جيفري ساكس
الآن تشهد الصين ما مرت به اليابان قبل جيل واحد: تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ بعد مطالبات من الولايات المتحدة بأن تحد من صادراتها. وفي أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن العشرين، كانت اليابان أيضاً موضع انتقاد من قِبَل الولايات المتحدة بزعم أنها «تاجر غير عادل» بسبب صادراتها التي ارتفعت إلى عنان السماء من قطاع التصنيع. حتى ان الولايات المتحدة أصدرت تهديداً صارماً واضحاً بتقييد الواردات اليابانية، ونجحت في دفع اليابان إلى تقدير سعر الين بما يتجاوز قيمته الحقيقية، الأمر الذي ساعد في دفع النمو الياباني إلى التوقف تماماً.
وبرغم ضعف الأداء الاقتصادي المزمن في اليابان، استمرت الولايات المتحدة في الضغط على اليابان لحملها على الحفاظ على الين المبالغ في تقدير قيمته طيلة تلك الفترة. وخلال عقد التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، سألت مراراً وتكراراً مسؤولين كبار في وزارة المالية اليابانية، لماذا سمحوا باستمرار ارتفاع قيمة الين الحقيقي وبالتالي إيقاف نمو الصادرات؟. وكانت الإجابة واحدة لا تتغير أبداً: كانت اليابان تخشى الانتقام التجاري من جانب الولايات المتحدة إذا أضعفت قيمة الين.
والآن تواجه الصين خطر تسلسل الأحداث نفسه. فقد دفعت صادراتها المزدهرة في منتصف العقد الأول من القرن الحالي المسؤولين في الولايات المتحدة إلى التهديد بالانتقام تجارياً ما لم تتخذ السلطات الصينية الخطوات اللازمة لتقييد الصادرات، ودفع قيمة الرنمينبي إلى الارتفاع، وهي الرسالة نفسها التي وجهت إلى اليابان ذات يوم، وقد اشتد إصرار الولايات المتحدة على رفع قيمة الرنمينبي بعد اندلاع الأزمة المالية في عام 2008. في وقت سابق من هذا العام، عبرت مجلة الإيكونوميست عن الفِكر الغربي التقليدي، لا تسمح لقيمة الرنمينبي بالانخفاض، لأن خفض القيمة ربما يستفز حرب عملة في آسيا؛ وربما إلى تجدد الاتهامات بالتلاعب بالعملة.
الواقع أن هذا التفكير المضلل هو على وجه التحديد ما أدى إلى جيل من تباطؤ النمو بلا داع في اليابان. وقد يحدث مرة أخرى في الصين.