IMLebanon

الرحلات السياحية من لبنان إلى تركيا سبيل آمن و”شرعي” للهجرة

boat

يقصد المئات من الركاب يوميًا مرفأ طرابلس في شمال لبنان، حيث تنتظرهم سفن سياحية تتجه إلى الشاطئ التركي. لكن رحلات الاستجمام هذه تشكل بالنسبة لكثير من السوريين الذين يشاركون فيها وسيلة للهروب من الحرب المستمرة في بلادهم. وتكاد الرحلات العائدة إلى طرابلس تخلوا من السياح باستثناء بعض اللبنانيين.

في المرفأ الصغير، يقول أبو يحيى الآتي من دمشق برفقة زوجته وطفليه وإلى جانبه ثلاث حقائب كبيرة، لدى سؤاله عن وجهته: “أنا ذاهب إلى تركيا في رحلة عائلية وسأزور أقربائي ومن ثم أعود إلى لبنان فسوريا”.

ولا يعد السوريون الذين يختارون مرفأ طرابلس في شمال لبنان للسفر منه مهاجرين غير شرعيين، باعتبار أنهم يحملون أوراقهم الثبوتية وجوازات سفرهم، ولا يريدون سوى الوصول إلى تركيا التي لا تفرض على السوريين واللبنانيين الحصول على تأشيرات لدخول أراضيها.

وأثار كلام أبو يحيى المقتضب استهزاء مجموعة من الشبان القادمين من حمص، ويقول أحدهم واسمه طارق بانفعال “نعيش في سوريا في ظروف ممتازة، مما يتيح لنا السفر للسياحة، ومن ثم العودة إلى بلدنا”.

ويضيف طارق: “نحن هنا لأننا نريد أن نأخذ طريق التهريب إلى أوروبا”. ويضيف بحزم: “قد يخشى البعض ذكر هذا الأمر، أما أنا فلا أخشى أي شيء، سأذهب إلى اليونان ولا يوجد ما أخاف منه أو عليه”. ويقاطعه شاب آخر قائلا: “باتت الهجرة هدف معظم السوريين، ونحن ادخرنا الأموال لذلك”، مضيفًا: “رغم أننا نعلم أن الطريق سيكون صعبًا، لكنه يبقى أسهل من الموت الذي نعيشه في بلدنا”.

وانطلقت الرحلات السياحية من مرفأ طرابلس إلى تركيا عام 2010، أي قبل عام من بدء الأزمة السورية، وفيما كان جدول الرحلات يقتصر على اثنتين أسبوعيا، ارتفع العدد خلال العام الحالي إلى أربع رحلات يوميا، وفق الأمن العام اللبناني.

من جانبه، يقول مدير مرفأ طرابلس أحمد تامر: “في شهر (آب) وحده، كان لدينا 28 ألف مسافر، غالبيتهم من السوريين، مقابل 54 ألف مسافر طوال عام 2014”. وساهم إغلاق معبر كسب عند الحدود التركية – السورية عام 2014 في زيادة عدد المسافرين عبر مرفأ طرابلس، إذ يختار سكان الساحل السوري لبنان ممرا لهم بين بلدهم وتركيا. وعند مدخل المرفأ، يمكن رؤية سيارات تحمل لوحات تسجيل عليها أسماء مدن سوري’، بينها اللاذقية وطرطوس.

وبحسب إحصاءات المديرية العامة للأمن العام اللبناني، “يغادر إلى تركيا يوميًا ما يقارب الألف راكب غالبيتهم من الجنسية السورية، وهم يشكلون أكثر من تسعين في المائة من حركة السفر عبر المرفأ ويكونون قادمين مباشرة من الحدود اللبنانية السورية”.

ومع تشديد القوى الأمنية اللبنانية إجراءاتها إثر مصادرتها عددًا من جوازات السفر المزورة، يمضي الركاب ساعات طويلة في انتظار ركوب السفينة المغادرة. وغالبًا ما تحمل النساء أطفالهن الأصغر سنًا أو تجرهن في عربات، فيما يحمل الأكبر سنًا حقيبة ظهر، ويقفون في صف طويل والتعب باد على وجوههم.

وتكلف الرحلة من طرابلس إلى تاشوجو في جنوب تركيا، ومدتها 13 ساعة، 170 دولارا للشخص الواحد، مقابل 270 دولارا للراغب بالذهاب إلى مرفأ مرسين في سبع ساعات فقط. ويوضح أحد الركاب العائدين من تركيا أن السفينة تضم أربعين غرفة، يشغلها السياح اللبنانيون فيما “ينام السوريون على سطح السفينة وعلى كراس بلاستيكية” موزعة في أنحائها. ويضيف: “كل ما يفعله السوريون هو تبادل الحديث حول مستقبلهم والحياة في ألمانيا”.

وفور وصولهم إلى ميناء مرسين أو تاشوجو على الساحل التركي، يبدأ المسافرون السوريون كما فعل الآلاف قبلهم، البحث عن الوسيلة الأنسب والأسرع لنقلهم إلى أوروبا غير آبهين بالمخاطر أو المبالغ الطائلة المتوجب عليهم دفعها للمهربين.

ويوضح عماد، وهو شاب سوري، أنه دفع مبلغ 1400 دولار مقابل هذه الرحلة. ويقول: “ذاهب إلى تركيا مع عائلتي، وبعدها لا أحد يعلم سوى الله”.

ويضيف: “ليس الوقت للسياحة الآن”.

وكان مسؤول في الاتحاد الأوروبي قد توقع، في نهاية (أيلول)، أن يكون لبنان “مصدر موجة اللجوء الثانية” إلى أوروبا. وبعيدًا عن الرحلات السياحية، يختار البعض طريق التهريب عبر المتوسط رغم الإجراءات الأمنية المشددة.

وبهذا الصدد، أكد مصدر أمني لبناني أن المهربين يحتالون على اللاجئين إذ “يأخذون أموالهم ويطلبون منهم التجمع في مكان معين لنقلهم في قارب عبر البحر، ولكن لا يأتي أحد لملاقاتهم ليكتشفوا تعرضهم لعملية نصب”. وبهدف تفادي الرقابة الأمنية على الشواطئ، يزعم مهربون آخرون أنهم يقومون برحلة سياحية إلى “إحدى الجزر مقابل شاطئ طرابلس”.

وغادرت أم محمد – مجبرة – منزلها في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوب دمشق، آملة في أن تصل إلى اليونان مع أطفالها. لكنها لم تستطع تأمين أربعة آلاف دولار التي طلبها المهرب منها. وتقول: “أحسد العائلات التي نجحت بالذهاب إلى ألمانيا، سأحاول من جديد”.