لا ينفك المزارع العكاري يراهن على موسم الزيتون والزيت الذي يعتبر من المواسم المهمة الذي ينتظره من عام الى عام، لأنه يمكّنه من الصمود في ظل اشتداد الازمة الاقتصادية الاجتماعية التي ترخي بظلالها على كاهل العكاريين، هذا من ناحيةـ ومن ناحية أخرى نظراً لأن شجرة الزيتون العريقة عنوان لصمود المزارع العكاري وتشبثه بأرضه وبالتالي فإن الكثير من الرهانات تقع على هذه الشجرة التي تعتبر رمزاً للفلاح العكاري الفقير وعلى الاقتصاد العكاري، بحيث تنتشر هذه الزراعة على وجه العموم في اكثر من منطقة عكاريةـ ما يعني ان اي انتكاسات سلبية قد تصيب هذه الزراعة، سيكون لها تداعيات على مئات العائلات العكارية التي تعتاش منها، ذلك أن المساحات المزروعة في المنطقة تتجاوز المئة وعشرين ألف هكتار، مزروعة بأكثر من مليوني شجرة ، وفق احصاءات غير رسمية قامت بها جمعيات وتعاونيات زراعية متخصصة، في المنطقة.
واقع قطاع الزيتون في عكار، يترنح تحت وطأة الازمات المتراكمة من عام الى عام وخصوصاً في السنوات الخمس الماضية، وفق ما يقوله جابر نصر، أحد كبار مزارعي الزيتون وبيع الزيت ومشتقاته في عكار. ويضيف نصر لـ “المدن” ان التقلبات المناخية التي تساعد على انتشار الامراض والفطريات كعين الطاووس والعناكب زادت وضع القطاع سوءاً، وانتشارها يستدعي مكافحة فعلية وبالتالي اهدار مبالغ طائلة، تزيد من كلفة الانتاج، ما يؤدي الى ارهاق المزارع الذي لا يستطيع التخلص من ديونه المتراكمة. يضيف نصر أن المشكلة الثانية التي تواجه القطاع في عكار، تكمن في المنافسة ودخول كميات من الزيت الاجنبي الى السوق اللبنانية بطرق مختلفة سواء جراء الاتفاقيات الاقتصادية مع دول الاخرى أو عدم مراعاة الرزنامة الزراعية باعتبار أن انتاج الزيتون وقطافه في لبنان كما في دول عربية مجاورة، يتم في نفس الوقت أي بين منتصف تشرين الاول ومنتصف تشرين الثاني، وذلك للإستفادة من زخات المطر، التي تساهم أولاً بتغذية الثمرة وثانياً بتنظيف الاشجار من الغبار المتراكم والذي يساعد على القطاف السهل.
في السياق نفسه، يصف نصر الموسم الحالي بالجيد والمقبول، وقد تحسن بنسبة 55% قياساً مع الموسم الفائت الذي تراوح انتاجه بين 30 و40%. ويشير الى ان المزارعين يراهنون على أن تقوم الدولة هذا العام بشراء موسم الزيت في اطار خطة لدعم المزارع واتخاذ اجراءات حماية مؤقتة لضبط السوق ومساعدة المزارع على التصريف الجيدـ مع التذكير على اهمية اتخاذ تدابير وقرارات عند النقاط الحدودية البرية لضبط السوق ورهاننا على أن تقوم الدولة بايجاد مستهلكين للزيت اللبناني الذي لا حاجة للكلام عن جودته ونوعيته التي تنافس الزيت الاسباني والايطالي.
من جهة اخرى، فإن تحسن الانتاج مقارنة مع العام الماضي، أبقى على سعر تنكة الزيت مرتفعة، وقد لامست الـ 200 الف ليرة. وتؤكد معاصر الزيتون العكارية، التي يقارب عددها الـ 70 معصرة، على ان هذا السعر مرشح للإرتفاع اذا ما تم توقيف ادخال الزيت السوري الى الاسواق اللبنانية، بصورة غير شرعية. وعملية تهريب الزيت السوري، تقلق اصحاب المعاصر، وفق ما يقوله لـ “المدن” أحد أصحاب معاصر الزيت، أكرم الرفاعي، الذي يشير الى ان اصحاب المعاصر يتطلعون الى “قرارات من قبل وزارة الزراعة بحماية الانتاج وحماية الزيت اللبناني عبر دعم المزارع المنتج بالدرجة الاولى وحماية المؤسسات المسجلة لدى غرف التجارة والصناعة والزراعة واعفائها أو التخفيف من اعبائها الضريبية لتتكامل العملية الانتاجية، ونستطيع بشكل أو بآخر دفع الانتاج لتصديره الى رحاب السوق الخليجية والاوروبية، عبر برامج مؤسسة “ايدال” حيث من المنتظر أن تفعل دورها في هذه الزراعة المنافسة التي هي عنوان ورمز للاقتصاد الزراعي العكاري”.