Site icon IMLebanon

السلع الصينية المقلدة تكبد الاقتصادات العربية خسائر بـ 70 مليار دولار سنوياً

ChinaIndustry

تحولت أشغال الدورة الخامسة والخمسين للجمعية العمومية للمنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية ومقرها جنيف، والتي انعقدت في مقر المنظمة واستمرت عشرة أيام، إلى سجال ومناقشات بين وفود العالم لبحث سبل مواجهة أخطر ظاهرة تجارية واقتصادية باتت تهدد اقتصادات ومصالح الدول الأعضاء، وهي ظاهرة السلع المقلدة والمزيفة أو ما يعرف بجرائم الغش التجاري.
وبحسب مشاركين في الجمعية العمومية للمنظمة الأممية تحدثوا لـ«القدس العربي» فإن عصابات الجريمة المنظمة قد بدأت- وبصورة متزايدة- في الاشتغال بتجارة السلع المقلدة التي تشكل خرقاً لحقوق الملكية الفكرية عبر الحدود على الصعيد العالمي. وكشفت مصادر لـ«القدس العربي» داخل المنظمة العالمية لحماية الفكرية أن السلع المقلدة والمنتوجات المزيفة والغش التجاري باتت تكلف اقتصادات العالم العربي خسارة سنوية تبلغ نحو سبعين مليار دولار، ما يجعل البلدان العربية أكثر منطقة تشهد إغراقا للسلع المقلدة في العالم.
ويظهر الرقم مدى تراخي بعض دول العالم العربي في التصدي بكل حزم للبضائع والمنتجات المقلدة والمزيفة وكل ما من شأنه أن يضر بالصحة والسلامة العامة للمجتمع المحلي أوينتقص من حقوق المنتجين وأصحاب العلامات التجارية.
تبلغ خسائر الاقتصاد العالمي جراء السلع المقلدة والمزيفة والمنتوجات المغشوشة تجاريا نحو 300 مليار دولار سنويا، لا تستثني دولة بعينها أو منطقة بحد ذاتها، ما يجعل ظاهرة السلع المقلدة – تضيف المصادر- تكاد تكون شأناً يهم كل دول المعمورة بما فيها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وبحسب المختصين داخل المنظمة الأممية فإن القطاعين الصناعي والتجاري في الدول العربية باتا يشهدان اليوم تحديات وتطورات سريعة بعد أن أصبحت الأسواق العربية تعج بالبضائع والخدمات والتكنولوجيا المعقدة، وهو ما بات يضح بعضها أمام تحدي تعديل قوانين الحماية أو سن قوانين جديدة في هذا الشأن من أجل توفير الحماية للعلامات التجارية ولبراءات الاختراع.
ولجأت كثير من الدول العربية إلى المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية طلبا للمساعدة، حيث أن بعضها وبفضل المساعدات والمشورة التي قدمتها المنظمة الأممية وكذلك المجمع العربي لحماية الملكية الصناعية تمكنت من تحديث قوانينها لحماية عناصر الملكية الفكرية وخاصة الملكية الصناعية التي ترتبط مباشرة بثقة المستثمرين ومناخ رجال الأعمال.
غير أن بعض البلدان العربية نجحت فعلا في قطع أشواط في مجال حماية حقوق الملكية الفكرية ومكافحة الغش التجاري والتقليد، بعد أن أسست بعضها «وحدات للملكية الفكرية والصناعية» ضمن مصالح الجمارك لديها، بهدف حماية حقوق الملكية الفكرية على مستوى المنطقة العربية، حيث تصل صلاحياتها حد المصادرة والإتلاف للبضائع التي يثبت أنها تشكل تعدياً على حقوق الملكية الفكرية.
وتقدر بيوت الخبرة التي تمتلك المعرفة والقدرة في تقويم العلامات التجارية حجم سوق العلامات التجارية في العالم العربي بنحو 150 مليار دولار، وهو رقم لا يزال غير دقيق ولكنه بلا شك أقل من متوسط الانفاق بالرغم من القوة التي باتت تتمتع بها بعض العلامات والسمعة الجذابة التي تحظى بها على الأصعدة المحلية والعالمية، وعلى اعتبار أن أكبر الشركات إنفاقا في هذا المجال هي الشركات العالمية العابرة للقارات بيد ان الشركات الإقليمية التي تخطط لدخول السوق العالمية تعتبر عميلا جديدا لهذه الصناعة.
غير أن المختصين داخل المنظمة الدولية يقولون إن التشريعان العربية وقوانين حماية المستهلك العربية لا تزال ضعيفة بالنظر للتطور الذي وصلت إليه في باقي دول المعمورة، وأن ارتفاع تكلفة السلع الأصلية يتسبب في خرق قوانين الملكية الفكرية والصناعية، وبالتالي انتعاش سوق التقليد. كما أن المنتوجات المقلدة تساهم بشكل كبير في خفض سعر السلع الأصلية في الأسواق بعد أن تصبح منافسة لها.
وتشمل أكثر من 90 في المائة من معدلات القرصنة التجارية عالميا سلعا معينة كالأقراص المدمجة والرقمية، وبرامج الكمبيوتر، إذ تشير تقديرات بعض المصادر الصناعية في الولايات المتحدة إلى أن خسائرها في برامج الكمبيوتر، والأفلام السينمائية، والموسيقى وألعاب الفيديو بلغت في السوق الصينية وحدها خلال العام الماضي نحو ثلاثة مليارات دولار، كما تشير تلك المصادر أيضاً إلى أن الصين تحظى بسوق واسعة للسلع المزيفة والمقلدة تراوح سنوياً ما بين 24 و28 مليار دولار حسب مركز أبحاث التنمية التابع لمجلس الدولة الصيني علما بأن الصين دولة عضو في المنظمة العالمية لحماية الفكرية.
وفيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي تصنف ألمانيا أكبر اقتصادات أوروبا من أكثر الدول الأوروبية التي تعاني خسائر كبيرة جراء قرصنة المنتجات، إلى درجة باتت معها الظاهرة تشكل خطراً كبيراً على الاقتصاد الألماني بأكمله.
وتكبدت الشركات الألمانية العام الماضي خسائر بلغت نحو 26 مليار يورو جراء قرصنة المنتجات والأفكار، كما أن هناك زيادة في كميات المنتجات المزورة في الأسواق الألمانية سنوياً بشكل ملحوظ، فخلال العام الماضي تمت مصادرة منتجات مزورة في ألمانيا تبلغ قيمتها أكثر من مليار ونصف المليار يورو.
ولا تشكل عملية تهريب السلع المقلدة والمزورة والمعشوشة أضراراً على الشركات الأوروبية وأخطاراً على حياة المستهلك الأوروبي فحسب، بل إنها تحرم الخزينة الأوروبية من مبالغ ضريبة ضخمة، حيث قدرت سلطات الجمارك الأوروبية مبالغ الضريبة التي كان يمكن تحصيلها من إحدى العمليات المضبوطة لثمانية ملايين سيجارة مقلدة بحدود المليون ونصف المليون يورو.
أما في الولايات المتحدة فقد كشفت حملة أوروبية مشتركة لمكافحة الغش التجاري العام الماضي، عن أن حجم المنتجات التي تحمل ماركات وعلامات مزورة تتراوح ما بين 9 و11 من نسبة إجمالي التجارة العالمية، أي بقيمة تعادل نحو 260 مليار يورو.
وقد تضاعف حجم السلع المزورة التي ضُبطت من قبل موظفي الجمارك في الولايات المتحدة في السنوات الخمس الماضية وحدها إلى حدود عشرة أضعاف، إذ تجازوت قيمتها أكثر من مائة وخمسين مليوناً، بينما كشفت التحريات والتحقيقات أن نحوسبعين في المائة من السلع المغشوشة والمقلدة مصدرها الصين، رغم أن هذه الأخيرة عضو في المنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة.
وتشير التقديرات في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أن الشركات الأمريكية تخسر سنوياً مبالغ تتراوح بين 250 و300 مليار دولار سنويا، بسبب عمليات القرصنة على حقوق الملكية في العالم.
من ناحية أخرى تبقى الصين أكثر دولة في العالم تصنيعا وتصديرا للسلع والمنتوجات المقلدة والمزيفة رغم التزامها عبر اتفاقيات دولية بالحد من هذه الظاهرة التي تنخر عباب الاقتصاد العالمي، إذ أن نحو 90 في المائة من الأفلام والموسيقى وبرامج الحواسيب في الصين هي عبارة عن مواد مقلدة أو منسوخة، على الرغم من أن الصين قامت العام الماضي بمصادرة أكثر من 80 مليون منتوج مغشوش أو مزيف أو مقلد.
وتعود أسباب انتشار ظاهرة الغش التجاري والتقليد في العالم وفق المختصين والمراقبين الى عدم كفاية العقوبات المطبقة بحق من يمارس الغش التجاري، إضافة الى عدم تجهيز المختبرات في المنافذ الحدودية بالأجهزة اللازمة التي تمكن من تحليل عينات البضائع المستوردة.

الساعات السويسرية
تستهوي عصابات التقليد

يمثل التقليد مشكلة كبرى لصناعة السلع السويسرية الشهيرة، ففي العام بلغت قيمة الصادرات من صناعة الساعات السويسرية نحو 19278 مليار فرنك سويسري.
ويعمل في صناعة الساعات السويسرية أكثر من خمسين ألف شخص في سويسرا، بينما يقدر عدد الساعات المقلدة التي تعرض للبيع كل عام بأربعين مليون ساعة. وتقدر خسائر الشركات السويسرية العاملة في مجال صناعة الساعات الفاخرة جراء التقليد نحو 800 مليون فرنك سويسري كل عام، حيث تصادر السلطات الجمركية السويسرية سنويا منتجات مقلدة أحالت أصحابها على القضاء ضمن 3180 قضية.