– بعد الأزمة المالية التي ضربت العالم، أصبحت أكثرية الدول تشدّد على ضرورة دعم قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم بعدما تبيّن أنّ هذا القطاع يساهم في إنعاش الإقتصاد وفي إستحداث فرص عمل، فبدأت المصارف تعطي أهمية كبرى للقروض المتوسطة والصغيرة.
وينصبّ التركيز اليوم على هذا القطاع، إن في لبنان أو في العالم. ففي لبنان أنشات غالبية المصارف اللبنانية وحداتٍ خاصة للعناية في هذا القطاع. كذلك أظهر مصرفُ لبنان إهتماماً في هذا السياق، فقد قدّم الدعمَ اللازم للمصارف لتنمية هذا القطاع وتطويره.
لذلك نعتبر أنّ النظامَ الإقتصادي القائم حالياً «Ecosystem» أصبح متكامِلاً لناحية دعم المؤسسات المتوسطة والصغيرة الحجم، والشركات الناشئة.
بالإضافة إلى مؤسسات الإقراض الصغير«Micro Credit» هناك مروحة من القروض المدعومة من مصرف لبنان، تؤمّنها المصارفُ لعملائها كالقروض المكفولة من شركة كفالات وغيرها التي تساهم في تنمية وتطوير هذه المؤسسات، عبر إقراضها لفترات متوسطة وطويلة وبكلفة متدنّية.
بالإضافة إلى القطاع المصرفي ساهمت حاضناتُ الأعمال «Incubators» وشركاتُ تسريع الأعمال «Accelerators» في تطوير وتسريع أعمال الشركات الناشئة.
ولا بدّ من الإشارة إلى التعميم رقم 331 الصادر عن مصرف لبنان الذي يُتيح للمصارف استثمارَ 3% من أموالها الخاصة في الشركات الناشئة في قطاع المعرفة. إنطلاقاً من هنا تأسّست صناديق إستثمارية عدة من أجل الإستثمار في هذه الشركات.
وعلى رغم أنّ مصرفَ لبنان أتاح للمصارف الإستثمار مباشرةً، إلّا أنّ المصارفَ لا تملك في غالبيّتها الخبرة التقنية الضرورية للدخول في هذا النوع من الإستثمارات، لذلك فضّل البنك اللبناني الفرنسي ش.م.ل. الدخولَ في هذا المجال بواسطة ثلاثة صناديق تتمتّع بالخبرة اللازمة.
بإمكاننا القول إنه لم يعد مسموحاً للشباب المبادرين والمبتكرين الذين أنهوا دراستهم ويملكون أفكاراً جديدة قابلة للتنفيذ، ألّا يجدوا التمويل اللازم لمشاريعهم، وأن يضعوا الهجرة حلاً وحيداً أمامهم.
• ما هي النسبة التي يشكلها هذا النوع من القروض من مجموع القروض في مصرفكم؟
– حالياً تشكّل نسبةُ القروض الصغيرة والمتوسطة الحجم 14% بالنسبة إلى مجموع التسليفات. كما يُعتبر البنك اللبناني الفرنسي متخصِّصاً في تمويل الشركات الكبيرة لكنه حالياً بات يعطي اهتماماً كبيراً لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسّطة الحجم لأننا نعي أهمية دَور هذه الشركات في استحداثِ فرص العمل والتنمية الاقتصادية والحدّ من هجرة الشباب.
• إلى أيّ حدٍّ ساهمت هذه القروض في تحريك الاقتصاد ودعم الشريحة المتوسطة الدخل؟
– أودّ التشديد على أنّ القروضَ التحفيزية المدعومة من مصرف لبنان هي التي ساهمت في السنتين الماضيتين إلى حدٍّ كبير في النموّ الاقتصادي، ولولا هذه القروض لكان النموُّ معدوماً أو لا يتجاوز نسبة 1%. وبما أنّ موارد القطاع المصرفي وودائعه تنمو سنوياً من 7 إلى 8 % يعني أننا قادرون على الاستمرار في إعطاء القروض بالزخم نفسه لكلِّ مَن هو في حاجة إلى قرضٍ للاستثمار.
• هل هناك قروض صغيرة مدعومة من مصرف لبنان؟
– يشدّد مصرف لبنان في الوقت الراهن على دعم هذا القطاع لوجود مؤسسات عدة في لبنان تُعنى بالإقراض الصغير أيْ القروض التي تساعد على خلق وتطوير مشاريع إنتاجية أو خدماتية أو سياحية أو تجارية شرط ألّا تتجاوز قيمتها 20 مليون ليرة ومدة تسديدها خمس سنوات. يأتي الدعم من مصرف لبنان إما عبر خفض الاحتياطي الإلزامي وإما عبر التمويل المباشر الذي يقدّمه للمصارف.
تجدر الإشارة إلى أنّ نسبة التسديد لهذه القروض تُعتبرعالية لا سيما أنّ هذا النوع من القروض يُعطى من دون ضمانة. كما أنّ نسبة مهمة من هذه القروض تُخصَّص للمرأة.
• هل إنّ نسبة المخاطر في هذه القروض أعلى من نسبتها في القروض الأخرى؟
– تُعتبر نسبة المخاطر في هذا النوع من القروض عالية لذا تكون الفوائد أعلى من غيرها، وهي تُقدَّر بنحو 14%. كما يعود ارتفاع هذه النسبة إلى أنّ الكلفة الإدارية عالية، فالموافقة على إعطاء القرض في منطقة نائية مثلاً تستوجب توظيفَ شخص في هذه المنطقة لدرس المشروع والاستعلام عن طالب القرض. إلّا أنّ قيمة الفوائد المدفوعة لا تشكل عبئاً على المستفيد لأنّ القرضَ يساهم في تطوير عمله وتحسين وضعه المعيشي.