Site icon IMLebanon

موسكو تنفتح “نظريا” على “الجيش الحر”

انتهت اجتماعات فيينا بين وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والسعودية وتركيا، إلى لا اتفاق فيما يتعلق بالأزمة السورية، بعد أن اصطدمت المحادثات بـ”عقدة الأسد” أي مصير الرئيس السوري بشار الأسد ودوره في العملية السياسية، وهو ما كشفت عنه صحيفة “الشرق الأوسط”، وأكد مضمونه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي تحدث عن ضرورة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة، كما تحدث عن دور الجيش السوري الحر، وتمييزه عن بقية الفصائل “الإرهابية” في سوريا بما يمهد لضمه إلى الجيش السوري النظامي في أي عملية حل مستقبلية.

وتدفع موسكو بقوة باتجاه عودة المفاوضات في العاصمة النمساوية يوم الجمعة المقبل، ساعية لشرح وجهة نظرها من عملية الحل، مقابل تشدد من مجموعة أصدقاء الشعب السوري التي تخشى من “التفاصيل” في الخطط الروسية المعلنة، وتتحفظ على عدم وجود ضمانات حقيقية بإبعاد الأسد من العملية السياسية الذي يعتبر الشرط الأبرز للمعارضة السورية وحلفائها للدخول في أي عملية سياسية.

وأكدت مصادر لبنانية متحالفة مع سوريا أن مسألة دعم “الجيش الحر” بحثت في موسكو مع الرئيس السوري بشار الأسد، قبل طرحها من قبل الروس إعلاميا، موضحة أن الأخير قال لمحدثيه بأن بإمكانهم فعل ما يريدون إذا وجدوا جماعات يمكن أن تسمى معتدلة. وكشفت المصادر لـ”الشرق الأوسط” أن عملية “ترميم معنويات الجيش السوري ما تزال قائمة” كاشفة أن دفعة من المساعدات النقدية الإيرانية رصدت لتحسين رواتب الجنود السوريين بما يعادل 150 دولارا شهريا. وشددت على أن ثمة التزاما روسيا – إيرانيا بتعديل كفة الميدان كشرط أساسي لانطلاق أي عملية سياسية.

وأكدت مصادر تركية رسمية لـ”الشرق الأوسط” أن الحلول التي طرحها الروس لحل الأزمة السورية في فيينا كانت “عمومية” تنقصها الكثير من التفاصيل المهمة، معتبرا أن المسافة لا تزال بعيدة في مسألة الفترة الانتقالية، وفي مشاركة (الرئيس السوري بشار) الأسد في العملية السياسية. وشددت المصادر على أن أصدقاء سوريا “لن يقبلوا بأي دور فعلي للأسد” معتبرة أن الروس أثبتوا خلال اللقاء أنهم غير مستعدين بعد للتخلي عن الأسد، وإن كانوا أبدوا ليونة ظاهرية في الحديث عن دوره المستقبلي. ورأت المصادر أن المطلوب الاستمرار في دعم تطلعات الشعب السوري بغض النظر عن مجريات العملية السياسية، مشيرة إلى أن الاستقبال الذي نظم للأسد في موسكو يظهر مدى الالتزام الروسي به. وقال المصدر بأن الروس يتحدثون عن إمكانية دعم الجيش الحر في قتاله ضد المتطرفين، في حين أن طائراتهم لم تستهدف أحدا بالفعالية التي استهدفت الجيش الحر، مشددة على أن الموقف التركي ما يزال عند وجهة النظر القائلة بأن المنطقة الآمنة ضرورة يجب قيامها لحماية الشعب السوري من كل المتطرفين، “داعش” والنظام ملوحة بأن تركيا قد تقوم في لحظة ما “بما تمليه عليها قناعاتها وضميرها”.

وكان وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف قال: إن روسيا مستعدة لتقديم الدعم الجوي للمعارضة الوطنية، بما في ذلك لـ”الجيش السوري الحر” خلال التصدي للجماعات الإرهابية. وفي حوار سُجل معه عشية توجهه إلى فيينا قال لافروف عبر قناة “روسيا – 24” إنه من المهم بالنسبة لروسيا “الوصول إلى أولئك الأشخاص الذين يتمتعون بمصداقية ومخولين لتمثيل مجموعات المعارضة السورية المسلحة التي تقاتل ضد داعش”. كما تحدث وزير الخارجية الروسي عن انتخابات برلمانية ورئاسية في سوريا، وقال: “بالطبع يجب الاستعداد لانتخابات في سوريا، برلمانية ورئاسية”. وتكشف تصريحات لافروف هذه جانبا مما حمله معه من أفكار واقتراحات إلى المحادثات في فيينا، وهي الأفكار التي تتقاطع مع بعض بنود “الخطة الروسية لحل الأزمة السورية” التي نشرت الشرق الأوسط تفاصيلها يوم أول من أمس.

وعلمت “الشرق الأوسط” من مصادر في موسكو وأخرى في فيينا أن الجانب الروسي عرض جملة أفكار: “الأفضل تسميتها اقتراحات روسية للحل، لبحثها مع الأطراف الأخرى”، وفق ما قالت المصادر، مشيرة إلى أن هذه الاقتراحات الروسية تناولت بالفعل “مجموعة أفكار حول السبل المحتلمة لضم المعارضة السورية المسلحة بما في ذلك الجيش الحر إلى العملية السياسية، والحرب ضد الإرهاب، من هذه الأفكار تجميد القتال مع الجيش السوري الحر والمجموعات الأخرى من المعارضة السورية المسلحة، وتقديم الدعم لهذه المجموعات في قتالها ضد الإرهاب. إلا أن تباينات برزت هنا بين الأطراف في فيينا بخصوص تحديد الجماعات التي ستحظى بالدعم ومن هي الجماعات الإرهابية التي يجب قتالها”، ويضيف المصدر أن “تركيا على سبيل المثال ترى في بعض القوى الكردية جماعات إرهابية وتحملها مسؤولية تفجيرات إرهابية تضرب المدن التركية من حين لآخر، بينما تقيم موسكو تعاونا مع بعض هذه الجماعات النشطة على الأراضي السورية. لهذا برز خلاف لا يمكن القول إنه حساس للغاية أو إنه سيترك أثرًا ملموسا على نشاط الدبلوماسية في إيجاد تسوية للأزمة السورية، لكن هذه نقطة خلافية برزت، وكذلك الأمر بالنسبة لمجموعات سورية تتبنى الفكر الإسلامي لكنها ليست “داعش” ولا “جبهة النصرة”، وتصنفها روسيا جماعات إرهابية، بينما لا تراها كذلك أطراف أخرى شاركت في محادثات فيينا.

ورفضت المصادر التعليق على أجواء المحادثات والرد الذي سمعه لافروف على اقتراحاته من نظيريه كيري والجبير، واكتفى المصدر بالقول إن كل الأطراف في موسكو والرياض وواشنطن تنظر إلى اللقاء بحد ذاته على أنه خطوة إيجابية أولى، بغض النظر عن النتيجة، وهناك تمسك لدى جميع المشاركين بمواصلة الاتصالات وتكثيف اللقاءات وفق أكثر من صيغة سعيا لتقريب وجهات النظر، والجميع يدركون أن العملية معقدة وتتطلب الصبر والكثير من الجهد لكسر الجمود وإطلاق الحل السياسي في سوريا. وفي ختام حديثه تساءل المصدر عن الجهة التي ستمثل المعارضة السورية المسلحة في حال انطلق حوار واسع حول الأزمة السورية في الوقت القريب دون أن يوضح ما إذا كان موضوع تمثيل المعارضة قد تم بحثه خلال محادثات فيينا.

وقالت وزارة الخارجية الروسية على موقعها الرسمي بأن وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري أجريا محادثات يوم أمس خلال اتصال هاتفي بمبادرة من كيري، واصلا خلاله تبادل الآراء وبحثا “مهام تنظيم العملية السياسية بين الحكومة السورية ووفد موحد عن المعارضة السورية، وكذلك ضمان مرافقة خارجية (من جانب القوى الدولية والإقليمية) لهذه الجهود مع الاستفادة من قدرات كل القوى الكبرى في المنطقة”، وفق ما جاء في بيان الخارجية الروسية، التي أشارت أيضًا في بيانين مستقلين إلى أن لافروف أطلع كذلك نظراءه وزير الخارجية المصري سامح شكري ووزير خارجية إيران جواد ظريف على نتائج محادثات فيينا.

وأشارت وزارة الخارجية الروسية في بيان أصدرته أمس حول المكالمة الهاتفية التي تلقاها لافروف من نظيره الأميركي جون كيري إلى “أن الجانبين، وفي إطار سعيهما لتطوير تبادل الآراء الذي جرى في وقت سابق في فيينا، استأنفا مناقشة مهام تنظيم العملية السياسية بين الحكومة السورية والوفد الموحد لقوى المعارضة، وكذلك لضمان دعم هذه الجهود من الخارج باستخدام إمكانيات جميع دول المنطقة ذات النفوذ”.

وكان لافروف قد بحث المواضيع ذاتها مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال اتصال هاتفي تطرق إلى ضرورة توسيع الجهود الدولية بشأن سوريا، بما في ذلك انضمام إيران ومصر للدعم الخارجي للعملية السياسية في سوريا، كما كان أجرى مكالمة هاتفية مماثلة مع سامح شكري وزير الخارجية المصرية.