كتب طارق حميد في “الشرق الأوسط”: كشفت صحيفة “السفير” عن لقاء ضم وفًدا من الحوثيين مع حسن نصر الله٬ في لبنان٬ وذكرت الصحيفة أن الاجتماع استمر لمدة خمس ساعات٬ أبلغهم فيها حسن نصر الله مباركته “للخطوات” التي يقومون بها٬ وقال المتحدث باسم الحوثيين للصحيفة إن نصر الله شجعهم على “المضي في الحوار بنفس عزيمة المواجهة في الميدان”! ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الحوثيين قوله إن هناك خلافات واقعة بين الحلفاء المعنيين باستعادة الشرعية في اليمن٬ ونقلت عنه رؤية تحليلية متناقضة٬ ومرتبكة٬ تظهر أن الخلاف الحقيقي هو بين الحوثيين وعلي عبد الله صالح!
إلا أن السؤال هنا هو: هل فعلا بارك نصر الله خطوات الحوثيين؟ وهل كان اجتماًعا ودًيا كما قيل؟ بحسب عدة مصادر مطلعة٬ لـ”الشرق الأوسط” فإن حقيقة ما حدث هو أن الحوثيين التقوا حسن نصر الله فعلا٬ ودار نقاش مطول٬ لكنه لم يكن ودًيا٬ ولا اجتماع مباركة٬ بل كان الحوثيون يعاتبون حزب الله٬ وإيران٬ على خذلانهم لهم٬ كون الدعم ليس كافًيا٬ وخصوًصا بعد استعادة الشرعية لعدة مدن يمنية بدعم من التحالف العربي.
وتقول المصادر إن الحوثيين سمعوا من حزب الله “جردة حساب طويلة٬ وعريضة٬ بما قدم لهم من دعم لم يستثمروه٬ ومن نصح لم يسمعوه”٬ وقيل للحوثيين تصرفوا وحدكم٬ ولا تنتظروا منا دعًما أكبر.وبحسب المصادر المطلعة فإن الحوثيين لم يكونوا يطلبون المباركة من حزب الله على استجابتهم للحوار السياسي في اليمن٬ بقدر ما كانوا عاتبين على الحزب٬ والإيرانيين٬ لأنهم كانوا ينتظرون دعًما أكبر٬ ومواقف جادة٬ أكثر فعالية٬ مثلا٬ من مواقف حزب الله الإعلامية.
ومقابل ذلك تلقى الحوثيون في الاجتماع لوًما قاسًيا. وموقف حزب الله هذا٬ والذي يعني أنه موقف إيران أيًضا٬ يعني أن طهران والحزب باتا يعيان أنه لا أمل في تحقيق انتصار في اليمن٬ وخصوًصا مع توالي سقوط المدن اليمنية بيد قوات التحالف٬ وهو ما يعني عودتها للقوة الشرعية اليمنية.ومع الورطة التي يمر بها حزب الله الآن في سوريا٬ وسقوط قتلى في صفوفه٬ وقياداته هناك٬ وكذلك توالي سقوط قتلى من قيادات الحرس الثوري الإيراني في سوريا٬ وهو ما يثير تساؤلات بعد التدخل الروسي٬ كل ذلك يقول إن إيران٬ وحزب الله٬ ليس بمقدورهما تلقي مزيد من الخسائر في مكان آخر٬ مثل اليمن٬ ويبدو أن حزب الله كان يعول على الحوثيين للقيام بأضرار ملحوظة على الحدود السعودية٬ وهو ما لم يحدث٬ بل على العكس تكبد الحوثيون خسائر جسيمة في اليمن٬ وعليه فإن الإيرانيين٬ ومعهم حزب الله٬ قد قرروا ترك الحوثيين لمواجهة مصيرهم٬ وهذا أمر متوقع٬ فكما ضحت إيران بـ”حماس” من قبل٬ في حربي غزة٬ ولم تتدخل٬ وكما تركت حزب الله يواجه إسرائيل وحيًدا في ٬2006 فإنها ستترك الحوثيين٬ وغيرهم٬ فهذه إيران الخمينية٬ وهذا هو تاريخها.