من دون سابق إنذار عاد مشروع مرآب التل إلى واجهة الإهتمامات الطرابلسية من باب إقرار المجلس البلدي للمخطط المبدئي لتطوير وإنماء قلب المدينة بعد فترة من الإنتظار.
وفي ظل الرؤية الجديدة أصبحت طرابلس أمام مشروع لتأهيل منطقة التل، يتضمن مرآباً، حسب خالد صبح، عضو المجلس البلدي، الذي يوضح أن موضوع المرآب لم يلغ، وإنما تم وقف الأعمال الخاصة بإنشائه إلى حين إعداد المخطط التطبيقي، مذكراً بموقفه الرافض لـ”إنشاء المرآب على حدة كما تلخظ الخطة السابقة، لأن ذلك هرطقة إنمائية”.
والمخطط التطويري لمنطقة التل التي تختزن الكثير من التراث، سيتضمن إعادة تأهيل واجهات الأبنية في الوسط التجاري لمدينة طرابلس الذي يصفه صبح بأنه “شبه ميت حالياً”، وبالتالي فإن تحويله إلى منطقة حيّة بحاجة إلى قرار من رئيس البلدية لمباشرة العمل. فالمشروع متكامل ويعيد إلى وسط التل “مجده”، فهو لن يكون مجرد موقف للفانات والباصات وإنما سيكون متاحاً للعموم، وسيتم تأمين سيارات على الكهرباء أشبه بالترامواي لتقل الناس من المرآب إلى اسواق المدينة القديمة.
كما يلحظ المخطط ترميم 55 مبنى بعضها أثري، وتأهيل البنية الأرضية لمنطقة التل، والإبقاء على ساحة عبد الناصر، وكذلك إمكان إعادة إنشاء السرايا القديمة التي هدمت في العام 1969، وفي حال عدم التمكن من ذلك سيحل مكانها رسم السرايا القديمة على شكل فسيفساء كبيرة، تتخلله نوافير الماء.
ويطمح صبح لأن يرى مستقبلاً قاعة زجاجية يعرض فيها أمام السياح مخزون طرابلس التاريخي، وكذلك ضم قصر نوفل إلى “الماشية” بعد إقفال الممر الذي يفصل بينهما حالياً، وإستملاك سينما الأوبرا لتحويلها الى قصر للمؤتمرات.
وعن إحتمال زيادة الاحتقان المروري في قلب المدينة بسبب إقفال بعض الطرق وتحويلها الى طرق للمشاة، يجيب صبح: “لن ننطلق من دون خطة سير وإيجاد بديل للمواقف العمومية الشرعية، وهو ما يلحظه المخطط عن طريق توزيعها في 4 مواقع مختلفة بمنطقة التل”.
وتبلغ كلفة المشروع حوالي 14 مليون دولار. ويوضح صبح أن “البلدية ستؤمن 5 ملايين دولار، ويفترض أن تؤمن الباقي الدولة اللبنانية والتبرعات”.
والمخطط المغالي في المثالية يمكن أن يثير عددا من علامات الإستفهام حول إمكانية التطابق بين الأفكار والتنفيذ، وهو ما يجده صبح مبرراً “لأن أغلبية المشاريع التي نفذها الإنماء والإعمار في طرابلس كانت سيئة سواء ما قامت به شركة باتكو أو مشروع الإرث الثقافي”.
موقف المجتمع المدني
بعد ان ظن ناشطو المجتمع المدني أن جهودهم وإعتصاماتهم الضاغطة أفلحت في الضغط على المجلس البلدي للرجوع عن مخطط تحويل قلب المدينة إلى مرآب للسيارات، يبدو أن الجلسة الأخيرة للمجلس البلدي أعادت التجاذب بين الطرفين.
ويتحدث ناشطو المجتمع المدني عن تسلم مفارز السير العائدة لقوى الأمن الداخلي في المدينة خرائط من أجل تنظيم وضبط حركة السير ضمن نطاق منطقة التل ومحيطها، بالتزامن مع بدء تنفيذ أعمال الحفر لإنشاء البنى التحتية من خطوط مياه وصرف صحي وكهرباء.
“لجنة متابعة مشاريع طرابلس” ترفض وجود المرآب بالمطلق بغض النظر عن عدد الطبقات، وتطالب بمخطط توجيهي حقيقي وكامل، وهناك “محاولة للضحك علينا بما يسمى دراسة إنمائية لأنهم سيقومون بتسكير منطقة التل ودهن واجهات المباني فقط، وحالياً لا توجد خطة حقيقية”، حسب الناطقة بإسم اللجنة ناريمان الشمعة.
وفي ما يتعلق بخطة السير، تقترح اللجنة إعتماد الحزامين الغربي والشرقي لتخفيف ضغط السير عن المدينة وتحويل سير السيارات التي لا تحتاج الى دخول المدينة، وكذلك اعتماد محطات التسفير لنقل الباصات والفانات بعيداً من قلب المدينة .
وتطالب اللجنة بإيجاد بدائل لمواقف “التاكسي” الموجودة في منطقة التل وساحة الكورة. وتجد الشمعة انه من غير المنطقي استملاك سينما الأوبرا، وكذلك إقفال الطريق من سينما الروكسي بإتجاه الزاهرية، كما أن تحويل المنطقة للمشاة يجب أن يحصل بعد تنفيذ الخطة الإنمائية.
وعن المحاولات السابقة لتخفيف الإزدحام في قلب المدينة عن طريق إعداد خطط لنقل الباصات إلى أطراف المدينة، فترى الشمعة أنه “لم تنشأ محطات تسفير كما يجب. سابقاً تم إنشاء محطات تسفير عند النهر، بلغت كلفتها 4 مليارات ليرة ولم يتم تشغيلها بسبب خلاف السياسيين على إدارتها، وبقيت مقفلة الى أن تعرضت منشآتها للتلف وأصبحت تحتاج للإزالة”.
ورغم هذا السجال بين الطرفين يبقى من الضروري التوافق من أجل إشراك المجتمع المدني في القرار والأخذ بملاحظات الخبراء، إلى جانب الإستماع إلى أصحاب المحلات والمواطنين الذين يخشون أن يؤدي طول التنفيذ أو حتى “إحتمال سوء التنفيذ” إلى القضاء على ما تبقى من نشاط إقتصادي في القلب التجاري للعاصمة الشمال.