Site icon IMLebanon

لماذا “استدعى” بوتين الأسد إلى موسكو؟

 

ذكرت صحيفة “القبس” الكويتية انه لا بد لمن يتتبع سير الأحداث المرتبطة بسوريا والمتفرعة عنها أن يتساءل عن الأسباب الكامنة وراء الخروج الأول لرئيس النظام السوري بشار الأسد من دمشق منذ ربيع العام 2011، وتوجهه إلى موسكو في وقت دخلت الغارات التي تشنها طائرات فلاديمير بوتين أسبوعها الرابع من دون أن تحقق أي تغيير في موازين القوى أو تحدث اختراقات استراتيجية على الأرض السورية التي تسيطر الفصائل المعارضة على نحو 75% منها.

وبعد أن استعان بإيران والميليشيات الشيعية و”حزب الله” وأخيراً بالروس يبدو النظام السوري في أضعف حالاته عسكرياً وسياسياً واقتصادياً و”سيادياً أيضاً، إذ أن كل تلك التدخلات قلّصت من مساحة القرار السوري الذاتي ما جعل دمشق آخر عاصمة يمكن أن تدلي بدلوها في شأن النزاع السوري، وناب عنها الحلفاء الذين يتولون القيادة الفعلية على الأرض وفي الجو والبحر.

زيارة الأسد الخاطفة إلى موسكو والتي يبدو أنها جرت في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، لايمكن بأي حال من الأحوال عزلها عن التحركات الدبلوماسية في عواصم القرار الدولي والجوار السوري، سيما مع ما رشح من نضوج تسوية سياسية للأزمة السورية تنص على بقاء رئيس النظام السوري لبعض الوقت ريثما يتم تشكيل سلطة انتقالية تدير أمور البلاد وتتولى حفظ الأمن ومنع انهيار ما تبقى من مؤسسات الدولة وسقوطها بأيدي الجماعات المتطرفة يصار بعدها إلى منح الأسد تأشيرة خروج من الحياة السياسية وربما أيضاً تأشيرة للخروج من سوريا نفسها مع ضمان عدم ملاحقته قضائياً على جرائم الحرب التي ارتكبت في عهده منذ تفجر الثورة في مارس العام 2011.

كما تأتي تلك الزيارة بعد المواقف اللافتة التي أعلنت عنها الرياض وأنقرة وبعض العواصم الغربية بقبولها بقاء الأسد فترة من الوقت ريثما يتم الإعداد للمرحلة الانتقالية.

 

نتائج الزيارة الخاطفة ظهرت سريعاً مع إعلان الرئاسة السورية بأن بشار الأسد أكد خلال لقائه بوتين أن أي عمل عسكري “يفترض أن تليه خطوات سياسية” وأن “هدف العمليات العسكرية في سوريا هو القضاء على الارهاب الذي يعرقل التوصل الى حل سياسي” وشدد على ضرورة “فتح المجال أمام الشعب السوري لتقرير مستقبل بلاده بنفسه” وهي المواقف التي تتناقض تماماً مع تصريحات الرئيس السوري في يوليو الماضي حين قال في كلمة أمام رؤساء وأعضاء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية إن “الحديث حاليا عن حل سياسي هو كلام فارغ”.

الحليف الأقوى لدمشق والذي يشن غارات باهضة الكلفة ومنخفضة الأثر – بحسب خبراء في الشأن العسكري – تطرق أيضاً إلى قضية الحل السياسي، حيث ذكر الكرملين في بيان عقب انتهاء زيارة الأسد أن الرئيس الروسي شدد على ان العمليات العسكرية في سوريا يجب ان تتبعها خطوات سياسية، وبالتالي هيمن بحث طبيعة ذلك الحل وماهيته على المحادثات.

الزيارة الخاطفة هيمنت على أحاديث السياسيين والنشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تحولت إلى منصات فكرية، حيث وصفهم بعضها بـ”الاستدعاء” من قبل بوتين للأسد، فيما رأى البعض الآخر أنها تشير إلى تردي الأوضاع بشكل غير مسبوق في سوريا ومحاولات من قبل الأسد للقفز من السفينة قبل أن تغرق سيما مع إعلان دمشق بأن الأسد نفسه قال خلال الزيارة إن التدخل الروسي حال دون حدوث سيناريو مأساوي في سوريا.