هل بنك إنجلترا محق في اتخاذ المخاطر المناخية على محمل الجد؟ الجواب: بالتأكيد. هذا من شأنه أن يكون صحيحا حتى لو كان المرء متشككا في العلوم الأساسية. أولئك الذين يشاركون في اتخاذ القرارات على المدى الطويل، بما في ذلك المستثمرون والشركات، يجب أن يأخذوا في الحسبان المخاطر المادية والخاصة بالسياسة. المنظمون، مثل بنك إنجلترا، عليهم واجب التأكد من أنهم يفعلون ذلك.
في خطاب مهم، مارك كارني، محافظ بنك إنجلترا، ذكر أن المناخ ينطوي على “مأساة الأفق”، إضافة إلى “مأساة الشعب” الأكثر شيوعا. مأساة الأفق تنشأ لأن الآثار المحتملة تكمن وراء الآفاق الزمنية لمعظم صناع القرار. هذا تقريبا صحيح بالنسبة للشركات كما هو بالنسبة للسياسيين. لكن المخاطر موجودة بالتأكيد. بحلول الوقت الذي تصبح فيه حقيقية، ربما يكون قد فات الأوان. مساعدة صناع القرار على إدراك تلك المخاطر هي مهمة المنظمين.
هذا لا يستلزم القيام بوظيفة الحكومات. وحدها الأخيرة قادرة على اتخاذ القرارات بشأن السياسات الواجب اتباعها. لكن يجب على المنظمين تحليل الآثار المترتبة على إجراءات السياسة والتقاعس عن العمل.
أولا، للنظر إلى التقاعس عن العمل في الماضي ـ والمحتمل. هذا من المرجح أن يعني زيادة الأضرار الناجمة عن الأحداث المتعلقة بالمناخ، مثل العواصف والفيضانات. هذا أمر مهم للغاية بالنسبة لواحدة من الصناعات الأكثر أهمية في المملكة المتحدة (والعالم): التأمين. يقول كارني: “باعتبارها هيئة التنظيم لثالث أكبر صناعة تأمين في العالم، فإن هيئة التنظيم التحوطية مسؤولة عن حماية حاملي البوالص وضمان سلامة ومتانة شركات التأمين”.
أثناء القيام بعملها، تحتاج إلى فهم المخاطر التي يتعرض لها قطاع التأمين، كما يجب أن تفعل الصناعة. تقرير لهيئة التنظيم التحوطية يذكر أن الخسائر المعدلة حسب التضخم من الأحداث الطبيعية زادت من متوسط سنوي يبلغ نحو عشرة مليارات دولار في الثمانينيات إلى نحو 50 مليار دولار على مدى العقد الماضي. تغير المناخ بالتأكيد هو أحد العوامل.
الخطر الثاني الذي قد يبرز من التقاعس عن العمل هو المسؤولية عن الأضرار. هذه يمكن أن تؤثر في كل من المصدرين وشركات التأمين في لحظة ما غير متوقعة. مدى خطر المسؤولية غير معروف. لكن أن يكون غير معروف ليس مثل كونه غير جدير بالاهتمام.
ثم هناك أثر الإجراءات من قبل صناع السياسة. أعلنت الحكومات عن هدف الحفاظ على متوسط زيادة درجة الحرارة أعلى من المستويات ما قبل الثورة الصناعية بما لا يزيد على درجتين مئويتين. منطق هذا الهدف، أو احتمال أن يتم تحقيقه ليسا من الأمور المقنعة. مع ذلك، أي جهود جادة لتحقيقه من شأنها أن تفرض تحديد “ميزانية كربون” على العالم. تلك الميزانية تبلغ ما بين خمس وثلث احتياطات العالم المؤكدة من النفط والغاز والفحم. وإذا حاولت الحكومات جاهدة تحقيق ذلك الهدف، فإن أغلبية احتياطات النفط والغاز والفحم ستكون غير قابلة للحرق، على الأقل دون تقنيات اقتناص الكربون، التي هي نفسها تقوم بتقويض اقتصاديات الوقود الأحفوري.
هذه الأصول عندئذ ستصبح “عالقة”. انكشاف المستثمرين أمام مثل هذه التحولات ضخم. 19 في المائة من الشركات التابعة لمؤشر فاينانشيال تايمز 100 تعمل في مجال الموارد الطبيعية والاستخراج؛ وأكثر من ذلك في قطاعات ذات علاقة مثل توليد الطاقة والمواد الكيماوية والبناء. على الصعيد العالمي، الشركات التي تستخدم الكربون بكثافة تمثل نحو ثلث حقوق الملكية وأصول الدخل الثابت. في الوقت نفسه، تطوير وتمويل إزالة الكربون هو أيضا فرصة ضخمة.
تظهر مخاطر التقاعس عن العمل إذا كانت نظرية تغير المناخ الخطير صحيحة. مع ذلك، على افتراض أنه سيتم اتخاذ إجراءات، حتما سيؤدي إلى المخاطر – بغض النظر عما إذا كانت مبررة.
يصف بنك إنجلترا المخاطر المذكورة أعلاه بأنها “مخاطر مادية” و”مخاطر المسؤولية” و”مخاطر التحول”. جميعها مخاوف مشروعة بالنسبة للمستثمرين والشركات المالية وغير المالية.
إذن، ماذا يجب أن يفعل المنظمون؟ يتعين عليهم أن يتأكدوا من أن نماذج الأعمال للشركات والأنشطة التي يتولون تنظيمها تتخذ أفضل حساب ممكن لهذه المخاطر المعقدة. الأهم من ذلك، الشرط الأساسي هو الإفصاح. كلما زاد حجم المعلومات المتاحة عن الاستثمارات التي تستخدم الكربون بكثافة وكلما كان هناك وضوح أكثر عن السياسات، سيكون المستثمرون قادرين على تقييم وإدارة المخاطر التي يواجهونها بشكل أفضل. افتراض أن الحكومات لن تفعل أي شيء هو أمر طائش بقدر الوثوق بها لإصلاح المشكلة. من الواضح أن المستثمرين يتعرضون لمخاطر التقاعس عن العمل والعمل على حد سواء.
كما يقول كارني، الإفصاح يجب أن يكون متناسقا وقابلا للمقارنة ويمكن الاعتماد عليه وواضحا ويتمتع بالكفاءة. إنتاج المعايير الضرورية يتطلب التعاون بين الحكومات والهيئات التنظيمية وأولئك المسؤولين عن حساب المعايير. ويشدد على القول: “من خلال إدارة ما يمكن قياسه، بإمكاننا تحطيم مأساة الأفق”.
هذا قد يكون تفاؤلا، لكن توضيح مثل هذه المخاطر والتأكد من إدراكها من قبل الأسواق هو ما ينبغي أن تفعله الهيئات التنظيمية المحلية والدولية.