عزة الحاج حسن
برغم كل المساعي لدفع الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، إحدى أكبر المؤسسات الإجتماعية الضامنة في البلد الى الإستمرارية، واستناداً الى قاعدة التوازن بين التقديمات والإشتراكات، رب سؤال يطرح نفسه، كيف يمكن لمؤسسة تغطي صحياً نحو 1.7 مليون مواطن لبناني أي نحو ثلث الشعب اللبناني، أن تستمر في ظل تراكم ديون الدولة المستحقة إليها نحو 1019 مليار حتى نهاية العام 2013 والمُرتقب وصولها الى نحو 1600 مليار ليرة حتى نهاية العام الجاري، في مقابل نقص يقارب 52% من مجمل الكادر البشري؟
المدير العام للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي محمد كركي يشرح في حديث لـ”المدن” هيكلية الضمان المالية والبشرية:
ما هي آخر النتائج المالية الصادرة عن مؤسسة الضمان الإجتماعي؟
النتائج المالية للعام 2013 كانت مقبولة، لاسيما أن فرع المرض والامومة حقق وفراً بحدود 58 مليار ليرة، وفرع التعويضات العائلية حقق وفراً بنحو 30 مليار ليرة كما حقق فرع نهاية الخدمة فائضاً كبيراً بحدود 823 مليار.
هذه النتائج المالية أتت إيجابية نظراً الى عوامل عديدة، أولها انعكاس الحد الادنى للأجور التي طرأت عام 2012 والتي ترجمت عام 2013، وزيادة السقف الخاضع للاشتراكات في فرع المرض والأمومة من مليون ونصف المليون الى المليونين ونصف المليون (وهي السنة الاولى التي تحقق فائضاً تأثراً برفع سقف الاشتراكات) والذي تم رفعه بهدف تأمين زيادة التعرفات الاستشفائية، هذا كان سببا أساسياً لتحقيق فائضا، والسبب الثالث هو زيادة مدفوعات الدولة اللبنانية تقريباً 250 مليار في العام 2013، لهذا السبب نعتبر الوضع المالي لقطع حساب 2013 كان مقبولاً، ولا ننسى المبالغ المأخوذة من فرع نهاية الخدمة التي نؤمن بها فرعي التعويضات العائلية والمرض والأمومة التي بلغت قرابة 797 مليار في 31-12-2013 وهي أقل من ديوننا على الدولة اللبنانية التي تبلغ نحو 1019 مليار حتى نهاية العام 2013.
وماذا عن مالية الأعوام 2014 و 2015؟
كنتائج أولية للعام 2014 ومع الاسف فالآية ستنعكس ولن يكون هناك أي فائض مالي، لأن الدولة لم تسدد أي مبالغ للضمان الإجتماعي منذ مطلع العام 2014 وحتى اليوم، و من المعلوم أن الدولة هي المساهم الاكبر بالضمان لأنها تدفع نسبة 25% من التقديمات، وعندما تتأخر الدولة بالدفع يقع العجز مباشرة أما عندما تلتزم بالدفع يقع الفائض بشكل واضح، اي ان التأثير يكون مباشراً.
والنتيجة ان مالية الضمان للعام 2014 من المرجح ان تكون سلبية الا في حال التزمت الدولة ودفعت متوجباتها قبل نهاية العام 2015 وقسم من الديون المستحقة عليها، أما في حال لم تدفع الدولة شيئاً فان ديوننا ستبلغ على الدولة نحو 1600 مليار ليرة حتى نهاية العام 2015، وبالتالي هناك ضرورة للإسراع بالدفع.
يعمل الضمان اليوم بنحو 48% فقط من موارده البشرية، ما الأسباب التي دفعت الى تفريغه من موارده البشرية؟
السبب الاساس في أزمة الموارد البشرية هو مع الاسف إخضاع الضمان الاجتماعي الى مباريات مجلس الخدمة المدنية، منذ العام 2004، أي أنه يحتاج الى موافقة مسبقة من مجلس الوزراء ومن ثم اجراء مباراة في مجلس الخدمة المدنية لسد نقص بشري ما، وهذا ما يأخذ وقتاً طويلاً.
في مقابل ذلك هناك بعض المكاتب تشكو من عجز كبير بمواردها البشرية لاسيما في الشمال ومنها طرابلس فالاوضاع اصبحت شبه مأساوية، وايضا مكاتب مثل شكا وبدارو والدورة والبترون وأميون وحلبا وبشري فالاوضاع ليست افضل من طرابلس وهي تشكو أيضاً من عجز وتأخير في انجاز المعاملات، ولا يمكن حل هذه الأزمة إلا في إجراء مباريات مناطقية اي مباراة على القضاء وليس مركزية.
وقد شكّل الضمان لجنة لمسح احتياجات المناطق التي تشكو من عجز بشري وخرجنا بنتيجة أننا بحاجة الى توظيف نحو 210 أشخاص من خلال مجلس الخدمة المدنية لكامل المناطق اللبنانية.
أين أصبح مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية؟ وما مصيره؟
مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية أُرسل الى مجلس النواب للدرس منذ العام 2005 وللأسف لم تتم مناقشته وإقراره لعدة معوقات وهو من اهم المشاريع الاجتماعية في لبنان، ونظرا الى التأخير الحاصل في المشروع طرحنا مع نهاية العام 2012 أن نسير بمشروع الضمان الصحي مدى الحياة على ان يتم في ما بعد العمل على راتب تقاعدي مدى الحياة عندما يتم التوافق عليه.
أما سبب عرقلة مشروع الراتب التقاعدي، فيعود الى اختلاف في وجهات النظر بين الأفرقاء السياسيين، والعقدة الاساسية هي مدى استقلالية المؤسسة التي يجب ان تدير القطاع، وطبعاً الضمان طرح ان تكون ادارة الضمان راعية مشروع التقاعد كما تعويض نهاية الخدمة، ولكن هناك من يطالب بمؤسسة مستقلة لإدارة مشروع التقاعد، لذلك تأخر المشروع وتم اجتزاؤه والسير بجزء من مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية وهو الضمان مدى الحياة وليس راتب مدى الحياة.
نظراً الى المطالبات الراهنة، هل سيعمل الضمان على توسيع مظلة الحماية الاجتماعية؟
في موضوع زيادة الشرائح المضمونة، فالضمان يعمل على ضم المعالجين الفيزيائيين وقد بات ضمها قريباً جداً، والمنطق يقول ان اي شريحة يمكنها تسديد اشتراكات الضمان يمكنها الإنضمام اليه، من هنا نعمل على ادخال كل شريحة يمكنها تسديد متوجباتها المالية للضمان.
وفي ما يتعلق بزيادة التقديمات فهناك بعض التقديمات أقرت حديثاً مثل القلب الاصطناعي وزراعة صمام القلب من دون عملية قلب مفتوح، ونحن نعمل على زيادة كل ما هو ضروري للعلاج، لكن في ما يتعلق بطب الاسنان، (وهو مشروع متوقف منذ العام 2001) فالعناية بطب الأسنان تحتاج الى دراسة مالية لمعرفة كيفية التغطية وكذلك الأمر بالنسبة الى تعزيز الموارد البشرية بما يتناسب مع زيادة التقديمات، لاسيما أن الضمان عاجز بشرياً في ظل التقديمات الحالية فكيف يمكن أن يكون الوضع في حال توسعت دائرة التقديمات في ظل النقص البشري الحاصل.
اذا نحتاج الى دراسة مالية تمنحنا التمويل اللازم للتقديمات الجديدة والاحتياجات البشرية، وعلى ضوء الدراسة الاكتوارية المنتظر اتمامها في الضمان يمكننا ان نقرر بشأن شمل طبابة الاسنان أم لا، أي باختصار لا يمكن توسيع مظلة التقديمات ما لم تتوفر التغطية المالية، إن من رفع الاشتراكات أو بزيادة مساهمة الدولة للضمان.