IMLebanon

شركات النفط تعيش أوقاتا عصيبة في بحر الشمال

Oil-Rig-Goliat-Norway-Flag
وقفت توف ستور سوبلوم أمام 300 عضو من أعضاء صناعة النفط في أبردين، وانزلقت إلى اللهجة الاسكتلندية المحلية وقدمت لهم رسالة واضحة: “التزموا الهدوء”.

نداء المسؤولة التنفيذية في شركة شتات أويل النرويجية لالتزام الهدوء كان مفهوما. كانت تتحدث الشهر الماضي في مؤتمر أوفشور يوروب الذي يعقد كل عامين، الذي هيمن عليه الحديث عن المستقبل المحفوف بالمخاطر لنفط بحر الشمال في أعقاب انخفاض أسعار النفط الخام.

الشركات المنتجة في المنطقة، بدءا من الشركات العملاقة مثل رويال داتش شل وتوتال إلى الشركات الأصغر مثل إنكويست وإتاكا إينرجي، تكافح مع أصعب الظروف في الذاكرة الحية. بحر الشمال، حوض النفط والغاز الأغزر إنتاجا في أوروبا الغربية، هو واحد من الأماكن الأكثر تكلفة لإنتاج النفط الخام في العالم. وكثير من الحقول أصبحت غير مربحة منذ انهيار أسعار الخام.

شركات الطاقة تسعى لخفض التكاليف، وهناك خطر من أن بعض شركات الإنتاج الصغيرة ذات أعباء الديون الكبيرة ستنهار. في الوقت الذي تتحول فيه الأرباح إلى خسائر بعد انخفاض خام برنت من 115 دولارا في حزيران (يونيو) العام الماضي إلى نحو 50 دولارا، من غير المرجح أن تكون المصارف مستعدة لإعطاء شركات الإنتاج القروض التي تحتاج إليها لتجاوز التراجع.

المخاطر أيضا مرتفعة بالنسبة للحكومات – ولا سيما المملكة المتحدة والنرويج – التي تعتمد على بحر الشمال من أجل مبالغ كبيرة من الإيرادات الضريبية. وصل الإنتاج في القطاع البريطاني إلى ذروته في عام 2000، وانخفض بشكل حاد منذ ذلك الحين، مع توقف الحقول القائمة عن العمل وأصبح التمويل نادرا.

والإنتاج يمكن أن ينخفض بشكل أسرع بكثير بسبب تشجيع انخفاض أسعار النفط على إيقاف تشغيل الحقول التي خلافا لذلك قد تستمر في ضخ الخام.

توقع تحليل أجرته شركة وود ماكينزي الاستشارية، نشر الشهر الماضي، أن يتم إغلاق 140 من الحقول الـ 330 في بحر الشمال في المملكة المتحـــدة في الأعــــــــوام الخمسة المقبلة، حتى لو عاد سعر النفط إلى 85 دولارا للبرميل.

يقول مسؤول تنفيذي في إحدى شركات الإنتاج الكبيرة: “كان لدينا انخفاض سريع في الأسعار عندما كانت التكاليف عالية والإنتاج كان يتراجع بالفعل. كل شيء يحدث في وقت واحد – لم نواجه أي شيء مثل هذا من قبل”.

شركات إنتاج النفط والغاز في بحر الشمال تستجيب لهذا الانخفاض بطرق مختلفة بشكل ملحوظ. بعض شركات الطاقة الكبيرة، مثلا، تحاول الحد من الانكشاف على المنطقة وتركيز جهود الاستكشاف والتطوير في أماكن أخرى. وباعت شركة توتال هذا العام حصة بنسبة 20 في المائة في حقل غاز في بحر الشمال مقابل 876 مليون دولار، وتخلصت من محطة غاز اسكتلندية ومصالح في اثنين من خطوط الأنابيب مقابل 900 مليون دولار.

ومن غير المرجح أن يكون لدى شركات الإنتاج الأصغر خيارا للحد من وجودها في المنطقة، خاصة إذا كانت مصدرها الرئيسي من الإيرادات. بعض الشركات، مثل إنكويست، اختارت التركيز على الاستفادة القصوى من عدد محدود من الأصول.

في العام الماضي تمكنت إنكويست من استخراج ثلاثة ملايين برميل من حقل نفط ثيستل – الذي كان مملوكا لشركة بريتش بتروليوم فيما مضى – للمرة الأولى منذ عام 1997.

لكن من غير المرجح أن تعوض إدارة الأصول بشكل صارم أكثر التأثير السلبي في الإيرادات من انخفاض أسعار النفط، وبالتالي أصبح من المتعين على شركة إنكويست أيضا أن تخفض التكاليف.

وكانت شركات الإنتاج في بحر الشمال قد سمحت للتكاليف بأن تتصاعد خلال الأوقات الجيدة. وإنكويست، مثل كثير من الشركات المنافسة لها، تعكف الآن على تقليص الإنفاق على الموظفين.

ومنذ العام الماضي، تم تسريح 5500 موظف، بحسب هيئة النفط والغاز في المملكة المتحدة، الهيئـــة التجاريــــــة للــصناعة البحرية. وبـــعض تخفيضات القـــــوى العاملة الأكبر كانت في شركات الخدمـــات النفطية. مجـــموعـــــة وود، وهي واحدة من أكبر المتعاقدين في بحر الشمال ـ توجد أيضا في الولايات المتحدة ـ قالت في آب (أغسطس) الـــماضي إنها خفضت أكثر من خمســة آلاف وظــيفة هذا العام، أي 13 في المائة من القوة العاملة فيها.

مثل الشركات المنافسة لها، مجموعة وود تتصارع مع ميل شركات الإنتاج لتعليق المشاريع، سعيا للحفاظ على النقود وتقليل الضغط على الميزانية العمومية.

وتعمل شركة إنكويست على تخفيض نفقاتها الرأسمالية إلى 600 مليون دولار هذا العام – أقل 45 في المائة عن مجموع العام الماضي. مع ذلك صافي ديون الشركة حتى 30 حزيران (يونيو) ارتفع إلى 1.3 مليار دولار، مقارنة بـ 717 مليون دولار في العام السابق، جزئيا بسبب الاستثمار في حقول بحر الشمال التابعة لها. وعلى الرغم من أن الشركة سجلت أرباحا تشغيلية في النصف الأول من عام 2015، إلا أن تكاليف التمويل الأعلى دفعتها إلى خسائر بلغت 35 مليون دولار قبل الضرائب.

مثل إنكويست، شركة بريميير أويل، وهي شركة إنتاج أخرى في بحر الشمال، أعادت هذا العام التفاوض بنجاح على اتفاق سداد ديونها مع المصارف وحاملي السندات. ويسمح اتفاق محدث لسداد الديون بمستوى عال من الرفع المالي. وحتى نهاية عام 2016، يمكن أن يصل صافي الديون إلى 4.8 مرة ضعف الأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك ونفقات الاستكشاف.

هناك شركات إنتاج أخرى تشارك في محادثات حرجة مع المصارف على التسهيلات الائتمانية الخاصة بها. وكثير منها يسعى لتحسين الشروط من خلال استخدام احتياطاتها من النفط والغاز ضمانات، وهذه يتم إعادة تقييمها مرتين في العام – في نيسان (أبريل) وتشرين الأول (أكتوبر).

وستكون أحدث المفاوضات مليئة بالصعوبات، لأن سعر خام برنت الذي ارتفع بين كانون الثاني (يناير) ونيسان (أبريل)، تراجع بشكل حاد منذ أيار (مايو). أحد التنفيذيين في شركة نفط كبرى يتهم عددا من المشاركين الصغار في الصناعة بأنهم يظنون خطأ، أن منطقة بحر الشمال البريطانية تستطيع الخروج من الانهيار الحالي لأسعار النفط واستعادة عافيتها بشكل كامل. ويقول: “كثير من الشركات لم تدرك الأمر حتى الآن، لكن هذه هي بداية النهاية”.