قد لا يكون القطاع السياحي الموضوع الوحيد الذي تناولته المؤتمرات الداعية إلى عودة الحياة السياسية إلى رشدها، صونا لاقتصاد متردّ أصلاً. لكن الأكيد أنَّ المؤتمر الصحافي الذي عقدته النقابات السياحية في مقر نقابة أصحاب الفنادق، منتقدا “فوضى سياسية وفلتان شارع خلّانا ننازع”، يرسم الخط الاحمر الذي بلغه القطاع والذي يهدد بانهيار جزء منه.
حضر المؤتمر نقيب أصحاب المجمعات السياحية البحرية جان بيروتي، نقيب أصحاب المطاعم والمقاهي والملاهي والباتيسري طوني الرامي، نقيب أصحاب الشقق المفروشة زياد اللبان، نقيب الأدلاء السياحيين هيثم فواز، نقيب أصحاب وكالات تأجير السيارات السياحية محمد دقدوق، وشخصيات.
اشاد نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر بالإنجازات التي حققها لبنان على المستوى السياحي، المتمثلة في نيل جبيل جائزة “أفضل مدينة سياحية في البحر المتوسط”، وبفوز مطعم السلطان ابرهيم بجائزة “أفضل مطعم لبناني في الدول العربية”، إلى جانب المهرجانات التي استضافتها المدن والقرى.
وطالب المسؤولين بالكف عن الإمعان في تخريب البلاد، لأنَّ خسائر السياحة تتراكم منذ نحو 5 سنوات، فيما المؤسسات تعض على جرحها إلى أن وصلت حالياً إلى الحضيض. وإذ أشار إلى أنَّ القطاع في خطر، خصوصاً أنَّه خسر المجموعات السياحية، العربية والغربية، مواسم الاصطياف والسياحة البرية، أوضح الاشقر أنَّ الخسائر تُلخص بأن كلّ الفنادق مقفلة جزئياً، وأكثر من 50% من طوابقها مقفلة، فيما اقفلت اكثر من 100 شركة من وكالات تأجير السيارات ابوابها، وانخفض اسطول الشركات من نحو 16 ألف سيارة إلى زهاء 8000. وختاماً، أُطلقت سلسلة من المطالب الإنقاذية باسم كلّ النقابات السياحية، ستعمل لجنة متابعة أسستها النقابات على ملاحقتها، ابرزها مناشدة رئيس مجلس النواب عقد طاولة حوار اقتصادية، دعوة الحكومة إلى تفعيل عملها لإنقاذ الاقتصاد، مطالبة كلّ من وزير المال بوقف ملاحقة المؤسسات السياحية التي تتأخر عن دفع متوجباتها ووقف الغرامات، عدم قطع التيار عن المؤسسات التي تتأخر في دفع الفواتير، وأخيراً، مطالبة حاكم مصرف لبنان بإيجاد حلول مالية للقطاع، لا سيما عبر توفير دعم طويل الأمد على غرار إنقاذه للقطاع المصرفي. توازياً، برز موقف لنقيب الأدلاء السياحيين هيثم فوز، شدّد فيه على أنَّ “المؤسسات السياحية ليست ضد الحراك الذي انعكست أعمال الشغب فيه سلباً على صورة القطاع وحركته، بل هي مع عدم إقفال الطرق أمام اللبنانيين والسياح، على غرار ما حصل أثناء الإعتداء على فندق “لو غراي” في الوسط التجاري”.
عقم سياسي…
انتظرت المؤسسات السياحية وقتاً طويلاً قبل عقد هذا المؤتمر، رغم أنَّها لم تكف يوماً عن التحذير من الوضع القاسي الذي ضربها ونال من أرباحها. ويعود السبب، وفق نقيب أصحاب المجمعات السياحية البحرية جان بيروتي، إلى أنَّ الوضع اليوم ليس كما كان عليه في الأيام التي سبقت 20 آب المنصرم، لأنَّ وسط بيروت كان يُقفل مرة واحدة في الأسبوع، فيما الاقفال بات يحصل يومياً. وقال لـ”النهار” إنَّ صورة لبنان، بعد هذا التاريخ تحديداً، تشوّهت كثيراً. ورأى أن إطلاق الصرخة كان واجباً لأنَّ المعاناة طويلة، وعندما تستمر، تُصبح استنزافاً، معتبراً أنَّ غياب القرار السياسي يعني أن لا قرار على مستوى لبنان ككل.
من جهته، قال نقيب أصحاب وكالات تأجير السيارات السياحية محمد دقدوق لـ”النهار” إنّه ليس متفائلاً كثيراً من نتائج هذا المؤتمر، إذ لا يُمكن أن يعوّل احد على شيء في وطن ترتبط فيه السياسة بأجندات خارجية.