يستمر الاقتصاد، بكل قطاعاته الأساسية في تقديم الأداء الأسوأ له منذ العام 2010، ودائماً بتأثير مباشر من الوضع السياسي الداخلي المعطّل لعمل ولإنتاجية المؤسسات، ومن تطورات الوضع الإقليمي المأزوم، والمفتوح على كل الاحتمالات.
ولا يبدو أن الفترة المتبقية من العام 2015 يمكن الرهان عليها لتعويض بعض الخسائر، حيث أن المؤشرات السياسية لا تدعو إلى التفاؤل، لا سيما لناحية انتخاب رئيس للبلاد خلال هذه الفترة أو إعادة الإنتاجية إلى مؤسستي المجلس النيابي ومجلس الوزراء، ناهيك عن أن الوضع الإقليمي يؤشر إلى مزيد من التطورات السلبية على المديين المنظور والمتوسط.
في غضون ذلك، حذّر رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصّار من المخاطر الاقتصادية المتفاقمة نتيجة الوضع السياسي، محذراً من موجة إقفال على مستوى المؤسسات ومن صرف للعمال، ما سيؤدي إلى خلل خطير في البنية الاجتماعية.
ويرى القصّار أن أزمة الاقتصاد لن تحلّ إلا باستقامة الأمور على مستوى المؤسسات الدستورية، وأن باب العبور الإلزامي لحل هذه الأزمات يبدأ من بوابة انتخاب رئيس للبلاد.
وكما القصّار، فإن قيادات اقتصادية أخرى، وخبراء ومراكز دراسات يتخوفون من شتاء حار على مستوى السياسة والاقتصاد في آن معاً، وذلك بتأثير مباشر من التطورات السريعة الدراماتيكية الحاصلة في المقلب الإقليمي، وتحديداً على الساحة السورية. ويرى هؤلاء أن على لبنان إذا أراد تجنّب هذا الشتاء الحار عليه الذهاب فوراً باتجاه تحصين الساحة السياسية الداخلية من خلال انتخاب رئيس جديد للبلاد وتفعيل إنتاجية السلطتين التشريعية والتنفيذية.
ونقل التقرير الاقتصادي الأسبوعي الصادر عن مجموعة بنك «الاعتماد اللبناني»، الصادر يوم أمس الأول، جملة من المؤشرات والإحصاءات الخاصة بلبنان من أبرزها:
إن إجمالي المساعدات التقنية للبنان قد بلغ 24.5 عامل أسبوعي خلال السنة المالية 2015، مقارنة بـ216.5 عامل أسبوعي لمنطقة الشرق الأوسط بأكملها. وقد حظيت المساعدات المخصصة لإدارة «الإيرادات» بحصة الأسد من إجمالي المساعدات التقنية للبنان (36.73 في المئة) تبعتها تلك المخصصة للإدارة المالية في القطاع العام (26.53 في المئة)، والمساعدات المخصصة للإحصاءات (22.45 في المئة).
واحتل لبنان المركز السادس في لائحة الجهات المستفيدة من المساعدات الممنوحة من «ميتاك» بحيث بلغت حصته 11.32 في المئة من إجمالي المساعدات الممنوحة لمنطقة الشرق الأوسط.
وأصدرت مؤسسة «فرايزر أنستيتيوت» تقريرها السنوي للعام 2015 حول الحرية الاقتصادية في العالم. فسجل لبنان نتيجة 7.0 في مؤشر الحرية الاقتصادية للعام 2013، مقارنة مع نتيجة 7.6 في العام 2012، ليحل بذلك في المرتبة 76 في العالم. وقد أشار التقرير إلى أن أداء لبنان في معظم مكوّنات مؤشر الحرية الاقتصادية قد شهد تراجعاً في العام 2013، بحيث سجّل نتيجة 8.2 في فئة «حجم الدولة» و4.0 في مؤشر «الهيكلية القانونية وضمان حقوق الملكية»، و6.2 في معيار «القوانين والأنظمة التي ترعى الائتمان واليد العاملة والشركات».
ووفقاً لتقرير الفصل الثاني من العام 2015 الذي أعدته مؤسسة «إس أند بي كابيتال آي كيو» حول الأدوات ذات المدخول الثابت في العالم، انخفض هامش مقايضة الائتمان الاقتراضي لديون لبنان السيادية ذات استحقاق خمس سنوات بنسبة 11.7 في المئة خلال الفصل الثاني من العام 2015 إلى 358 نقطة أساس كما في نهاية شهر حزيران من 4.3 نقطة أساس في نهاية شهر آذار، مما يعني أن التكلفة السنوية للتأمين على 10 ملايين دولار أميركي من الدين الحكومي الذي يستحق خلال خمس سنوات من أي تعثر محتمل في سداد هذه الديون قد تراجعت من 403.000 دولار في نهاية شهر آذار 2015 إلى 358.000 دولار في نهاية شهر حزيران. وقد أتى لبنان في المرتبة الثامنة ضمن لائحة البلدان الأكثر خطورة من ناحية هامش مقايضة الائتمان الاقتراضي.
وتظهر ميزانية مصرف لبنان تراجعاً بقيمة 245.16 مليون دولار في الموجودات بالعملة الأجنبية خلال النصف الأوّل من شهر تشرين الأوّل 2015 إلى 38.00 مليار دولار، مقابل 38.25 مليار دولار في نهاية شهر أيلول.
في المقابل، تُبين ميزانية مصرف لبنان ارتفاعاً في قيمة احتياطات لبنان من الذهب بـ575.20 مليون دولار خلال النصف الأوّل من شهر تشرين الأوّل إلى 10.94 مليارات دولار في ظل توقعات تستبعد احتمالية رفع أسعار الفائدة من قبل الاحتياط الفيدرالي الأميركي.
وأخيراً، تراجع العجز في الميزان التجاري اللبناني بـ2.02 مليار دولار على صعيد سنوي إلى حوالى 9.80 مليارات دولار خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2015، من 11.83 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام السابق، وذلك بحسب إحصاءات المجلس الأعلى للجمارك. وينسب هذا التراجع إلى انخفاض فاتورة المستوردات بـ2.26 مليار دولار إلى حوالى 11.80 مليار دولار، الأمر الذي طغى على الانكماش في الصادرات بـ241 مليون دولار إلى 1.99 مليار دولار.