Site icon IMLebanon

هيكليّة “داعش” في المخيّمات!

لم تنتهِ قضيّة إلقاء المديرية العامة للأمن العام القبض على المسؤول الشرعي لـ “داعش” في عين الحلوة جهاد كعوش وشقيقه عضو “اللجنة الشرعية” في المخيّم زياد عكوش، عند حدّ ما كان يخطّطان له من استهداف شخصيات سياسية ومراكز عسكريّة ودور عبادة. بل قد وجد الأمن العام لديهما “داتا معلومات” تكاد تكون كاملة عن عمل التنظيم داخل عين الحلوة وبعض المخيّمات.

وكشف “توأما التنظيم”، المقيمان في حيّ جبل الحليب في المخيّم، النقاب عن هيكليّة “داعش” في عين الحلوة التي سُميت في بادئ الأمر هيئة أو “لجنة استشاريّة” بهدف توحيد عمل المجموعات التابعة لـ “داعش” والعناصر المستقلّة والمؤيّدة، داخل مخيّم عين الحلوة، والتنسيق مع كامل المخيّمات.

فكرة القيادي في التنظيم محمّد الإيعالي الملقّب بـ “أبو البراء اللبناني” (لبناني ـ مواليد 1989) حملها معه زياد كعوش من الرقّة (مقرّ أبو أيوب العراقي) إلى عين الحلوة في أوائل أيلول 2014. وسرعان ما طوّر محمّد علي جوهر الملقبّ بـ “أبو الزبير” (شقيق عبد الغني جوهر) الفكرة، لتصبح غرفة عمليّات موحّدة ترتبط بها كل الفصائل المسلّحة المنضوية تحت لواء “داعش” والمنتشرة في كل المخيّمات الفلسطينية، ولا سيّما مخيّمات بيروت: برج البراجنة وصبرا وشاتيلا ومار الياس.

حصل ذلك في أواخر تشرين الأوّل من العام 2014، حينما عقد “أبو الزبير” في أعقاب معركتي طرابلس وبحنين، وبصفته ممثلاً عن مقاتلي “داعش” في الشمال، لقاء داخل عين الحلوة مع أمير “داعش” في المخيّم عماد ياسين الملقّب بـ “أبو هشام” و “أبو أسيد” (فلسطيني ـ مواليد 1969) والمسؤول العسكري للتنظيم في المخيّم يحيى منصور الملقّب بـ “أبو محمّد” و “عبد الحي” (فلسطيني ـ مواليد 1979) والأخوين كعوش.

أيّام قليلة وبدأ عناصر “داعش” باستنهاض أنفسهم والعمل على تأليف المجموعات، خصوصاً بعد أنّ تمّ إيواء عدد من القياديين المنتمين لـ “داعش” في الشمال، كاللبنانيين طارق الخياط الملقّب بـ “أبو عبد الله الأردني” وابراهيم بركات، داخل منازل آمنة في عين الحلوة أمّنها جهاد كعوش.

وما إن أضحى “الداعشيون” حاضرين للمهمّة حتى كانت همزة الوصل بينهم وبين قيادة التنظيم في سوريا جاهزة أيضاً. فقد كلّفت القيادة “أبو البراء اللبناني” في أواخر تشرين الأوّل 2014 بمتابعة ملفّ مجموعات عين الحلوة، على أن يكون زياد كعوش هو المنسّق المباشر مع الأخير.

وضمّت غرفة العمليّات الموحّدة عدداً من اللجان والمجموعات التي كانت تعنى جميعها وفق اختصاصها، وهي على الشكل التالي:

اللجنة الأساسيّة يرأسها أمير “داعش” في المخيّم عماد ياسين، وتضم: المسؤول العسكريّ يحيى منصور، ومحمّد جوهر.

وتُعنى هذه اللجنة بتنظيم عمل العناصر والمجموعات التي تحمل فكر “داعش” داخل عين الحلوة ودمجها في مجموعة موحّدة، والتنسيق مع المجموعات التي تنتمي إلى “داعش” والمنتشرة في باقي المخيّمات. إذ يتولى جوهر عمليّة التواصل والتنسيق بين مجموعات التنظيم في الشمال وتلك الموجودة في عين الحلوة، فيما يتولّى شخصان مجهولان باقي الهويّة التواصل والتنسيق بين مجموعات عين الحلوة ومخيّمات بيروت (برج البراجنة ومار الياس وصبرا وشاتيلا)، وثانٍ مع مخيّمات صور (الرشيدية والبرج الشمالي والقاسمية وبرج رحال والبص).

5 مجموعات عسكريّة

وقامت اللجنة الأساسيّة بتشكيل خمس مجموعات مسلّحة تعمل بشكلٍ مستقلّ عن بعضها البعض لتنفيذ المهمات الأمنية التي تكلّفهم بها قيادة “داعش” في سوريا.

ومن بين المجموعات الخمس، فإنّ للفلسطيني جمال رميض الفارس الملقّب بـ “أبو محمد الشيشاني” (مواليد 1963) مجموعتين مسلحتين يعاونه مبارك العبدالله الملقب بـ “أبو عمر”.

ويرأس المجموعة الأولى التابعة لـ “الشيشاني” الفلسطيني هلال هلال الملقب بـ “أبو الرحمن الأنصاري”، وتضم الفلسطينيين الموجودين في عين الحلوة: محمد عفارة، أبو يزن، أبو دجانة، هشام قدور الملقب بـ “أبو هريرة”، ابراهيم شحادة، بلال نبية القاسم، محمد موسى الملقب بـ”أبو الأرقم”.

فيما تعمل المجموعة الثانية برئاسة “أبو حمزة مبارك”، وتضم الفلسطينيين: محمود خليل الملقّب بـ”محمد صطفلو” و “أبو صخر”، محمد خليل الملقّب بـ “أبو عائشة”، حمزة مبارك، عبدالله صبحة، حسن حوراني، محمّد حوراني، وعبد فضّة. وتأتمر المجموعة الثالثة بإمرة الفلسطيني محمود برقاوي المعروف بـ “محمود البرناوي” والملقّب بـ”أبو جويرية” (مواليد 1990). وعرف من المنتمين إليها الفلسطينيون الموجودون في عين الحلوة: عمر أبو خروب، نعيم نعيم الملقّب بـ “أبو مصعب”، وسيم نعيم الملقّب بـ”أبو آدم المقدسي”.

أمّا المجموعة الرابعة فيرأسها الفلسطيني يحيى المنصور، وتضمّ الفلسطينيين من عين الحلوة: عبد منصور الملقّب بـ”عبد جفصين”، عصام أبو خشب، وائل أبو كليب الملقّب بـ”وائل الافندي”، محمّد المقدح الملقّب بـ “أبو حمزة”، محمود المقدح، خالد السيّد الملقب بـ “أبو عائشة”، عمر طحبيش، زياد كعوش، محمّد المقدح، سلطان المقدح، وهشام المقدح الملقّب بـ “أبو صلاح”.

فيما تعدّ المجموعة الخامسة التي يرأسها عماد ياسين “أبو هشام”، هي الأخطر أمنياً من دون أن تعرف هويّة المنتمين إليها.

وبالإضافة إلى اللجنة الأساسيّة، فإنّ لغرفة العمليات الموحدة التابعة لـ “داعش” لجنة فرعيّة تتألّف من مسؤول التدريب “أبو محمّد الشيشاني”، والمسؤول الإداري “أبو جويرية”، والمسؤول الشرعي جهاد كعوش الملقّب بـ “أبو صالح”.

ويعمل أعضاء هذه اللجنة بصفة معاونين للجنة الأساسيّة ويُستشار كلّ منهم على حدة بالأمور الملتبسة وبحسب اختصاصهم.

وتتوزع مهام اللجنة الفرعيّة على عدّة مجالات:

ـ المجال الإداري: تأمين المستلزمات اللوجستيّة كأماكن الإقامة والأموال والرواتب والتغذية…

ـ مجال التدريب: تأمين كل مستلزمات التدريب من مراجع تعليميّة وأسلحة وذخائر وأعتدة… ويجري تدريب العناصر في منزلين في منطقة التعمير في عين الحلوة، الأوّل تعود ملكيّته لـ “أبو محمّد الشيشاني” والثاني لـ “أبو عبد الرحمن الأنصاري”.

ـ المجال الشرعي: ينكبّ العاملون في هذا المجال، بطلبٍ من اللجنة الأساسيّة، على إعداد البحوث الشرعيّة بالمسائل الملتبسة والتي تحتاج إلى توضيح، ليصار لاحقاً إلى إصدار فتاوى دينيّة فيها، بالإضافة إلى قيامها بإعداد أحكام الجهاد والبيعة والعقيدة ومناهج دراسية فقهيّة.

كما يُستشار رئيس اللجنة (كعوش) بأمور شرعيّة تحتاج إلى توضيح، ولا سيّما أثناء التحضير لعمليّات انتحاريّة. وهذا ما حصل عندما استفتى أفراد من المجموعات المسلّحة كعوش بإمكانية تنفيذ عمليات انتحارية بثكنة زغيب العسكرية في صيدا وحواجز للجيش في مداخل مخيم عين الحلوة، ليؤكّد المسؤول الشرعي أنّ “هذا الأمر جائز ومبارك”.

ـ مجال التمويل: استلام الأموال من قبل قياديي “داعش” في سوريا. وتبيّن خلال التحقيق مع الموقوفين من قبل المديريّة العامّة للأمن العام أنّ الأخوين كعوش لم يكونا من المسؤولين عن استلام الأموال المرسلة من التنظيم، وإنّما كان “أبو الزبير” هو المسؤول عن هذا الأمر.

وأقرّ الموقوفان أنّهما على دراية بعمليتي تحويل قام بها “أبو البراء” لمصلحة “أبو الزبير”، الذي استلم مبلغ 8000 دولار أميركي من مكتب لتحويل الأموال في تركيا، ومبلغا مماثلا له استلمه من أحد مكاتب التحويل في لبنان في عين الحلوة ليعود ويسلّمه إلى المسؤول الإداري “أبو جويرية”.

قياديو “داعش” مهتمون بالمخيّم

على مدى أكثر من سنتين من العمل المنظم مع “داعش” ومبايعة “الخليفة” أبو بكر البغدادي (أحدهم بيعة عامة والثاني بيعة حرب)، فقد تعرّف “توأم داعش” على العديد من قياديي “داعش” المهتمين بوضع عين الحلوة، إن كان في لبنان أو خلال رحلاتهما إلى سوريا وتركيا وقبرص (وقد تمّ القبض على زياد كعوش أثناء رحلته إلى قبرص عبر تركيا للقاء قياديي داعش بتاريخ 5 تشرين الأوّل الحالي).

ومن أبرز هؤلاء القياديين: السوري طه جبر صبحي فلاحة الملقّب بـ “أبو محمّد العدناني” حينما كان الناطق الرسمي للتنظيم قبل أن يصبح والياً ويتواجد في منطقة الرقّة، وأبو عبدالله العراقي الذي كان أمير “داعش” في القلمون خلال العام 2013، والعراقي عمر حميد ابراهيم دليمي الملقّب بـ “أبو أيوب العراقي” الذي كان الأمير الأمني لـ “داعش” قبل أن يصبح والي الشام وهو يتنقّل بين مناطق الرقّة وحلب وحمص وريف دمشق، وفق ما أشار جهاد وزياد كعوش خلال التحقيق معهما.

وتعرّف الأخوان كعوش على “أبو البراء اللبناني” والفلسطيني عبدالله أبو خروب الملقّب بـ “أبو خباب” (مواليد 1993)، الموكلة إليه مهمّة استقبال المهاجرين من الفلسطينيين الآتين من لبنان إلى سوريا للقتال إلى جانب “داعش”.

كما كان لزياد كعوش الذي انضمّ لـ “جبهة النصرة” في بادئ الأمر، “فرصة” التعرّف على أحد قيادييها وهو الفلسطيني محمّد العارفي الملقّب بـ “أبو سيف” و “أبو يوسف” الذي يتنقّل بين مناطق ريف حلب ومخيّم عين الحلوة.

رحلة بنغلادش وماليزيا

لم يكن المسؤول الشرعي لـ “داعش” يكتفي بالعمل داخل مخيّم عين الحلوة وعدد من مساجد صيدا والشمال والبقاع، وإنّما كان لإبن الـ24 عاماً رحلات وصفها بـ “الدعويّة” إلى شرق آسيا.

ففي بداية العام 2014، غادر “المبشّر بداعش” مطار بيروت باتجاه بنغلادش برفقة رجال دين فلسطينيين في عين الحلوة أبرزهم مسؤول جماعة “أهل الدعوة” في المخيّم وعدد من الشبّان. وحضر جهاد كعوش اجتماعات في العاصمة دكا، حيث مكث فيها ثمانية أيّام للقاء عدد من رجال الدين من مختلف أنحاء العالم.

وبعد أشهر حطّ كعوش في ماليزيا، حيث أمضى شهر رمضان بكامله برفقة الفسطينيين ي. ص. وس. ش. بعد أنّ تمّ اختيارهم بنتيجة اختبار لحفظ القرآن.

وأمضى أمير “داعش” الشرعي 10 أيّام في محافظة بنانغ التقى خلالها أحد الأساتذة الجامعيين المتخصّص بالهندسة المدنيّة التي كان يدرسها في لبنان، وتولى أيضاً إمامة المصلين في عدد من المساجد الماليزية بمساعدة شخصين ماليزيين. كما التقى خلال هذه الفترة عدداً من المشايخ والصحافيين وزار مراكز دينيّة.