لجأت أعلى هيئة رقابية مالية في سويسرا إلى اتباع إجراءات إفلاس ضد مصرف “هوتنجر آند سي آي إي” المتخصص في إدارة الثروات، في إجراء نادر جداً في سويسرا، بعد أن اعتبرت المصرف “مثقلاً بالديون”.
واستبعدت الهيئة إمكانية اللجوء إلى الوسيلة الأخيرة لإنقاذ أو إبعاد الشركات أو المؤسسات المالية عن الإفلاس، وهي استخدام ضمانات الودائع.
وقالت الهيئة الاتحادية للإشراف على الأسواق المالية “فنما” في بيان أمس، إنها وجدت منذ بعض الوقت أن هناك خسائر متكررة، ودعاوى قضائية لم يتمكن المصرف من تسويتها أو حلها، وأن مصرف هوتنجر لم يكن في وضع يتمكن فيه من الوفاء بالمطالب المتعلقة برؤوس الأموال من مختلف الصناديق التي يملكها، وأنه لم يكن قادراً أيضاً على إعادة رسملة أمواله.
وبررت الهيئة، التي توصف هنا بـ “شرطي المصارف” لجوءها إلى قرار إجراءات الإفلاس لعدم قدرة المصرف على استيفاء متطلبات رأس المال، وعدم توافر أي احتمال لإمكانية إعادة هيكلته أو إصلاحه، ولعدم تقدم مستثمر مناسب لشراء المصرف.
وأضافت الهيئة، أنها أجرت مناقشة وثيقة لم تسفر عنها أي إمكانية لإعادة المصرف إلى عافيته، وأن فتح إجراءات الإفلاس كان مدفوعاً أيضا من مخاوف تفاقم المديونية المفرطة إذا ما أضيفت إليها تكاليف التصفية، وعليه كان ينبغي تصفية المصرف.
وتم تأسيس مصرف هوتنجر في زيوريخ قبل أكثر من 200 عام، وتديره منذ ذلك الوقت أسرة من المقاطعة التي تُعد العاصمة المالية لسويسرا، وله فرع كبير في جنيف، ويدير أصولاً بقيمة 145 مليون فرنك (152 مليون دولار)، ويخدم نحو 1500 زبون، ويقوم بتوظيف 50 شخصاً.
وفي مطلع أيلول (سبتمبر) الماضي، دارت شائعات قوية في الأوساط المصرفية السويسرية حول مصاعب مالية يعانيها المصرف واحتمال بيعه.
ورداً على هذه الشائعات، أكد أندريه ريتشلين، مدير المصرف، في حينه أن مجلس الإدارة يبحث عن فرص بيعه في أوساط العديد من الجهات الفاعلة في الساحة المالية بما في ذلك في وسط المؤسسات المالية الصغيرة. لكن لم تظهر أي واحدة من هذه الفرص في الوقت المناسب.
لكن الآن، فإن الهدف الأول لـ “فنما” هو “حماية المستثمرين في هوتنجر”، حسب ما قاله لـ “الاقتصادية” توبيا لوكس، المتحدث الرئيس باسم الهيئة.
وأوضح لوكس “في البداية، فإن المصفين سيسددون بسرعة أصول العملاء بحد أقصى قدره 100 ألف فرنك (105 آلاف دولار)، حيث إنه وفقا لحساباته، فإن الودائع المميزة ينبغي تغطيتها تماما من الأموال الحالية للمصرف.
والمقصود بالودائع المميزة، ودائع صناديق المعاشات التقاعدية، أو ودائع التأمين ضد البطالة، وغيرها من صناديق التأمينات الاجتماعية.
وحسب قانون سويسري تم إدخاله عقب الأزمة المالية عام 2008، وما أسفر عنها من توالي إفلاس العديد من المصارف في بلدان غربية مختلفة، أنشأت الحكومة السويسرية صندوقاً ضمنت فيه تعويض خسائر المودعين في المصارف التي تتعرض للتصفية أو الإفلاس بمبلغ 100 ألف فرنك، كحد أقصى.
وقالت الهيئة الاتحادية للإشراف على الأسواق المالية “فنما”، حينذاك، إنه سيتم بسرعة سداد أصول العملاء التي تقل عن 100 ألف فرنك، أما أصحاب الودائع التي تتجاوز هذا المبلغ، فسيتم تعويضهم بعد تأسيس قائمة الدائنين من قبل المصفين، حيث سيعرف هؤلاء مقدار ديون المصرف، ليتم بعدها تقسيم الأموال المتبقية بين أصحاب هذه الحسابات.
وكان مصرف “إسبيرتو سانتو” البرتغالي آخر مصرف أعلن إفلاسه في سويسرا في أيلول (سبتمبر) 2014 ، وذلك بعد إفلاس المصرف الأم في لشبونة.