في محاولة لأكون أمّا من النوع العصري وذكية رقميا، حاولت المشاركة في لعبة “ماين كرافت”، عالم بناء الأبنية الافتراضي الذي يبدو أن أطفالي اختفوا فيه أخيرا. لكن تبين أنني غير ماهرة فيه بشكل ميؤوس منه.
أنا لست سيئة في ألعاب الكمبيوتر بشكل عام. فلا يزال بإمكاني التغلب على ابني البالغ من العمر سبعة أعوام في ألعاب مثل “الإخوة ماريو”، ويتم إعدادي بشكل منتظم لأكون حاضنة الحيوانات الافتراضية في لعبة “ليتليست بيت شوب” الخاصة بابنتي.
لكنني أكافح مع لعبة “ماين كرافت”. الأبنية الخاصة بي تتبعثر بشكل عشوائي. أحيانا أحفر حفرة في حين كنت أريد بناء جدار. وتزعجني الخراف التي تظهر لتحدق في وجهي.
أنشأ ابني صورة مطابقة لقرية الفايكنج في لعبة ماين كرافت، بينما لا أستطيع بناء صف من المباني في خط مستقيم.
ابنتي تضحك بصوت عال على جهودي، لكن ابني أكثر تشجيعا. يقول، وأصابعه تجتاح شاشة الجهاز اللوحي بشكل متمايل: “لا تقلقي. لقد كنت مثلك في البداية. ما عليك سوى الممارسة أكثر”.
لست متأكدة من رغبتي في قضاء عدد الساعات التي يمضيها ابني، لأنه لا يمانع، إن سمحت له بذلك، في قضاء كل ساعة وهو مستيقظ على بلدة ماين كرافت الخاصة به. هذا لا يتوافق مع تنشئة عائلة والاستمرار في وظيفة بدوام كامل.
لكن هذا جعلني أفكر في تكلفة الحصول على تكنولوجيا جديدة ومفارقة الإنتاجية. أقصد بذلك الاستنتاج الذي لا يمكن تفسيره وهو أن الاستثمار في التكنولوجيا لا يبدو أنه، في الواقع، يؤدي إلى زيادة الإنتاجية. منذ أوائل السبعينيات حتى أوائل التسعينيات، استثمرت الشركات الأمريكية بكثرة في أجهزة الكمبيوتر إلا أن الإنتاجية – التي كانت ترتفع حتى ذلك الحين – انخفضت.
وبالمثل تقلصت الإنتاجية في الآونة الأخيرة، على الرغم من إدخال الهواتف الذكية والإنترنت إلى حياتنا العملية.
مختصو الاقتصاد الذين ظلوا يعانون هذه المعضلة منذ أن كتب روبرت سولو أول مرة عن هذه المسألة في عام 1987، لديهم أربعة نظريات عن أسباب ذلك: الأولى، توجد مكاسب إنتاجية، لكننا فقط لا نقيسها بطريقة صحيحة. الثانية، بعض الأفراد والشركات يحققون مكاسب إنتاجية، لكن هذه تأتي على حساب آخرين – لذلك ليس هناك ربح صاف. الثالثة، يوجد فارق زمني قبل أن تظهر مكاسب الإنتاجية. والأخيرة، ليس هناك مكاسب إنتاجية لأنه من الصعب جدا السيطرة على تكنولوجيا المعلومات.
الأدلة القولية من أي مكتب تقريبا تدعم عددا من هذه النظريات. الوقت الضائع في إصلاح مشاكل أجهزة الكمبيوتر، مثلا، أمر مألوف ومهم.
في العام الماضي، وجدت دراسة أجراها كل من جامعة آلتو والمعهد الفنلندي للصحة المهنية أن العاملين في القطاع العام يهدرون، في المتوسط، أربع ساعات أسبوعيا في اكتشاف مشاكل أجهزة الكمبيوتر. وهذا يشكل ضياعا للإنتاجية بنحو 10 في المائة.
من السهل أيضا رؤية تأثير الاستبدال – النظرية الثانية. كتبت زميلتي لوسي كيلاوي، مثلا، عن نظام النفقات في “فاينانشيال تايمز”، وهو نظام كريه جدا ومعقد بحيث يؤدي بالمستخدمين إلى حالة من الغضب الكئيب. من المحتمل أنه يحقق توفيرا رائعا في الكفاءة بالنسبة للدائرة المالية – أتمنى أن ينتج على الأقل توفيرا في الكفاءة لأحد ما – على حساب انخفاض كبير في الإنتاجية لبقية الموظفين.
لكنني أراهن بأموالي على أن دمج النظريتين الأولى والثالثة هو الجواب الحقيقي. لم نخطئ كثيرا في حساب الناتج بقدر ما أخطأنا في حساب المساهمة. نحن فقط لسنا صادقين بما فيه الكفاية – مع أنفسنا ومع شركاتنا – حول تكلفة تعلم استخدام أي تكنولوجيا جديدة. أستطيع أن أتوقف عن استثمار مئات الساعات في أن أصبح بارعة في لعبة ماين كرافت، لكنني لا أملك هذه الرفاهة في الاختيار عندما يتعلق الأمر بعشرات التكنولوجيات التي تم اعتمادها في المكتب خلال الأعوام القليلة الماضية.
ربما يشك بعضهم في نظرية مالكولم جلادويل التي تقول إن عشرة آلاف ساعة من الممارسة – نحو 416 يوما – هي كل ما يتطلبه الأمر لتصبح مختصا. لكن الأمر الذي لا جدال فيه هو أن متوسط عدد ساعات التدريب الذي توفره الشركة للموظفين كل عام هو أقل بكثير من هذا، وهو في الأغلب بين أواخر العشرينيات وبداية الثلاثينيات.
كنت مرة واحدة فقط في حياتي في دورة تدريبية طويلة جدا على التكنولوجيا – لمدة أسبوعين، عندما بدأت أول مرة في “فاينانشيال تايمز”. كل شيء آخر تعلمته منذ ذلك الحين كان من خلال ورشات عمل متفرقة لمدة ساعة، أو أثناء العمل، وأنا لست متأكدة أن هناك أي شخص حسب التكلفة الحقيقية لذلك.
التعلم أثناء العمل لا يخلو من التكاليف. عندما أسحب زميلا مشغولا بعيدا عن تحليله لجدول البيانات لاكتشاف مشاكل التكنولوجيا الخاصة بي، أنا متأكدة تماما أن الإنتاجية تنخفض لكل منا.
أحد الأسباب لعدم إجراء حساب حقيقي لتكاليف التكنولوجيا هو الخوف. ولكوني في عمر الـ 40، أنا فعلا على الحافة الخارجية للعمر الذي يمكنني من التعبير عن التحفظات بشأن التكنولوجيا. بعد بضعة أعوام أخرى يغلب على ظني أنني لن أجرؤ على ذلك، خوفا من أن يتم وصفي بأنني شخص لا يستطيع ببساطة مواكبة الحياة العصرية.
عند تلك المرحلة، خوفا من التهميش في ثقافة المكتب المتحيزة ضد كبار السن في كثير من الأحيان اليوم، سوف أتظاهر بالحماس لمنصة تكنولوجيا ذات أداء ضعيف بدلا من التشكيك في اعتمادها. ولن أعترف بحاجتي للمساعدة من أجل معرفة التعامل مع أداة جديدة – ببساطة سأكتفي بعدم استخدامها بهدوء، أو استخدامها بشكل سيئ.
ومن ثم الشركة – ومختصو الاقتصاد – سوف تتساءل مرة أخرى عن السبب في أن المبالغ الطائلة التي تنفق على شراء التكنولوجيا لا تؤتي ثمارها.