Site icon IMLebanon

«بروكتر آند جامبل» عند مفترق التغيير أو الطوفان

Proctor_and_Gamble

ليندسي ويب
منحت شركة بروكتر آند جامبل العالم مسحوق الغسيل والحفاظات التي يمكن استخدامها والتخلص منها والمسلسلات التلفزيونية. والآن تريد الشركة شيئا ما في المقابل: مزيد من الوقت من المساهمين لإثبات أن أكبر مجموعة استهلاكية على هذا الكوكب – ذات رسملة سوقية تبلغ أكثر من 200 مليار دولار – لا ينبغي أن يتم تفكيكها.

على خلفية المستهلكين المقتصدين بشكل متزايد والمنافسة الأشد، شهدت المجموعة، التي تعتبر موطنا لعشرات العلامات التجارية العالمية بدءاً من صابون الغسيل تايد إلى بانتين وأمواس جيليت، انخفاضا حادا في الحصة السوقية لبعض مجالات منتجاتها الأساسية خلال السنوات الأخيرة، مع انخفاض في المبيعات بنسبة 8.8 في المائة منذ عام 2012 وفقا لوكالة بلومبيرج.

وعلى الرغم من وجود برنامج خفض التكلفة المستمر البالغة قيمته عشرة مليارات دولار، بما في ذلك التخلص من نحو 100 من العلامات التجارية، يتزايد الضغط من أجل مزيد من التغيير الهيكلي.

إيه جي لافلي، الذي سُحِب من شبه التقاعد ليكون الرئيس التنفيذي في عام 2013، أسندت إليه مهمة تزويد المجموعة باتجاه جديد، لكن الأسهم انخفضت منذ ذلك الحين بنسبة 7 في المائة. السؤال الآن هو ما إذا كان يمكن أن تعمل على إعادة إحياء المبيعات أم أن عليها اتخاذ إجراءات أكثر جذرية، وأن يكون الخيار الأكثر تطرفا هو تقسيم الشركة؟

تقول فاليري نيوويل، رئيسة ريفربوينت كابيتال، شركة استشارية مقرها سينسيناتي تدير ملياري دولار، بما في ذلك أسهم شركة بروكتر آند جامبل “من الصعب ألا نشعر بخيبة الأمل من سهم الشركة، ليس فقط من وجهة نظر ربحية إنما أيضا من وجهة نظر تنفيذية. لديهم الكثير أمامهم فيما يتعلق بتنفيذ الاستراتيجية (من أجل إعادة تأسيس وترسيخ النمو). هنالك كثير من الصحة في تقسيم الشركة، حيث إن الأمر وارد جدا”.

أظهر استطلاع شمل 62 مساهما مؤسسيا أجري في شهر حزيران (يونيو) الماضي، من قبل علي ديباج، المحلل لدى شركة بيرنشتاين، أن 66 في المائة قالوا “إنهم يرغبون في خيار تقسيم الشركة”. يقدر ديباج أن مثل هذه الخطوة يمكن أن تضيف ما بين 9 إلى 18 في المائة لتقييم الشركة.

قد يعود التوتر بشأن مستقبل المجموعة إلى الظهور لاحقا هذا الأسبوع عندما تصدر شركة بروكتر آند جامبل أرباحها للفصل الأول. يقدر المحللون أن المبيعات تراجعت بنسبة أخرى مقدارها 18 في المائة لتصل إلى 17.1 مليار دولار ما بين شهري تموز (يوليو) وأيلول (سبتمبر) الماضيين.

يؤمن جون مويلر، كبير الإداريين الماليين في شركة بروكتر آند جامبل، إيمانا راسخا بأنه ينبغي للشركة أن تبقى دون مساس للاستفادة بشكل تام من اقتصاديات الحجم التي تقدمها وظائف سلاسل الإمداد والوظائف الإدارية المركزية.

يقول لصحيفة فاينانشيال تايمز “ربما قمت بتنفيذ، أو فكرت، في مزيد من الانقسامات أو فصل الأقسام أكثر من أي مدير مالي موجود في الولايات المتحدة. أنا لست ضد هيكل أو بنية معينة، لكنه هيكل وبنية من الصعب تماما إيجاد قيمة فيها”.

مسؤولية أن تثبت للمساهمين أن شركة بروكتر آند جامبل يمكنها زيادة أرباحها دون الحاجة إلى التقسيم ستقع على كاهل الرئيس التنفيذي القادم ديفيد تايلر، المخضرم في الشركة الذي قضى فيها 35 عاما، الذي سيحل مكان لافلي الشهر المقبل، لكن الوقت ليس في مصلحته.

الجذور العميقة في أمريكا

تعود جذور شركة بروكتر آند جامبل إلى عام 1837 عندما استخدم موظفو الشركة الأوائل بقايا دهن الحيوانات التي تخلصت منها مسالخ سينسيناتي، لصناعة الصابون والشموع ذات الرائحة القوية والمحبوبة بين الناس. كان ذلك بداية عقود من النمو، خاصة في الولايات المتحدة: حيث لا يزال أكثر من 65 في المائة من الأمريكيين يستخدمون أمواس جيليت للحلاقة، في حين تسيطر على نحو نصف سوق العناية بالأقمشة الأمريكية كل من صوابين تايد وباونتي وداوني.

في السنة المالية المنتهية بشهر حزيران (يونيو) الماضي، انخفض الحجم العالمي في أربعة من أصل مجالاتها الخمسة – الجمال والرعاية الشخصية والعناية بالشعر، والعناية بحلاقة الرجال، والرعاية الصحية، والعناية بالأطفال، والرعاية الأسرية والعناية بالمرأة. مجال الأقمشة والرعاية المنزلية هو ما حقق زيادات فحسب.

بدأت المشكلات لدى شركة بروكتر آند جامبل في عام 2009 عندما تعرض نمو المبيعات لضربة في أعقاب الأزمة المالية. انتُقِد الرئيس التنفيذي آنذاك روبرت ماكدونالد بسبب خسارة المجموعة لحصة السوق، وعدم التوصل إلى خطة لخفض التكلفة معا بسرعة كافية. انخفضت المبيعات سنويا منذ عام 2013.

في حين اعترفت الشركات المنافسة أمثال كولجيت – بالموليف ويونيليفر بأن التحول نحو البضائع الاستهلاكية الأكثر سلعية جاء ليبقى، يقول المحللون “إن شركة بروكتر آند جامبل تتغافل عن الموضوع معتقدة أن ذلك كان وضعا مؤقتا”.

المجموعة ليست الوحيدة في محاولة تلمس طريقها عبر التحولات الضخمة في الطريقة التي يتسوق بها الناس والأشياء التي يودون شراءها، لكن الأثر كان أعظم وأكبر في شركة بروكتر آند جامبل، ذلك لأنها كانت بطيئة في إدراك أن المستهلك قد تغيَر جذريا، وأن سياسات التسعير الرئيسية للشركة ربما لم تعد تلائم التغير في السوق.

يقول ديباج “لسنوات، حصلت شركة بروكتر آند جامبل على مستهلكين يدفعون أكثر وأكثر مقابل المنتجات التي نتصورها الآن باعتبارها سلعا. تحتاج الشركة لأن تدرك أن العالم قد تغير، وتحتاج إلى اتخاذ إجراءات أكثر جرأة من أجل التكيف مع الوضع”.

في الولايات المتحدة، حيث تحصل شركة بروكتر آند جامبل على 40 في المائة من مبيعاتها و60 في المائة من أرباحها، تكون أسعارها في المتوسط 30 في المائة أعلى من أسعار منافسيها، وفقا لستيفين باورز، المحلل لدى بنك يو بي إس.

يجادل النقاد بأن الأمر لا يتعلق فقط بالتسعير، وأن شركة بروكتر آند جامبل تحتاج أيضا إلى أن تكون رشيقة بما يكفي للاستجابة بشكل أسرع بكثير للتغييرات السوقية. بالنسبة إلى شركة بروكتر آند جامبل، كما يقول أشخاص مطلعون على الشركة، هنالك مشكلة ذات شقين: عملية اتخاذ القرار لا تزال مركزية جدا في سينسيناتي، على نحو لا يناسب شركة عالمية من هذا القبيل، كما أن كثيرا من هذه القرارات تشتمل على أشخاص كثيرين فوق الحد.

يقول موظف سابق “أصبحت الشركة مفرطة في ثقتها بنفسها، ونظرتها داخلية بشكل كبير جدا، ونتيجة لذلك لديها مستوى مرتفع من ثقتها بسلامة أفعالها في عالم يتغير بسرعة”.

نظرة متمعنة

بدأت السوق الأمريكية الخاصة بالعناية بحلاقة الرجال بالتغير في عام 2012. ولقد كانت لعقود عديدة مملوكة من قبل شركة جيليت، مع شركة شيك لإنرجايزر التي تأتي في المرتبة الثانية على مسافة بعيدة، حيث تتنافسان على عدد الشفرات لكل آلة حلاقة والابتكارات مثل تكنولوجيا “فليكسبول” للمساعدة على تبرير ارتفاع الأسعار.

غير أن نادي دولار شيف تفوق على الشركتين، حيث إن النادي ابتدع خدمة توصيل الشفرات من خلال الاشتراك عبر الإنترنت عندما انطلق في عام 2012 لبيع شفرات حلاقة بسيطة بأسعار أقل.

فكر قسم جيليت – الذي شهد انخفاضا في حصتها المهيمنة في السوق الأمريكية بنسبة 4.2 نقطة مئوية منذ عام 2009- في إنشاء خدمة اشتراك مشابهة لكنه أجل الموضوع، وفي النهاية أطلقت نادي الحلاقة جيليت هذا الصيف. حتى شهر أيلول (سبتمبر) الماضي، كانت “جيليت” تسيطر على 21 في المائة من سوق الحلاقة عبر الإنترنت مقارنة بنسبة نادي دولار شيف البالغة 54 في المائة، وفقا لوكالة سلايس، التي تتابع التسوق عبر الإنترنت.

يذكر أحد الأشخاص المطلعين على شركة بروكتر آند جامبل أنه على الرغم من أن “جيليت” تبلورت لديها فكرة نادي الحلاقة قبل منافسيها، إلا أنها كانت في المرتبة الثانية في السوق. يقول “إن الأمر لم يعد حول أكل القوي الضعيف، بل إنه حول السريع الذي يأكل البطيء”.

في بلدان الأسواق الناشئة، يتعلق الأمر أيضا بفهم السوق المحلية وعدم الافتراض أن المنتج الذي يكون رائجا في بلد ما سيكون بالضرورة كذلك في بلدان أخرى.

في الصين، التي تعتبر مهمة بالنسبة إلى النمو المستقبلي، تعترف شركة بروكتر آند جامبل بأنها أخطأت في قراءة حاجات الجمهور بالنسبة إلى منتجاتها من حفاظات بامبرز، التي كانت تستهدف فيها المستهلكين في السوق الوسطى، في الوقت الذي كان فيه الطلب أقوى بكثير في الجانب الراقي. تقول الشركة “إنه ردا على ذلك تقوم برفع مستوى بعض منتجاتها، وإدخال حفاظات ذات علامة تجارية مميزة”.

وفي حين إن من الممكن أن تختار الأمهات الصينيات من الأغنياء حفاظات ذات جودة عالية، يختار كثير من مستهلكي الأسواق الناشئة ماركات محلية عبر مختلف الفئات”. وسط التباطؤ الاقتصادي الأوسع نطاقا، تراجع النمو في سوق السلع الاستهلاكية المتحركة بشكل سريع في الصين من 12 في المائة في عام 2012 إلى 4.4 في المائة في الفصل الأول من عام 2015، وفقا لشركة بين كانتار ويرلد بانِل.

إضافة إلى أن الزبائن أصبحوا أكثر اقتصادا وفطنة، أصبحوا أيضا أكثر صعوبة من حيث العثور عليهم في مكان واحد. اعتمدت شركة بروكتر آند جامبل، أكبر شركة إعلانية في العالم بميزانية سنوية تصل إلى 8.3 مليار دولار، تقليديا على التلفزيون للتواصل مع عملائها.

بيد أن التغييرات، التي تتسارع بسبب وسائل الإعلام الأكثر انقساما، تعمل على نقل الشركة بعيدا عن جذورها المتمثلة في المسلسلات التلفزيونية.

يقول مارك ريتشارد، الرئيس العالمي للعلامات التجارية في “بروكتر آند جامبل”، “إنه على الرغم من أن التكنولوجيا الرقمية كانت آخذة في التطور على مدى العقدين الماضيين، إلا أنها تخلق الآن تغييرا عميقا”.

نتيجة لذلك، تقوم شركة بروكتر آند جامبل باقتطاع مبلغ 500 مليون دولار من إنفاقها على التسويق، وهو جزء من التقليص الشديد الذي شهد تخفيضا نسبته 22 في المائة من عدد العمال، الذين لا يعملون في قطاع الصناعات التحويلية قبل سنة من الجدول الزمني.

على رأس هذه التخفيضات التسويقية، تتوقع اقتطاع مبلغ 700 مليون دولار آخر في هذا العام المالي لإضافته إلى سبعة المليارات دولار، وهو المبلغ الذي خفضته خلال السنوات الخمس الماضية.

في الوقت نفسه، تعمل على تبسيط سلسلة التوريد المحلية الخاصة بها عن طريق الاستثمار في مصانع تصنيع منتجات متعددة جديدة، وستة من مراكز التوزيع لإيصال منتجاتها بسرعة أكبر إلى رفوف المحال التجارية.

وفي الوقت الذي تتوسع فيه في الخارج وتسعى إلى التخفيف من الأثر الذي يفرضه الدولار القوي على أرباحها، تضيف 18 مصنعا في البلدان النامية بحلول عام 2017.

إنتاج السلع

يعتقد المحللون والمستثمرون أن تايلر أمامه عام واحد لإظهار دلائل على حدوث انتعاش مستدام في نمو المبيعات، قبل أن ينفد صبر المساهمين. تقول نيوويل من ريفربوينت “إن الأشهر القليلة الأولى للرئيس التنفيذي الجديد قد تكون ما تسميه (ربع بالوعة المطبخ)- حيث تنفق الشركة الكثير في محاولة لإيجاد زخم لها”.

يقول باورز “إن شركة بروكتر وجامبل تحتاج إلى أن تفعل ثلاثة أمور لاستعادة حظوظها: بيع مزيد من منتجاتها على نطاق واسع من الأسعار، وليس فقط النهاية العليا، وزيادة الإنفاق على الإعلان، ومعالجة اختلال التوازن الموجود بين الأسواق المحلية والأسواق الناشئة”.

وفي حين إن الصين والبرازيل وروسيا تعتبر أسواقا قاسية الآن، يقول “إنها الآن هي المكان الذي سيكون فيه النمو على المدى الطويل”. تميل مبيعات شركة بروكتر آند جامبل بشدة نحو الأسواق المتطورة، لكن الاقتصادات الناشئة تستأثر الآن بما نسبته 32 في المائة.

يقول باورز “كانت استراتيجيتها تتضمن الذهاب إلى المكان الذي يكون فيه المستهلك أكثر استعدادا لها، وتحتاج إلى أن تكون نشطة أكثر في محاولتها تحقيق أهدافها”.

إذا لم يكن التقدم سريعا أثناء تولي تايلر، فمن المرجح أن تتزايد الدعوات إلى الانقسام، ولا سيما إذا وجد المساهمون النشطون طريقة لبناء حصة كافية بهدوء ليكونوا ذوي نفوذ، مثلما تمكنت شركة بيرشينج سكوير لبيل آكمان في عام 2012 قبل البيع في العام الماضي.

يصر ديباج على أنه ينبغي للإدارة أخذ موضوع الانقسام بعين الاعتبار في الوقت الذي يبقى فيه نمو الأرباح أمرا بعيد المنال. ويقول “إنه رغم كفاءتها المتزايدة، أفشل أداء أسهم شركة بروكتر آند جامبل أداء منافسيها، وإن التكاليف لا تزال أعلى من تكاليف الشركات المنافسة”.

وقد حدد اثنين من السيناريوهات لمستقبل المجموعة: تقسيم شركة بروكتر آند جامبل إلى شركتين تضمان منتجات الجمال وبقية المجالات الأخرى، أو تقسيمها إلى ثلاث وحدات تتكون من الجمال، والرعاية الصحية ومنتوجات الحلاقة للرجال، والمنسوجات، والرعاية العائلية والعناية بالطفل.

تشير تقديراته إلى أن مثل هذا التقسيم قد يضيف ما بين 9 في المائة إلى 18 في المائة إلى تقييم شركة بروكتر آند جامبل. الأشخاص الآخرون، أمثال باورز، يجادلون بأنه في حين يجدر النظر في جدوى تقسيم مثل هذه الشركة الكبيرة، بالنسبة إلى الوقت الحاضر، مع التركيز على طريقة أفضل لدمج الأعمال التجارية عبر مختلف الفئات، إلا أن هذا الأمر لا يعد أولوية.

إلا أن المساهمين ظلوا يشعرون بالاستياء.

صرحت المساهمة كارين ماير – حيث صفق لها الحاضرون – في الاجتماع السنوي الذي عقد هذا الشهر “الإدارة قادت حافلة “بروكتور آند جامبل” وأوقعتها في خنذق. ما الضمانات التي تستطيعون تقديمها لي بصفتي مساهمة، بأن أعضاء مجلس الإدارة، ونواب الرئيس، والرؤساء، والقيادة، التي دفعت بالحافلة وأوقعتها في الخندق، هي نفسها الإدارة التي تستطيع إخراجنا من الخندق”؟

هذا سؤال يرجح أن يُطرح مرة أخرى على تايلور حين يتولى رئاسة المجموعة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. يمكن لجوابه أن يحدد ما إذا كان المساهمون سيوافقون على إعطائه مزيدا من الوقت.