تعبّر أوساط ديبلوماسية في روما لصحيفة ”المستقبل” عن تخوفها من اتجاه الوضع اللبناني من سيئ الى أسوأ في ظل تراجع الاهتمام الدولي بلبنان إلى مراتب متدنية، مستندةً في ذلك إلى ما خلصت إليه المبادرات الفرنسية والفاتيكانية لا سيما بعد أن خرج الموفدون من المنطقة بانطباع متشائم في ما يخص الوضع اللبناني.
وفي روما أيضاً تنقل أوساط فاتيكانية أنّ وزير خارجية الفاتيكان السابق الكاردينال دومينيك مومبرتي عاد من زيارته الأخيرة للبنان “متشائماً” مما آلت إليه أحوال المسيحيين في لبنان وخصوصاً الموارنة.
وتضيف أنّ الموفدين الذين يجوبون المنطقة علناً وبعيداً عن الإعلام يواجهون بعقدة إعادة الكرة إلى ملعبهم من خلال مقولة: “المشكلة عند المسيحيين، فليتفقوا في ما بينهم والعالم يؤيد اتفاقهم”.
وتوضح الأوساط الفاتيكانية أنّ مومبرتي عاد بخلاصة مفادها أن “الفراغ الرئاسي أصبح قاتلاً على الدور والوجود المسيحي في لبنان والشرق”، مشيرةً في هذا السياق إلى معضلة إصرار رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب ميشال عون على ترشحه للرئاسة من دون الالتفات إلى حجم المخاطر الناجمة عن استمرار الفراغ، في وقت يبدي مرشح الفريق الآخر رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع هو وفريقه السياسي كل الاستعدادات للخروج من المأزق الرئاسي بالاتفاق مع سائر الأطراف.
وبينما تسأل عمّا يمكن للفاتيكان أن يقوم به لإخراج أزمة الرئاسة اللبنانية من عنق الزجاجة طالما استمر “التعاطي العبثي من جانب فريق مسيحي مع هذه الأزمة”، تستشهد الأوساط الفاتيكانية بدور الكنيسة المارونية عام 1991، عندما عاش لبنان أزمة رئاسية مشابهة عنوانها أيضاً الجنرال عون، وتقول: “حينها أخذت الكنيسة المبادرة بالشراكة مع فرقاء مسيحيين وفي الوطن، وتجاوزت الأزمة وأيدت اتفاق الطائف وأخذت البلاد إلى الأمام، والكنيسة مطالبة مجدداً اليوم بلعب دور شبيه للخروج من الأزمة الراهنة”.
بدورها، نقلت أوساط البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي عنه جملة مواقف تعبّر عن استيائه من مآل الوضع السياسي في البلاد، آخذاً على القوى المسيحية “عدم إدراك حجم المخاطر التي تحيط بالمسيحيين”. وتضيف لـ”المستقبل”: “البطريرك وصل الى قناعة بأن الكثير من القوى السياسية، المسيحية خصوصاً، لا تريد انتخاب رئيس للجمهورية لأنها تستفيد من الفراغ ومن غياب الرئيس لممارسة صلاحياته بالنيابة”.
وتشير الأوساط إلى أنّ الراعي “مصدوم” من عدم اكتراث المجتمع الدولي بلبنان، ويعمل من خلال وجوده في سينودس الأساقفة على إعادة وضع لبنان على خارطة الاهتمام الدولي عبر بوابة الفاتيكان، وسط تشديده في الوقت نفسه على “أهمية دور المسيحيين ورسالتهم في الشرق التي تعود إلى أكثر من 1500 عام، وعلى كون مشروع المسيحيين ليس مشروعاً رئاسياً بل هو دور ورسالة وما لم يدرك القادة المسيحيون أهمية دورهم ورسالتهم فإنهم يتجهون إلى زوال”.
أوساط الراعي تنقل عنه القول إنّ “سلفه البطريرك الحويك إعتمد مبدأ المواطنية السياسية عند مطالبته بلبنان الكبير، ولم يعتمد فكرة الانعزال، مع أن هذا الخيار كان متاحاً، واليوم يجب العمل على إحياء المواطنية السياسية من أجل العبور بلبنان إلى شاطئ الأمان، وهذا الامر ليس مسؤولية مسيحية بل هو مسؤولية وطنية بامتياز”. كما تلفت إلى كون الراعي “يأخذ على الحراك الشعبي احتلاله مكتب وزير أو شارعاً أو زاروباً، بشكل يرفضه البطريرك، وعدم المطالبة بأولوية انتخاب رئيس للجمهورية”، داعياً الحراك “إلى جانب مطالبته بوقف السرقة في مؤسسات الدولة أن يكون في رأس مطالبه إنتخاب رئيس للدولة باعتباره المدخل الأساس لحل كل الأزمات”.