رأت اوساط مطلعة في حديث لصحيفة “الراي” الكويتية ان “النائب ميشال عون أطلق من خلال إحكامه الطوق على الحكومة وهجومه العنيف على تيار “المستقبل” والرئيس فؤاد السنيورة الذي وصفه بـ “أخو الشليتة” كما على الرئيس السابق ميشال سليمان و”حزب الكتائب” باعتبارهم المسؤولين عن إفشال تسوية قائد فوج المغاوير، إشارات بارزة الى ان تحرُّره من عبء هذا الملف سيجعله يركّز معركته على الرئاسة، متفلّتاً من الضوابط التي راعاها في فترة المفاوضات، ومراهناً على العامل الروسي في الأزمة السورية وعلى سواعد حليفه (حزب الله) في الداخل، بعدما كان استنهض رافعته الشعبية قبل ايام”. علماً ان عون وصف ايضاً مَن مدّد لقائد الجيش بأنه “كاذب وسعدان جاهل”، معتبراً ان وزير الدفاع سمير مقبل “لقيط في السياسة”.
وبهذا المعنى، ترى الأوساط المطلعة ان “لبنان تَقدّم خطوة جديدة الى حافة الهاوية، من خلال إعطاء جرعة اضافية للعبة التعطيل دون الوقوع في الفراغ القاتل، ولكن مع إحداث ربْط نزاع مع مرحلة أشد خطورة” عبّر عنها عون بكلامه عن “اننا مزروكين في حالة استثنائية، فلا يمكن الانسحاب من الحكومة، باعتبار اننا لا نستطيع ايقافها لأنها تحلّ مكان رئيس الجمهورية، لكننا نستطيع ان نعطّل بعض الأمور، والموضوع نفسه يتعلق بمجلس النواب”، ملمحاً إلى “اننا قد نصل إلى مرحلة الانسحاب سواء من الحكومة أو من المجلس النيابي، لكن عندها ستتغير العلاقة على الأرض، وقد نصل إلى صدام ونحنا مقاتلين مش قلال”، ومهدّداً بأن “الشيطان في داخلي سيصحو يوماً ما ولا أعرف ماذا سيفعل”.
وفي حين تعتبر هذه الأوساط ان “المنحى التصعيدي في لبنان محكوم في النتيجة، أقله حتى الساعة، بالقرار الدولي المستمر بمنْع انهيار الواقع السياسي والأمني ولو من زاوية الحاجة العالمية الى احتواء أزمة النازحين السوريين الذين يستقبل لبنان العدد الأكبر منهم”، فإنها تعبّر عن مخاوف من ان “استمرار الرقص على الحافة يمكن ان يجعل الأمور تفلت من أيدي الجميع ولا سيما وسط عودة المخاوف من استهدافات أمنية خلال أيام عاشوراء او بعدها”.
وانطلاقاً من هذا الواقع المشحون، وفيما توقفت اوساط سياسية عند إشادة عون بالنائب وليد جنبلاط، فقد اكتسبت زيارة الأخير للمملكة العربية السعودية أهمية كبيرة في سياق استكشاف التحولات في المنطقة وتأثير الدخول الروسي على الأزمة السورية ومختلف الملفات الساخنة كما على الوضع اللبناني المقفل.
إلى ذلك، اعتبرت مصادر مطلعة في قوى “8 اذار” لـ”الشرق الأوسط” أن مواقف النائب ميشال عون الأخيرة “مفهومة ومنتظرة، وخصوصا أنه تعرض للخداع أكثر من مرة في الأشهر الماضية وقرر أخيرًا قلب الطاولة على خصومه الذين سعى جاهدًا للتقرب منهم والحوار معهم فردوا على ذلك بالصفعة تلو الأخرى”.
وفي حين ربط مراقبون “التصعيد العوني” برهان عون على تغيير في موازين القوى بعد التدخل الروسي في سوريا، ردّت المصادر في حديث لصحيفة ”الشرق الأوسط” بأن هذا التصعيد لـ”شعور النائب عون بالانتماء إلى محور يحقق الانتصارات، ولاقتناعه أنّه وللمرة الأولى منذ 25 سنة أن المسيحيين قادرون اليوم على تعطيل البلد في حال لم يأخذوا حقوقهم”.
وأضافت: “أما تهديده الوضع الأمني فيندرج بإطار التهويل وهو من أصول اللعبة، باعتبار أن من يمتلك القوة اليوم غير راغب بالعبث بالأمن، وبالمقابل من يريد ذلك لا يمتلك القوة”.
وشدّدت المصادر على أن الدخول الروسي إلى سوريا “حجة إضافية لتمديد مرحلة الاستقرار الأمني في لبنان، لأن غرفة العمليات حاليًا موجودة في سوريا وليست في بيروت، والأطراف الأساسية مشغولة بالعملية المستمرة هناك”.