أبلغت مصادر وزارية صحيفة “النهار” أن التحذير الذي وجهه الخميس الرئيس تمام سلام في شأن مصير الحكومة ليس مناورة، وإذا ما قرر قلب الطاولة فسيلقى دعما عربيا إنطلاقا من حسابات إقليمية تؤدي الى إيجاد دينامية تثمر انتخاب رئيس جديد للجمهورية. وتوقعت أن يظهر قريبا جدا تسهيل متصل بملف النفايات بما يؤدي الى الحفاظ على الستاتيكو الحكومي الحالي ويؤجل طرح الانتخابات الرئاسية.
وعلى صعيد متصل، أكد مصدر مقرب من سلام لـ”الشرق الأوسط” أن “رئيس الحكومة كان واضحًا في كلامه، وهو لن يتردد في اعلان استقالة الحكومة، ما لم يتجاوب الفرقاء السياسيون مع خطة حل أزمة النفايات”.
وشدد المصدر على أن “وضع البلاد لم يعد يحتمل الانتظار، وليس مقبولا بعد الأن الاستمرار في تعطيل الحكومة ووضع العثرات أمام الاقتصاد، وأن نبقى متفرجين على ما يحصل”
وأشار الى أن رئيس مجلس الوزراء “ينتظر جوابًا من حزب الله وحركة أمل من أجل فتح مطمر للنفايات في البقاع الشمالي، بالتوازي مع فتح مطمر اسرار في عكار، وبناء على هذا الجواب يبنى على الشيء مقتضاه”.
من جهتها، أوضحت أوساط متابعة لدوافع موقف تمام سلام لـ”المستقبل” أنّ السبب الرئيسي وراءه (حل للنفايات أو الاستقالة) يكمن في التباطؤ الحاصل في معالجة أزمة النفايات، مشيرةً في هذا السياق إلى أنّ اللجنة المعنية بالملف لم تتلقّ بعد جواباً إيجابياً نهائياً من قبل “حزب الله” حول مطمر البقاع بعدما طال انتظار تحديد موقع جديد بديل للموقع المطابق للمواصفات البيئية والصحية الذي كانت اللجنة قد اختارته ورفضه الحزب.
وبينما عبرت الأوساط عن تعاظم منسوب المخاوف من أن تكون العقبات التي تحول دون تسهيل إنجاز خطة النفايات “سياسية لا فنية”، أبدت الأوساط اعتقادها بأنّ السقف الزمني الذي فُهم أنّ رئيس الحكومة يضعه لتذليل العقبات هو “أسبوع لا أكثر”. في وقت أكدت أوساط شهيب لـ”المستقبل” أنّ المهلة النهائية التي وضعها أمام المعنيين لإبرام الإطار التنفيذي المتوازن مناطقياً على صعيد تطبيق خطة النفايات تمتد حتى “الخميس المقبل وإلا فإنه سوف يضطر إلى إطفاء محركاته”.
قالت مصادر الرئيس تمام سلام لـ”الجمهورية” إنّه أفصَح في لقائه مع طلّاب الجامعة اليسوعية عن القليل ممّا يختلج في صدره من معاناة تتصل بما آل إليه ملف النفايات والمعالجات الفاشلة التي لم تنتهِ بعد لأخطر الملفات التي باتت من المشكلات والاستحقاقات الوطنية الكبرى بالنظر الى انعكاساتها على صحّة الناس وصورة لبنان، الى ما هنالك من نتائج سلبية ترتّبَت على التأخير في معالجة هذه المعضلة الصحية والاجتماعية والبيئية.
وحول الأسباب التي دفعته الى التعبير عمّا افصَح به ومهلة الأسبوع التي اعطاها الى من يعنيهم الأمر، قالت المصادر أن “ليس في الأمر سرّ. فالأسباب معروفة، وأقلّها أنّ الأطراف التي قررت في مجلس الوزراء ومن بعده في هيئة الحوار الوطني لم تلتزم مواقفها الداعمة للخطة التي أقرّها مجلس الوزراء لأسباب باتت معروفة لدى الجميع. وأقلّ ما يقال فيها أنّ البعض لجأ الى استخدام النفايات في الاستحقاقات السياسية وكأنّها قضية تعني رئيس الحكومة أو هذا الفريق أو ذاك من اللبنانيين، فيما المشكلة باتت بتردّداتها السلبية ونتائجها مسيئة للوطن وشعبه”.
وأضافت المصادر: “لقد ضاق رئيس الحكومة ذرعاً، يؤكّدون جميعاً أهمية الحكومة وضرورة حمايتها، ولا يسمحون لها بالاجتماع بنصاب قانوني أو ميثاقي، الى آخر المعزوفة المملّة، ويمنعون تطبيق قراراتها، فيما هم اعضاء في هذه الحكومة وشركاء في المسؤولية. علماً انّ مسؤوليات المعطلين لا تنفصل عن مسؤولية أي وزير من وزراء هذه الحكومة”.
وسخرت المصادر من بعض التفسيرات التي تعطى للصيغة الفنية والبيئية المعتمدة في تصنيف المناطق الملائمة للمطامر، مؤكدةً “أنّ المعايير البيئية والتقنية وحدها المعتمدة، وأي تصنيف آخر لا وجود له، ومن له تفسير آخر عليه ان يكشف عنه، ونحن جاهزون، وأصحاب الإختصاص معنا للتوضيح”.
لكنها لفتت الى مخاطر تكاثر الخبراء البيئيين الذين وزعوا الشهادات في الخبرة عبر المؤسسات الإعلامية، وهو ما أضرّ بمستوى فهم الناس لأهمية المطامر وما فيها من إجراءات وقائية جعلت بعض المطامر القائمة حالياً بمواصفات دولية”.
على صعيد آخر نفَت المصادر لـ”الجمهورية” الأخبار المتداولة من انّ سلام يستعدّ لزيارة بعض العواصم قريباً، ولفتت الى أنّ أولى الزيارات المدرجة على جدول اعماله رسمياً حتى الآن هي في منتصف تشرين الثاني المقبل الى المملكة العربية السعودية حيث تعقد القمة العربية ـ الاميركية اللاتينية في الرياض.