Site icon IMLebanon

المنتجات الزراعية اللبنانية لا تجد طريقها خارج الحدود

PotatoesLeban
يواجه إقليم البقاع الزراعي، أهم المناطق الزراعية في لبنان منذ 4 أعوام أزمة عميقة، بسبب صعوبة تصدير منتجاته إلى الخارج بعدما أغلقت الحرب في سوريا الطريق البري الذي تسلكه عادة إلى الأردن ومنه إلى العراق ودول الخليج.

ويخشى المزارعون اللبنانيون من أن تكون للأزمة غير المسبوقة تداعيات طويلة الأمد على هيكل نشاطهم الزراعي والاقتصادي.

وفي أعلى تلال البقاع في شرق لبنان، يقف رابح سقاف، المهندس الزراعي الذي يمتلك أراضيا في المنطقة، مراقبا عملية جني محصول البطاطس، لكنه لا يعلم أين سيذهب به وما إذا كان سيتمكن من تصديره.

ويرى سقاف أن الحكم على القطاع الزراعي في لبنان يتلخص في رؤية بسيطة “حينما نكون قادرين على تصدير البضائع، فالقطاع يتعافى والأسعار تنخفض والطلب يرتفع، لكن إذا كانت معدلات التصدير منخفضة، فعادة ما تنخفض معدلات الإنتاج، ونلقي كميات كبيرة من المحصول ولا يكون الفلاحون قادرون على تغطية تكاليف الإنتاج”. ويمتلك سقاف حوالي 300 هكتار من الأرض الزراعية بالقرب من قرية سعد نايل في البقاع، ومعظم زبائنه من مصانع شرائح البطاطس المقلية.

وكانت أعماله تعتمد بشكل كبير على طريق التصدير الواصل بين البقاع وسوريا لتصدير بضائعه. وبعد قيام الحرب الأهلية في سوريا، تأثر عمله بشكل كبير بعد إغلاق معبر النصيب على الحدود بين البلدين.

وقال سقاف لصحيفة “العرب ويكلي” التي تصدر باللغة الإنكليزية في لندن “في بداية الموسم كانت فوضى عارمة، وكان الفلاحون يتجهون بسرعة نحو حتفهم بسبب الخسائر الضخمة التي عانوها خلال العامين الماضيين”. وتعرضت صادرات المنتجات الزراعية في لبنان إلى موجة اهتزازات عنيفة خلال الأربع سنوات الماضية.

وفي عام 2011 تراجعت معدلات التصدير إلى الخارج بنسبة 10 بالمئة، وفقا لتقارير المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار اللبنانية “ايدال”. وبعد ذلك بعام، كان عثور المزارعين على طرق أكثر أمنا داخل الأراضي السورية سببا في انتعاش حذر لصادرات المنتجات الزراعية من البقاع.

لكن في شهر أبريل الماضي، أعادت الصدامات بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة الأوضاع إلى المربع الأول بعدما أغلقت أهم الطرق التي كان المزارعون اللبنانيون يعتمدون مؤقتا عليها في تصدير بضائعهم إلى الأردن ودول الخليج.

وأعلن نبيل العيتاني رئيس المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار في أغسطس الماضي أن قطاع التصدير الزراعي في لبنان تراجع بعد شهرين فقط من إغلاق الطرق في سوريا بمعدل 35 بالمئة، كما هبط حجم الصادرات عن طريق البر بمعدل 87 بالمئة.

ووضعت المعارك الأخيرة عراقيل أمام محاولات المزارعين اللبنانيين الوصول إلى أهم الأسواق المستهلكة للمنتجات الزراعية اللبنانية في السعودية والإمارات وسوريا. واستقبلت الدول الثلاث 38 بالمئة من إجمالي الصادرات الزراعية اللبنانية في عام 2012، وفقا لبيانات المؤسسة.

وفي وسط الأوضاع الحالية، أصبح بمقدور المزارعين في لبنان الوصول إلى أسواق سوريا فقط عبر الطرق البرية، بينما تحتاج الأسواق الأبعد إلى وسائل أكثر تعقيدا عبر البحر أو الجو. ولتقليص تكاليف النقل البحري، أعلنت الحكومة اللبنانية عن نيتها دعم تصدير المنتجات الزراعية والصناعية بحريا بقيمة 21 مليون دولار لمدة سبعة شهور.

وتم تخصيص هذا المبلغ، الذي تشرف عليه ايدال، للإنفاق على برنامج بريدج للتصدير الذي يوفر دعما بمقدار 1750 إلى 2250 دولارا لكل شاحنة للمنتجات اللبنانية المصدرة من ميناء بيروت إلى مينائي العقبة في الأردن أو ضبا في السعودية.

وبدء برنامج بريدج لدعم الصادرات في لبنان في أغسطس الماضي. ورغم قصر مدة تطبيقه، يقول عيتاني أن الصادرات عبر البحر ارتفعت بنسبة 87 بالمئة في النصف الثاني من العام الجاري حتى الآن، وهو ما يعني أنه سيكون على المزارعين والمصدرين الاعتياد على الطرق الجديدة في التصدير.

ويواجه المصدرين الصغار عوائق التكلفة المرتفعة للنقل البحري، على عكس النقل البري الذي اعتادوا عليه طوال الأعوام الماضية. لكن عيتاني تحدث عن “عملية مشاركة بين المصدرين والمزارعين الصغار، بحيث تضم الحاوية الواحدة بضائع لأكثر من مصدر وبذلك يتشاركون الكلفة سويا”.

وأضح أن “حجم الدعم هو 2/7 من الكلفة التصديرية وهو فرق الكلفة مقارنة مع النقل البري”، مشيرا إلى أن “الشركات التي ستتولى التصدير يتطلب منها تقديم شروط معينة لتأهيلها منها تأمين المعدات والمتطلبات ومنها البرادات للمنتجات الزراعية”. وأصبح بإمكان المصدرين اللبنانيين التواصل مع المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمار للحصول على الدعم، فيما لا يمكن أن يشمل هذا الدعم الصادرات السابقة.

ويرى مراقبون أن برنامج الدعم، الذي يستمر لسبعة شهور فقط، هو حل قصير الأمد لمشكلة طويلة الأمد. ويقول انطوان الحويك، رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين “هذا ليس حلا طويل الأمد، وغير قابل للاستمرار”. وأضاف “الحل المناسب هو ذلك الذي يسمح للمزارعين والمصنعين بتصدير منتجاتهم عبر البحر وفقا لقواعد دائمة”.