IMLebanon

طرابلس: لماذا التأخير في افتتاح مستشفى «أورانج ناسو»؟

HospitalTripoli
غسان ريفي
ما يزال مستشفى «أورانج ناسو» الحكومي في طرابلس ينتظر قرارا رسميا بافتتاحه، لتفعيل عمله وتطوير خدماته وتقديماته الصحية، بعدما خضع على مدار 13 سنة لعمليات ترميم وتأهيل متواصلة، جعلت منه مستشفى بمواصفات طبية متكاملة وعالية الجودة، قادرا على تخفيف الفاتورة الصحية عن كاهل المواطنين الفقراء وذوي الدخل المحدود.
يعتبر مستشفى «أورانج ناسو»، المستشفى الحكومي التخصصي الوحيد في لبنان، كونه يقدم خدمات طبية محصورة فقط بالتوليد، والاعتناء بحديثي الولادة والجراحات المتعلقة بهم، وغسيل الكلى، كما حصلت إدارة المستشفى على ترخيص لافتتاح أقسام الصور الشعاعية والمختبر، ووقعت أكثر من اتفاقية تعاون مع جمعية العزم والسعادة ومؤسسة الصفدي من أجل المزيد من التحديث والتطوير.
كل ذلك لم يشفع لهذا المستشفى باتخاذ قرار بافتتاحه رسميا، والعمل وفق الإمكانيات والقدرات الطبية الكبيرة التي يختزنها، حيث يقتصر عمله الحالي على غسل الكلى فقط، وهو يستقبل 65 مريضا يغسلون ثلاث مرات في الاسبوع، وفق سقف مالي يبلغ مليارا و200 مليون ليرة وهو لا يكفي لتغطية نفقات قسم غسيل الكلى، في حين أن المستشفى يحتاج بعد افتتاحه الى سقف مالي أقله أربعة مليارات ليرة، يستطيع من خلاله تشغيل قسم الولادة بـ40 سريرا، وقسم حديثي الولادة بثمانية أسرّة، إضافة الى غسيل الكلى، فضلا عن توظيف 30 شخصا من الكوادر الطبية والتمريضية والادارية والخدماتية، وهذا يخوله أيضا عقد اتفاقات مع المؤسسات الرسمية الضامنة التي تخفف من الأعباء المالية عن المستشفى. هذا الواقع دفع المجتمع المدني في طرابلس الى تشكيل لجنة أصدقاء مستشفى «أورانج ناسو»، وذلك بهدف متابعة أوضاعه والضغط على الدولة عموما ووزارة الصحة خاصة من أجل رفع سقفه المالي ومباشرة العمل فيه، ليتمكن من القيام بالمهام الطبية المنوطة به.
وفي هذا الاطار، يتجه المجتمع المدني الذي فتح ملف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في طرابلس، ونفذ أكثر من اعتصام احتجاجي أمامه، للضغط على إدارته المركزية من أجل ملء الشواغر لتفعيل عمله، الى التوجه نحو مستشفى «أورانج ناسو» كخطوة احتجاجية ثانية على حرمان أبناء طرابلس والشمال من الخدمات الطبية الكبيرة القادر على تأمينها. في العام 2003 أصدرت الحكومة قرارا بتشكيل مجلس إدارة لمستشفى «أورانج ناسو» الحكومي برئاسة الدكتور أحمد المغربي، وذلك بعد صدور مراسيم تحويل المستشفيات الحكومية الى مؤسسات عامة مع مجالس إدارة لتفعيل إنتاجيتها.
وقد تسلم مجلس الادارة في تلك الحقبة مستشفى خاليا من كل المقومات، سواء من حيث البناء المتصدع، أو على صعيد التجهيزات والمعدات المطابقة للمواصفات الطبية، وقد باشر بعملية تطوير شاملة اصطدمت حينا بضعف الإمكانيات، وأحيانا بالروتين الاداري القاتل، فامتدت فترة التأهيل والتطوير من عام واحد كما كان مفترضا الى 13 عاما، استهلت بمبلغ 500 مليون ليرة من الدولة اللبنانية للتشغيل المبدئي، فيما كان العمل في المستشفى أشبه بالمهمة المستحيلة، لكن الادارة تجاوزت الصعوبات وقامت بتشغيل عشرة أسرة للولادة (بمعدل 200 حالة في الشهر) مع الاستمرار باستقبال مرضى غسيل الكلى، وذلك لحين بدء عمليات التأهيل الكبرى في العام 2009 حيث قدمت المملكة العربية السعودية مبلغ ثلاثة ملايين دولار لتأهيل وتجهيز قسم غسيل الكلى، وتأهيل 40 سريرا للولادة، ثم قدم الصندوق الكويتي مبلغ مليون و200 ألف دولار لتجهيز المستشفى بالآلات والمعدات الطبية الحديثة، ومن ثم قدمت حكومة الصين تجهيز المستشفى بقسم الأشعة والمختبر وكامل الأثاث والفرش، بما يعادل مبلغ ثلاثة ملايين دولار.
ومع هذه التقديمات أصبح المستشفى جاهزا على صعيد البناء والأثاث والمعدات واللوازم الطبية الكاملة، ولا يحتاج إلا الى قرار لافتتاحه ومباشرة عمله كأي مستشفى حكومي آخر على الأراضي اللبنانية، لكن هذا القرار ما يزال في علم الغيب لأسباب مجهولة.
وتشير مصادر إدارية في المستشفى الى أنه جرى تحويل هذا الصرح من شاهد كغيره على مخلفات الحرب اللبنانية، الى أول مستشفى حكومي تخصصي في لبنان بما ينسجم مع التوجهات الطبية العالمية للمستشفيات التخصصية، ما يجعل منه مستشفى نموذجيا إذا أرادت وزارة الصحة ذلك، لما يتضمنه من إمكانات تخصصية تعليمية وإدارية قادرة على تخفيف الفاتورة الاستشفائية عن كاهل الفقراء، مع حصولهم على أفضل النتائج.
وتقول هذه المصادر لـ «السفير»: نحن جاهزون اليوم لافتتاح جميع الأقسام، ولقد رسمنا خريطة الطريق والاستراتيجية لعمل هذا المستشفى، وما نحتاجه فقط هو قرار بالافتتاح ورفع السقف المالي بما تقتضيه حاجة المستشفى، وذلك لتأمين حسن سير العمل واستقبال المرضى، خصوصا أنه لا يجوز أن يكون المستشفى مجهزا بكل ما يلزم، وحاضرا لتقديم خدماته الطبية منذ العام 2014 وبعد صرف نحو ثمانية ملايين دولار على تأهيله وتجهيزه، ويبقى عاطلا من العمل لأسباب نجهلها.