IMLebanon

“التشريع بمن حضر” مشروع أزمة كبرى؟

 

Parlement-libanais-1

 

 

 

ذكرت صحيفة “النهار” أن إجتماع هيئة مكتب مجلس النواب غداً سيتأثر بمناقشات إجتماع الحوار اليوم ومناخاته، لكن ذلك لا يمنع أن أكثرية أعضاء الهيئة مع عقد جلسة نيابية عادية مخصصة لمشاريع القوانين المالية العاجلة من دون إهمال مقاربة بقية المواضيع.

ولفتت مصادر الهيئة الى انه لم يرد حتى الساعة أي إقتراح قانون يتعلّق بتجنيس المغتربين كما يطالب “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”. ولكن إذا ما أتى مثل هذا الاقتراح، فسيصار الى التصويت في الجلسة إذا ما إنعقدت على صفة الاستعجال للاقتراح كي يمضي البحث في بنوده وإلا فإن الامر سيحال على اللجان المختصة.

أما في ما يتعلّق بقانون الانتخاب الذي يطالب به “التيار” “والقوات” أيضا، فهناك صيغ عدة مطروحة لم يقترن أي منها بموافقة اللجان المشتركة. وما هو مطروح من إقتراحات عابر للاصطفافات السياسية والطائفية لكن هناك إنقساماً حيالها.

ورأت أنه نظراً الى ضيق الوقت الذي يفصلنا عن آخر السنة، فهناك أولوية للموافقة على مشاريع القوانين التي تضمن إستمرار دفع الرواتب والتعويضات وتلك التي تخص الجيش والبنى التحتية وصدقية لبنان المالية والاقتصادية مع البنك الدولي والصناديق المالية.

وشددت على أن إنعقاد جلسة لهذه القوانين يتوافر لها النصاب المطلوب لن تكون إستفزازية لمن سيقرر مقاطعتها نظراً الى أهمية القوانين الواجب إقرارها، مع العلم أن الموقف المبدئي للكتائب من اولوية إنتخاب رئيس للجمهورية لا غبار عليه دستورياً.

ويبدو أن الكلام عن الجلسة الإشتراعية في مجلس النواب سيعيد إلى الضوء تباينات في الرأي داخل قوى 14 آذار، إذ أكد لـ”النهار” مصدر في حزب “القوات اللبنانية” أن نواب الحزب لن يشاركوا في أي جلسة تنعقد تحت عنوان “الضرورة الملحة” ولا يكون في أول بنود جدول أعمالها قانون الإنتخابات النيابية، وأيضاً قانون استعادة الجنسية الذي يتحمّل تأخيراً في ترتيب البنود، على أن يُقرّ القانونان معاً في الجلسة. وذكّر المصدر بأن هذا الموقف اتفقت عليه “القوات” مع “التيار الوطني الحر”.

وعن احتمال عقد جلسة اشتراعية بمن حضر إذا تأمّن لها حضور 65 نائباً، قال المصدر “القواتي”: “أنصح المعنيين بالتفكير ملياً قبل الإقدام على ذلك”، واصفاً قانون الإنتخاب بأنه “قضية القضايا، وإذا لم يُقرّ في أول جلسة فلن تكون فرصة أخرى لإقراره”.

واقترح المصدر التصويت في الجلسة المقترحة على مشاريع القوانين الأربعة المطروحة للإنتخابات، وأضاف: “هناك أكثر من 70 نائباً تقريباً مع القانون المختلط، النسبي والأكثري، الذي اتفقنا عليه مع تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي”.
وبعدما أكد أن “القوات” أطلعت حلفاءها على موقفها خلال اجتماعات قيادية، حذر المصدر من أن “كل الإحتمالات ستكون مفتوحة وفي شكل غير مسبوق إذا انعقدت جلسة اشتراعية بمن حضر”.

واقترح التمهل في عقدها أسبوعين أو ثلاثة لإجراء اتصالات ومناقشات “وفي حال عدم التوصل بنتيجتها إلى اتفاق على قانون للإنتخاب، نذهب إلى التصويت في الهيئة العامة، ونصوّت وفقاً لما اتفقنا عليه مع المستقبل والتقدمي الإشتراكي، كما نشرّع في الأمور المالية الملحة”.

صحيفة “السفير” قالت: “إن الخرق الوحيد المأمول حالياً هو إمكانية عقد جلسة تشريعية. ولهذه الغاية يقوم الرئيس نبيه بري بجهود استثنائية لتمرير «تشريع الضرورة»، مستعيناً بكل أدوات الترهيب مما ينتظر لبنان من انتكاسات دولية ومحلية، إن لم يقر بعض القوانين، فيما يتحفظ حتى اليوم على استعمال أدوات الترغيب، كإدراج قانون الانتخاب أو قانون استعادة الجنسية أو غيرهما”.

واضافت الصحيفة: “يعرف الرئيس بري، كما يعرف غيره، أن الجلسة لن تفيد في إحياء مؤسسة مجلس النواب، التي فقدت شرعيتها بالتمديدين ثم بعدم القدرة على الاجتماع. لكن مع ذلك، ثمة من يأمل تخفيف الإحراج عن النواب العاطلين من العمل. أضف أن أحداً لا يصدق أن ما يسمى بتشريع الضرورة سيسحب البلد من المهوار أو أنه سيعني أن الدولة ما تزال على قيد الحياة، أو أن الانهيار البيئي والصحي لن يحصل.

عندما يتحدث النواب عن ضرورة العودة إلى التشريع من أجل مصلحة المواطنين، فهم إما يقولون نصف الحقيقة أو يستخفون بعقول الناس.

وتابعت “السفير”: “لا أحد ينكر أن التشريع ضروري، لكن في المقابل، لا أحد يصدق أن السلطة تهتم لشؤون الناس، فلو كانت تفعل، لما احتاجت لانتظار جلسة تشريعية. قضية النفايات أكبر وأخطر دليل، وحلها لا يحتاج إلا إلى قرار جدي، لم يتخذ بعد، بالرغم من الجلسات الحكومية الطويلة التي عقدت لأجلها وبالرغم من القرارات العشوائية التي اتخذت وتبين أنها بلا جدوى. والسلسلة تطول: من التعيينات إلى المشاريع التنموية إلى الكهرباء والماء والطرق”…

وقالت: “ليست جلسة تشريع الضرورة هي «من سيشيل الزير من البير» إذاً، لذلك فالمطلوب أولاً عدم تضخيم نتائجها وانعكاساتها على المواطنين. في الأساس، لا وجود في منطق الدولة لقوانين ضرورية وأخرى غير ضرورية. كل القوانين ضرورية لانتظام عمل المؤسسات، لكن قبل ذلك المطلوب أن يكون هنالك دولة.. وفي غيابها، لن يغير تشريع الضرورة الكثير.

تعرف كل الكتل النيابية ذلك، لكنها تعرف أيضاً أن «تشريع الضرورة» هو مصطلح لا بد منه لتبرير عقد جلسات تشريعية في ظل الفراغ الرئاسي. أما الدخول في جدول الأعمال المفترض والحديث عن مخاطر على لبنان واحتمال ضياع القروض التي تتخطى قيمتها المليار دولار، فذلك يحتاج إلى نقاش.

تؤكد مصادر مطلعة على الواقع المالي أن لبنان لن يخسر القروض في معظمها، وحتى قرض البنك الدولي المخصص لسد بسري (474 مليون دولار) لن يسحب قبل نهاية العام. علماً أنه إن حصل ذلك، فإن الأمر لن يلغي إمكانية استعادته مجدداً.

أما الحديث عن رفع لبنان عن لائحة المستفيدين من قروضه خلال سنوات، فترفضه المصادر رفضاً مطلقاً، ما دام لبنان بلدا مساهما في البنك الدولي. حتى الرواتب التي حذر وزير المالية من عدم قدرة الوزارة على دفعها حتى نهاية العام، فإن حلها لا يمر حكماً بإقرار قانون الاعتماد الإضافي، على ما تؤكد التجارب السابقة، وإن يبقى الاعتماد الإضافي هو الوسيلة الأكثر قانونية.

بالنسبة لأحد الخبراء الماليين، فإن الخطر الفعلي لا يتعلق بالقروض أو الراوتب بل بالقوانين المالية التي تطالب المنظمات العالمية منذ مدة بإقرارها، والتي يمكن أن يؤدي عدم إقرارها إلى وضع لبنان على اللوائح السوداء، بما يعني فصله عن النظام المالي العالمي. لكن هذه القوانين، ولا سيما منها: «تبادل المعلومات الضريبية»، «تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال» و«نقل الأموال عبر الحدود»، لا تحظى بإجماع الكتل النيابية، بالرغم من أن جميعها يعرف أنها شر لا مفر منه. لذلك، فقد كان التأجيل هو أقصى ما يمكن للبنان أن يقوم به.

يدرك المشرّع أن مهمة لبنان تكمن في كيفية المواءمة بين الامتثال للنظام المالي العالمي ومصالح لبنان العليا، المتمثلة في حماية حرية اللبنانيين في التعاملات المالية ضمن سقف القانون، خصوصاً في ظل العقوبات المعلنة وغير المعلنة التي تطال جزءاً من اللبنانيين، ولا سيما “حزب الله”.

وأضافت “السفير”: “كل هذه القوانين وغيرها ستكون على طاولة هيئة مكتب المجلس غداً الثلاثاء، حيث وزعت دوائر المجلس على أعضائها مشاريع واقتراحات القوانين المحالة إلى الهيئة العامة (48 اقتراح قانون معجلا و21 اقتراح قانون منجزا في اللجان النيابية). علماً أنه في الاجتماع الأخير للهيئة (عقد في نيسان 2015)، تم الاتفاق على جدول أعمال مؤلف من 7 بنود تشكل مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة بـ: قوننة الإفادات المدرسية التي حصل عليها التلاميذ المرشحون للامتحانات الرسمية في العام 2014، الإجازة للحكومة عقد نفقات من أجل تحقيق عتاد وبنى تحتية ملحة لمصلحة الجيش (اتفق على التركيز على مسألة الأبنية، بعدما بدأ الجيش يعزز عتاده عبر الهبة السعودية)، زيادة مساهمة لبنان في رأسمال البنك الإسلامي للتنمية (يضغط البنك منذ سنوات ليرفع لبنان من مساهمته بما يمكنه من الاستمرار بالحصول على قروض منه)، اقتراح القانون المتعلق بسلامة الغذاء، الموافقة على إبرام عقد تمويل مع البنك الأوروبي للتثمير (المرحلة الثانية من مشروع أوتوسترادات لبنان والتي تمتد من ضبية إلى طبرجا)، الموافقة على إبرام اتفاقية قرض مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع الإسكان، بالإضافة إلى مساهمته في تمويل مشروع آخر يتعلق بمشروع استكمال منشآت الصرف الصحي.”

ما تزال هذه القوانين على جدول الأعمال، بعدما فشل المجلس في الانعقاد طيلة الفترة التي تلت، من دون أن يعني ذلك أنها ستبقى على جدول أعمال «تشريع الضرورة»، بعد ستة أشهر من الغياب. كما لم يعرف ما إذا كان الجدول سيضم المشاريع التي يعتبرها «القوات اللبنانية» و «التيار الوطني الحر» ضرورية، وينسقان بشأنها. لكن مع ذلك، تبقى حظوظ الجلسة بالانعقاد كبيرة، ما لم تؤد المزايدات إلى تطييرها، على ما رأى أحد نواب «المستقبل»، بعد دعوة وزير التربية إلى وضع «سلسلة الرتب والرواتب» على جدول أعمال الجلسة، ودعوته إلى الإضراب إذا لم يتحقق ذلك!.

ووصف مصدر في “المستقبل” لـ”اللواء” “اجتماع هيئة مكتب المجلس غداً بالفصلي بالنسبة للجلسة التشريعية”.

وقال مصدر وزاري مطلع لـ”اللــواء” انه “في ضوء مجريات جلسة الحوار اليوم، والتفاهم على جدول أعمال الجلسة التشريعية من عدمه غداً، يتوضح المسار الذي يمكن أن يسير عليه الوضع الحكومي، مع تأكيد مصادر السراي الكبير أن لا يوم محدداً لإعلان استقالة الحكومة فيما لو ارتأى رئيسها اللجوء إلى مثل هذا الخيار، على الرغم من المطالبة المتزايدة بعدم الاقدام على هذه الخطوة، في ضوء صعوبة التفاهم على خطوات بديلة، وعلى الأخص في الشأن الرئاسي، حيث يتمسك حزب الله من أن الأمور في المنطقة ذاهبة إلى مزيد من التعقيد، وإن المخرج الممكن يكون بانتخاب النائب عون رئيساً للجمهورية أو البقاء في دائرة الانتظار”.