة في كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية- الفرع الاول في طرابلس حول “ادارة النفايات في مدن الفيحاء: بين الواقع والمرتجى”، بدعوة من قسم الهندسة المدنية في الكلية، حاضر فيها رئيس قسم البيئة والصحة في كلية الصحة في الجامعة اللبنانية رئيس لجنة البيئة في مجلس بلدية طرابلس الدكتور المهندس جلال حلواني، في حضور اساتذة القسم وطلاب السنوات الثالثة والرابعة والخامسة.
وإستهلت الندوة بترحيب من رئيسة قسم الهندسة المدنية في كلية الهندسة الدكتورة ربى دالاتي التي أشارت إلى التعميم الصادر عن رئاسة الجامعة اللبنانية بضرورة فرز النفايات في كل كليات الجامعة اللبنانية وفروعها قبل ان تقوم شركات جمع النفايات بتسلمها. ثم وزعت كتيبا في إطار حملة التوعية لفرز النفايات، تضمن إرشادات حول أنواع النفايات المنزلية الصلبة ومخاطر سوء إدارة النفايات وطرق الجمع والنقل والفرز والمواد التي يمكن إعادة تدويرها، إضافة إلى التسبيخ والطمر الصحي وقواعد النظافة العامة.
ثم تحدث حلواني عن ادارة النفايات في طرابلس، فذكر بداية ان اتحاد بلديات الفيحاء “اعتمد مشاركة القطاع الخاص في ادارة النفايات، وان كنس وتنظيف الطرقات ونزع الملصقات وجمع ونقل النفايات أمور تقوم بها شركة (لافاجيت) تحت اشراف البلديات، وان طمر النفايات وادارة المكب تقوم به شركة (باتكو) تحت اشراف مجلس الانماء والاعمار”.
وعدد “مهام شركة (لافاجيت) وفقا للعقد ومنها: رفع النفايات من المستوعبات وترحيلها إلى المكب، كنس وتنظيف الطرق من النفايات آليا أو يدويا أو بالطريقتين معا، لم النفايات المبعثرة على الطرق ولا سيما المرمية من قبل المشاة، جمع النفايات من سلل المهملات، رفع الردميات والصلبيات الملقاة على جوانب الشوارع أو على الأرصفة، رفع دواليب الكاوتشوك التي ترمى أو تلقى على حافة الطرق ونقلها إلى موقع محدد من قبل الاتحاد، شطف الأسواق ومحيط الأماكن الأثرية والدينية، إضافة إلى تنظيف وتعقيم المستوعبات وسلل المهملات بالمواد المطهرة، نزع الملصقات عن كل جدران الأبنية الخاصة والعامة المطلة على الطرق، كذلك نزع اليافطات والصور وكل أنواع الإعلانات التي تعلق على الأشجار والأعمدة الكهربائية غير القانونية وصيانة الآليات والمعدات، وتصنيع، تركيب وصيانة سلل المهملات، وتوزيع وصيانة المستوعبات”.
وشرح كيف تتم عملية جمع النفايات وترحيلها وعملية كنس الطرق وتنظيفها، وما هي الآليات والمستوعبات المستعملة في المهمتين. ثم قدم شرحا مستفيضا عن “عوائق في المدينة: التعدي على الارصفة والشوارع من قبل المحلات وانتشار المقاهي العشوائية على الارصفة وكثرة بائعي القهوة المتجولين، مواقف انتظار الباصات والسرفيس على الطرق الرئيسية، السيارات القديمة المهجورة والمكسرة على الطرق، وجود بؤر مهجورة في املاك خاصة ومولدات كهرباء على الطرق مع تسرب مازوت وانبعاث دخان اسود، رمي مخلفات المحلات وخاصة الورق المقوى (الكرتون) على الأرض بشكل عشوائي، مخلفات بسطات عصير الليمون والجزر، رمي مخلفات ورش البناء عشوائيا، محلات الخضار لا تلتزم برمي النفايات في المستوعب وخاصة فى الاسواق وكورنيش نهر ابو علي، تواجد الأبقار الشاردة على الطرق وقرب المستوعبات وخاصة في القبة وابي سمراء، رمي المخلفات من قبل السائقين، رمي النفايات من الشرفات بشكل عشوائي”.
وأشار إلى “قيام البعض بنبش المستوعبات في الطرق واخذ انواع من النفايات غير العضوية (كرتون، بلاستيك، حديد، قماش..)، وجود بعض الطرق غير المعبدة ومن دون إنارة، سحب العديد من المستوعبات من بعض الطرق لدواع أمنية ورفض بعض اصحاب المحلات والمباني السكنية وضع مستوعبات في حيهم، رمي النفايات من خارج الإتحاد من قبل شركات خاصة في مناطق الضم والفرز، نواطير البنايات لا يلتزمون بمواعيد رمي النفايات كما أنهم يرمونها بشكل عشوائي، قلة عدد مستوعبات النفايات وسلل المهملات بسبب الاهتراء والحرق، قيام أصحاب المحلات التجارية بتنظيف محلاتهم يوميا صباحا ورمي النفايات خارج المحلات على الأرصفة والطرق، رمي أكياس نفايات داخل سلل الارصفة، كما هناك مشاكل بحرق هذه السلل من قبل المواطنين الذين يضعون السجائر المشتعلة داخل السلل، قيام بائعي العربات المتجولة برمي بقايا الخضار والفاكهة في الطرق”.
وبعدما عرض صورا توضح المشاكل الانفة الذكر، انتقل الى الجزء الثاني من المحاضرة، فتناول واقع المكب العشوائي المراقب التابع لاتحاد بلديات الفيحاء، فشرح آلية العمل فيه وفقا للعقد مع شركة باتكو والذي يتلخص بفلش النفايات وتغطيتها بالتراب، جمع العصارة ومعالجتها، وتجميع البيوغاز وحرقه، مع عرض صور وافلام.
وقال: “ان 90% من النفايات التي تطمر في مكب النفايات، هي منزلية، والباقي ناتج عن كنس الشوارع وبقايا المسالخ والدواجن ونفايات مصنفة صناعية وزراعية. وإن كمية النفايات التي تم إدخالها إلى المكب من العام 2000 الى العام 2015، هي بمعدل يومي 280 طنا من سنة 2000 الى 2004، وارتفع الى 320 طنا من سنة 2005 الى 2009 وبلغ 350 طنا خلال الفترة من سنة 2010 الى 2014 مع الاشارة الى سنة 2015 حيث زاد المعدل اليومي الى 400 طنا”.
وعن مصادر هذه النفايات، قال: “انها بالاساس من مدن اتحاد بلديات الفيحاء (طرابلس، الميناء، البداوي والقلمون)، اضافة الى المنتجعات البحرية في رأس مسقا ومخيم البارد”.
وعن ارتفاع أعلى نقطة في المكب، قال حلواني انه “في سنة 2000 عندما تم تأهيل المكب بعد الكارثة التي شهدها المكب كان ارتفاعه حوالي 16 مترا ووصل الى 23 مترا سنة 2010 والى 30 مترا سنة 2013 وهو الحد الاقصى المسموح به هندسيا ووصل الارتفاع بداية الشهر الحالي إلى 33 مترا”.
وعن العصارة (LIXIVIAT – LEACHATE)، أوضح ان الشركة المشغلة “كانت تعالج حوالي 30% من الكمية الناتجة عن المكب بواسطة محطة متخصصة، وان هذه المحطة متوقفة عن العمل منذ حوالي سنتين، وبالتالي فان كل العصارة تنساب الى البحر مباشرة او عن طريق نهر ابو علي”.
اما عن تجميع الغاز الحيوي (Biogaz) ومعالجته، فشرح ان المحرقة “متوقف العمل بها منذ سنة 2013، وبالتالي فان الغاز المتولد يتوزع عشوائيا في هواء المكب سواء مباشرة او عن طريق شبكة الانابيب، وان هناك امكانية حدوث حرائق وخاصة اذا كان اشخاص يدخنون في حرم المكب”.
ولخص الواقع الحالي للمكب بانه “قنبلة موقوتة يمكن ان تنفجر باية لحظة، وان جبل النفايات في المكب قد وصل الى حده الأعلى المسموح به فنيا ولم يعد يستوعب المزيد من النفايات، وهناك احتمال حدوث انهيارات اذا كان هناك امطار غزيرة او رياح عاتية”.
ودق حلواني ناقوس الخطر مؤكدا “انه يجب ايجاد حل في اسرع وقت قبل حدوث كوارث”، وذكر انه تقدم بمشروع متكامل الى مجلس اتحاد بلديات الفيحاء لانشاء مركز جديد لادارة النفايات يحل مشكلة النفايات لمدة 25 سنة قابلة للتمديد 25 سنة اخرى، على ان يتم معالجة المكب الحالي وتحويله الى حديقة عامة. ولم يشأ حلواني الدخول بتفاصيل المقترح المقدم لان المشروع هو حاليا قيد الدرس لدى اعضاء المجلس”، واعدا باعطاء كل الشروحات والتفاصيل بعد اقراره.
وطالب ب”انتهاج سياسة جديدة في ادارة النفايات في لبنان بشكل عام وفي طرابلس بشكل خاص، تعتمد المبادئ التالية: تربية الجيل الجديد وتوعية المواطنين حول موضوع النفايات، مشاركة المجتمع المدني والمؤسسات التربوية في انشطة التوعية، تخفيف حجم النفايات من المصدر، فرز النفايات من المصدر، تشجيع التدوير واعادة الاستعمال للنفايات غير العضوية، فرض غرامات على المخالفين لشروط النظافة العامة، جمع نوعي دوري للنفايات (ورق، حديد، بلاستيك..) وتشجيع الصناعات التدويرية ومنحها حوافز مالية، تشجيع مشاريع انتاج الطاقة من النفايات waste to energy، تشجيع المبادرات الفردية والجماعية في الاحياء والمؤسسات التربوية والصناعية والتجارية”.
كما طالب حلواني ب”احترام القوانين الصحية والبيئية وخصوصا تلك المتعلقة بالنظافة العامة، وبوضع حد للتعديات وللاعمال المخالفة للقوانين والتي تؤدي الى انتشار للنفايات على الارصفة وفي الشوارع، والتأسيس لنظام جديد لجمع النفايات في الاسواق والمناطق السكنية”.
وأعقب ذلك حوار حول القضايا التي جرى طرحها وتركزت على مشكلة النفايات في طرابلس وكيفية الخروج منها. ثم سلمت دالاتي درعا تكريمية لحلواني.