حيدر الحسيني
تعقد شركة «سي.أس.آر. ليبانون» المنتدى السنوي الخامس للمسؤولية الاجتماعية للشركات تحت عنوان «دور الاستدامة في تعزيز قيمة العلامة التجارية وسمعتها»، لتناقش في 3 محاور كيفية إدخال هذه المسؤولية في صلب استراتيجيات الشركات وعرض أهم التجارب العالمية على هذا الصعيد، وأهمية إصدار المصارف والشركات على أنواعها تقارير حول أنشطتها المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية والبيئية تلازماً مع صدور تقاريرها المالية الدورية، فضلاً عن التجربة اللبنانية على هذا الصعيد وكيفية الاستفادة من أفضل الممارسات العالمية في هذا المضمار.
قبل أسبوع على انعقاد المنتدى برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامه الاثنين المقبل في فندق فينيسيا، التقت «المستقبل» مؤسس «سي.أس.آر. ليبانون«، خالد القصار، الذي اعتبر أن تهيُّب الشركات من الاضطلاع بمسؤولياتها الاجتماعية لا مبرر له، ليؤكد أن هذا التوجّه من شأنه أن يوسّع أعمالها ويزيد أرباحها على المدى الطويل، وفق ممارسات أكثر التزاماً بأخلاقيات الإنتاج والتسويق، التي تصون سمعتها من جهة وتحمي مصالح المستهلكين من جهة أُخرى.
القصار يرى أن «تبنّي الشركات (والمصارف) استراتيجيات اجتماعية وبيئية سيكون له حتماً تأثير إيجابي لجهة تحسين أداء الشركة وسمعتها ودفعها نحو الابتكار«.
المحور الأول من المنتدى يتناول كيفية إعداد الشركة أو المصرف استراتيجية للمسؤولية الاجتماعية بالاستفادة من أبرز الخبراء الأوروبيين والإضاءة على أفضل التجارب والممارسات العالمية في هذا الحقل، في حين يتعامل المحور الثاني مع إصدار الشركات تقارير مسؤولية اجتماعية وبيئية إلى جانب التقارير المالية التي تصدرها دورياً، علماً أن «هذا أمر لا يفرضه القانون عليها بل تفرضه مصلحة الشركة نفسها بما يزيد أرباحها في النهاية«.
أما المحور الثالث فيتطرق إلى التجربة اللبنانية على هذا الصعيد من زاويتين: الأولى التعميم الأساسي الرقم 134 الصادر عن مصرف لبنان مطلع العام الجاري الموجه للمصارف والمؤسسات المالية، والمتعلق بالقرار الأساسي الرقم 11947 حول «أصول إجراء العمليات المصرفية والمالية مع العملاء» بما يحمي حقوق العملاء ويوسّع مداركهم حول حقوقهم وواجباتهم، بما يولي هيئة الأسواق المالية ولجنة الرقابة على المصارف دوراً حاسماً في حماية المستهلك. أما الزاوية الثانية فتنطلق من مسألة سلامة الغذاء وضرورة ربط بزنس الشركات بالمسؤولية الاجتماعية.
المسؤولية الاجتماعية، بحسب القصار، «يجب أن تكون في صلب استراتيجية الشركات»، واصفاً إيّاها بأنها بمثابة «الحمض النووي (DNA) للبزنس«، باعتبار أن القيمة المضافة للمسؤولية الاجتماعية تكمن في كونها تنعكس إيجاباً إلى حد كبير على الأعمال التجارية إذا التزمت الشركات اجتماعياً وبيئياً«.
في هذا الإطار، أظهر مسح أجرته شركة «سي.أس.آر. ليبانون» في النصف الأول من العام الجاري على عينة عشوائية في بيروت الكبرى، تشمل موظفين من الفئة الأولى في القطاعين العام والخاص وطلاب جامعيين وأصحاب عمل، أن 90 في المئة من المبادرات الاجتماعية للشركات لا تزال في إطار الأعمال الخيرية أو العلاقات العامة، في حين أن 1 في المئة من الشركات والمصارف الكبرى في لبنان تلتزم باستراتيجية معلنة للمسؤولية الاجتماعية والاستدامة.
وتشير نتائج المسح إلى أن 61 في المئة من المستهلكين اللبنانيين يشجعون ومستعدون لتشجيع منتجات لشركات تلتزم مبادئ المسؤولية الاجتماعية للشركات، كما أن 55 في المئة من المستهلكين يبدون اهتماماً بالمشاركة في اختيار نوع المبادرة أو النشاط الاجتماعي أو البيئي الذي تعتزم أي شركة أو مصرف القيام به تحت عنوان المسؤولية الاجتماعية للشركات.
ويجد أن 16 في المئة من زبائن المصارف فقط يعلمون بوجود تقارير للمسؤولية الاجتماعية في القطاع المصرفي، علماً أن 65 في المئة من أكبر 500 شركة لبنانية تنفذ سنوياً مبادرات اجتماعية أو بيئية قصيرة المدى، في حين أن 2 في المئة فقط من المصارف أصدرت تقارير تحت عنوان المسؤولية الاجتماعية للشركات.
ويعتبر 89 في المئة من المستهلكين أن المنتَج (أو الخدمة) الذي تلتزم قضية اجتماعية أو بيئية هو مصدر تميز عن منتج مماثل له لا التزام مشابه له.
في المقابل، وعلى مستوى العالم، يظهر مسح إحصائي أجرته مؤسسة «نيلسن غلوبال» أن 55 في المئة من المستهلكين في العالم مستعدون لدفع سعر أعلى لمنتج أو خدمة من شركات ملتزمة بمشاريع واستراتيجيات تحقق آثاراً إيجابية على المجتمع والبيئة مقارنة بشركات أُخرى.
كما تبين دراسة لشركة «كيه.بي.إم.جي.« (KPMG) أن 53 في المئة من الشركات تعتبر أن الأخطار التي تؤثر على سمعتها هي الأهم مع بقية الأخطار التي تتهددها، في حين أن دراسة أجرتها «كون كوميونيكايشن» تبين أن 86 في المئة من المستهلكين حول العالم يتوقعون من الشركات إصدار تقارير سنوية لإعلان نتائج أعمالهم المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية، لتظهر دراسة أُخرى أجرتها المؤسسة عينها أن 90 في المئة من المستهلكين يفضّلون اختيار منتجات تلتزم قضايا بيئية أو اجتماعية.