“حوالي ثلاثة أشهر مضت على صدور مذكرة تكليف بتثبيت عدد من المياومين الناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، ولم تُنفّذ المذكرة بعد”، علماً أنّ هذه المدّة يفترض ان تأخذ وقتاً “لا يتعدّى الـ 15 يوماً”، على حد تعبير أحد مياومي كهرباء لبنان، الذين ضاقوا ذرعاً بكل ما يحصل في هذا الملف السياسي بإمتياز. فتثبيت مياومي الكهرباء كان من المفترض ان يتم عبر امتحانات “طبيعية” تحاكي عملية تثبيت موظفي كازينو لبنان او الريجي او مؤسسة المياه وغيرها، لكن “شاءت الظروف والمصالح السياسية ان تنقلب الآية ويتم استثناء مياومي الكهرباء من هذه القاعدة”. علماً ان لمياومي الكهرباء “خصوصية” رعتها الاتفاقات السياسية، وتلخصت بموجبها عملية التثبيت بإدخال عدد كبير الى الملاك عبر امتحانات شكلية، تأخذ العدد المطلوب وفق الشواغر، على ان تدخل البقية تدريجاً بعد إحالة موظفين الى التقاعد. و”مع بلوغ المرحلة النهائية من الملف، بدأت تظهر عقبات جديدة، سببها “صغار المستفيدين”، بعد ان كانت العراقيل تحصل على مستوى “الكبار”، الامر الذي عقّد الملف أكثر”، على حد تعبير أحد المياومين. ما سبق ليس غريباً على متابعي الملف، الا ان نفاذ قدرة المياومين على احتمال المحاصصة في الملف، وتشعب شبكة المستفيدين، جعلا حدة المطالبة تصبح على اعلى المستويات. اذ بدأ عدد من المياومين بالتوجه الى رئيس مجلس النواب نبيه بري، مباشرة، وليس عبر شمله ضمن سلّة المسؤولين المطالبين بحل الازمة، كون بري أحد أهم عرابي تسوية التثبيت. وعبر “المدن” رفع عدد من المياومين الصوت مؤكدين على انهم لطالما كانوا “جاهزين للعمل النقابي وللنزول الى الشارع تأييداً للرئيس بري، لكن في ملف الكهرباء، من حقنا التساؤل عن سبب الاهمال”. وحذر المياومون من المماطلة أكثر، لأن النتيجة برأيهم ستكون “التصعيد عبر فتح ملفات الفساد داخل مؤسسة الكهرباء”، لأن هناك الكثير من الملفات تنتظر الكشف عنها. وأكد المياومون رفضهم لتأجيل الملف عبر “الأخذ والرد” بين مكاتب وزارة الطاقة ومؤسسة الكهرباء ومجلس الخدمة المدنية. الأخذ والرد “لا علاقة” لمؤسسة الكهرباء به، فإستناداً لمصادر “المدن” في المؤسسة، فإن المشكلة بين الوزارة ومجلس الخدمة المدنية، حيث ان “المؤسسة لم تتكلف بشيء حتى الآن، ولم يصل إليها أي ملف”، وأوضحت المصادر ان “العلاقة بين المؤسسة والمجلس تمر عبر الوزارة، فأي مراسلة بين المؤسسة والمجلس تكون عن طريق الوزارة، وبالتالي المشكلة ليست من جهة المؤسسة”. اما المياومون، فلم يأخذوا كلام المصادر على محمل الجد، لأن المؤسسة جزء من عملية المماطلة، إذ تتم داخل أروقتها حياكة الكثير من العراقيل. اما “واجهة” المؤسسة، فتبرز دائماً على أنها نظيفة. توجه المياومين مباشرة الى برّي، يدل على مستوى انسداد الافق، وانقطاع الأمل من أي تسوية سياسية مقبلة. وبات هؤلاء يفضلون العمل بشكل مباشر وواضح، والذي يشكّل التوجه نحو بري أحد خطواته. وفي المقابل، يأمل المياومون، وبخاصة المحسوبين على برّي، ان تكون “صرختهم” بمثابة ناقوس الخطر الذي يُدق في هذا الملف. في المقابل، فإن الناقوس الذي ينتظر قرار برّي، يأتي في وقت يضيق به الخناق على المشروع الأساس للشركات مقدمي الخدمات، وهو مشروع العدادات الذكية. حيث تشير مصادر “المدن” الى ان وزارة المال رفضت الموافقة على “مركزية (center) العداد الذكي الذي كان من المفترض ان يكون داخل مؤسسة الكهرباء”. وبات معروفاً ان مقدمي الخمات “يقاتلون” من أجل تمرير مشروع العدادات، حتى وان كان ذلك في الايام الاخير من عمر العقد الموقع بينهم وبين المؤسسة، وهذا ما ترفضه وزارة المال. فقد كان “الوقت” هو العامل الابرز لرفض الموافقة، لاسيما أن التمديد للشركات غير وارد حتى اللحظة، وعليه، فالموافقة على المشروع أمر غير مبرر. لطالما ناشد المياومون برّي، ومعه أحياناً كثيرة النائب وليد جنبلاط، الطرف الثاني في تسوية التثبيت، ومن ثم الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، كون الكثير من المياومين “شيعة، ومن أبناء الضاحية والجنوب والبقاع”. لكن المناشدة اليوم لامست حدود “التحذير”، ليس لبري وجنبلاط ونصر الله، وانما لكل من يعرقل ملف التثبيت، او يسكت عن العرقلة. والى حين ظهور النتائج الايجابية، فإن ملفات الفساد حاضرة، والشارع جاهز لإستقبال المياومين مجدداً.