في البداية ويلي والش، رئيس مجموعة IAG، يُهدد باتخاذ إجراءات قانونية بسبب ارتفاع تكاليف إصلاح طائرته. الآن بروكسل تريد النظر فيما إذا كان مزوّدو المُعدات من المحركات إلى أدوات الهبوط يُعيقون المنافسة في سوق الصيانة التي بقيمة 62 مليار دولار.
تحقيق المفوضية الأوروبية الذي لا يزال في مراحله الأولى فقط، يُهدد بالإيقاع بمجموعة من مزوّدي صناعة الطائرات العالمية في شباكها. بوينج، وإيرباص، ورولز رويس، وجنرال إلكتريك، وهانيويل، ويونايتد تكنولوجيز، هي من بين الشركات التي يُمكن أن تواجه أسئلة من السلطات الأوروبية حول الممارسات في السوق لخدمة ما بعد البيع.
في الأسابيع القليلة الماضية أرسلت المفوضية عشرات الاستبانات إلى شركات الطيران، وشركات صناعة المُحرّكات، ومزوّدي المكوّنات في إطار تحقيق أولي في مطالبات والش بممارسات تقييدية.
بالنسبة إلى شركات الطيران ومزوّدي صناعة الطيران المخاطر عالية. إبقاء أي طائرة في أفضل حال طوال فترة عملها البالغة 30 عاماً يُمكن أن يكلّف شركة الطيران 150 مليون دولار لطائرة ذات ممرين، و60 مليون دولار لطائرة مسافات قصيرة ذات ممر واحد. في الوقت نفسه، شركات التصنيع والمزوّدون يتطلّعون إلى هوامش ربح من رقمين يُمكن تحقيقها من تجديد الطائرات في مجال جديد من النمو المُربح.
تشعر شركات الطيران بعدم الراحة إزاء السلطة التي يُمارسها مزوّدو المُعدات، التي تنتقل إلى سوق يُهيمن عليها تقليدياً طرف ثالث من مزوّدي الخدمة. وكثير من شركات الطيران يوجّه الاتهام إلى مزوّدي المُعدات بحجب معلومات حاسمة عن المُنتجات – كُتيّبات، ورسومات فنية، وأمور مُشابهة – ليضمنوا أنهم وحدهم أو شركاءهم من يستطيع توفير قطع الغيار، أو إجراء صيانة ذات جودة عالية.
بروكسل لم تُطلق أي تحقيق رسمي، لكن سلطات المُنافسة تشعر بما يكفي من القلق بسبب الشكاوى لتستكشف ما إذا كانت السيطرة المُتنامية لمزوّدي المُعدات الأصلية على الصيانة والإصلاح والتجدد، قد تكون مخالفة لقوانين المنافسة.
كذلك يُريد المُنظّمون في الولايات المتحدة أن يعرفوا عن إمكانية الوصول إلى قطع الغيار – تقول شركات الطيران “إن التكاليف كانت ترتفع بحدة في الأعوام الأخيرة”.
واشتكى توني تايلر، الذي سيغادر قريبا منصب رئيس الاتحاد للنقل الجوي “أياتا”، الشهر الماضي من أن المنافسة تدهورت إلى حد أن شركات الطيران “لم يكُن لديها خيار آخر سوى التوقيع على اتفاقيات طويلة الأجل للصيانة وقطع الغيار تحتوي زيادة سريعة في الأسعار التي غالباً ما تكون أعلى من معدل التضخم”.
الأنباء عن التحقيق أدت إلى انخفاض أسعار الأسهم في شركتي صناعة المُحركات، “رولزرويس” و”سافران”، يوم الإثنين، لأن المستثمرين شعروا بالقلق بشأن التأثير في شركات الخدمات التي تُعزّز أرباح شركات صناعة المُحرّكات.
رولزرويس، ثاني أكبر شركة لتصنيع محرّك إيرو، تولّد 52 في المائة من إيرادات الطائرات المدنية فيها من خدمات ما بعد البيع على مُحرّكاتها. أعمال الخدمات مُربحة جداً بحيث إن المجموعة تبيع المحرّكات بخسارة مقابل عقد خدمة طويل الأجل. الشركتان المنافستان، جنرال إلكتريك وبرات آند ويتني، تحذوان حذوها مع عروض مماثلة.
لكن التحقيق الأوّلي يتجاوز المُحرّكات ليبحث في السوق الخاصة بقطع غيار وتقديم الخدمات لكل شيء، من أنظمة الطاقة المُساعدة إلى معدات الهبوط، وأنظمة الطيران، وأدوات الترفيه داخل الطائرة، حيث ينسخ المزوّدون بشكل متزايد أنموذج “رولز رويس”.
يفعلون هذا لأن آلاف الطائرات ذات التقنية العالية تدخل الخدمة لتلبية الطلب المُتزايد على السفر الجوي. في العقد المُقبل، حسبما تقول شركة أوليفر وايمان الاستشارية، الأسطول العالمي للطائرات ذات المحرّكين سينمو أكثر من عشرة آلاف طائرة ليُصبح 43408 طائرات. ونحو 50 في المائة من الطائرات الجديدة سيحل محل النماذج القديمة. والزيادة في عدد الأساطيل ستؤدي إلى زيادة الإنفاق على الصيانة والإصلاح والتجديد – التي من المتوقع أن تصل إلى 90 مليار دولار بحلول عام 2024 في قطاع الطيران التجاري وحده.
الطائرات الجديدة ستكون ذات كفاءة أكثر في استخدام الوقود وذكية أكثر مقارنة بالجيل السابق. وبالنسبة إلى مزوّدي المكوّنات، هذا التحوّل بمثابة فرصة لتعويض استثمارات التطوير الضخمة.
المزوّدون الذين أبقوا الطائرات الـ 24 ألفا في العالم في حالة جيدة، مُهددون من هذا التحوّل. يقول فولفجانج فينيل، وهو نائب أول للرئيس في شركة لوفتهانزا تكنيك، وهي واحدة من أبرز عشر شركات في الصيانة والإصلاح والتجديد “نحن نرى مستوى جديدا من المنافسة”. ويضيف “شركات التصنيع تُكثّف جهودها لزيادة دورها في سلسلة التوريد بأكملها”.
ويُقدّر كريس دوان، من شركة أوليفر وايمان، أنه يُمكن إعادة توزيع 15-20 في المائة من الإنفاق على الصيانة والإصلاح والتجديد.
لكن ليست جميع شركات الطيران متفقة مع مخاوف والش بشأن المنافسة. مايكل هيكي، كبير الإداريين للعمليات في شركة ريان إير، يُشير إلى أن أكبر شركة طيران اقتصادي في أوروبا كان لديها فرصة للاختيار من خمسة مزوّدين عندما تفاوضت على عقد لإصلاح مُحركات في عام 2004. لكن شركة ريان إير تعتمد على المزوّدين الخارجيين بشكل أقل من شركات الطيران الأخرى لأنها تستخدم مرافق الصيانة الخاصة بها. ويقول هيكي “إن هذا يمنحها السيطرة على التسعير”.
وتنفي شركات الطيران وشركات صناعة المُعدّات بشدّة أي ممارسات غير عادلة في تصميم عقود الخدمة.
فيليب بيتيتكولن، الرئيس التنفيذي لشركة سافران، شريكة جنرال إلكتريك في تزويد المُحرّكات، رفض هذا الصيف شكاوى والش باعتبارها غير مُبرّرة. وقال “إنه لم يتم إجبار الزبائن على شراء محرّكاته أو توقيع عقود الخدمة”. “إذا كان (والش) يعتقد أن هناك مشكلة أمام القانون، فلا بأس من الذهاب إلى المحكمة. لكنني لا أفهم ذلك”.
“جنرال إلكتريك” و”سافران” تقولان إنهما “تتعاونان مع جهود (المفوضية) لفهم صناعة الطيران”.
لكن يبدو أن كلمات والش ألحقت الضرر في الداخل. فقد أشارت “جنرال إلكتريك” و”سافران” منذ ذلك الحين إلى أنه سيكون هناك حد أقصى على تكاليف الصيانة لمحرّك ليب الجديد الخاص بهما.
الاستبانة التي أرسلتها بروكسل كانت بمثابة تحذير شديد اللهجة لشركات صناعة المُعدّات عبر سلسلة التوريد بأن المُنظمين يُراقبون. يقول أحد المسؤولين “نحن لا نُطلق أحكاما مُسبقة على أي شيء. لكن ضمان أن ظروف المنافسة جيدة هو جزء من مهمتنا”.