ذكرت صحيفة “النهار” أن الجولة الثامنة من الحوار في مجلس النواب لم تقدّم أي معطيات جديدة ايجابية من شأنها دفع الآمال التي علقت على “قرار سياسي” جدي و”مرجعي” بتوفير الدعم لرئيس الوزراء تمام سلام في أزمة النفايات التي تبدو هائمة بلا أفق واضح، وقت بدت مقاطعة حزب الكتائب لجولات الحوار الى حين ايجاد حل لهذه الأزمة بمثابة مؤشر لتصاعد التداعيات التي يمكن ان تتوالد تباعاً لاستمرار الأزمة.
وأبرز ما شهدته جولة الحوار تمثل في وضع رئيس المجلس نبيه بري جدول مقارنة لمواصفات رئيس الجمهورية، مختصراً فيه ما ورد في الأوراق الخطية التي قدّمتها قيادات طاولة الحوار في الجلسة السابقة.
وأدرجت المواصفات في خط أفقي، وهي: “الحيثية (حيثية الرئيس في طائفته ومكونات اخرى)، محاور (تدوير زوايا، تواصل مع الجميع، جامع، الانفتاح ) المقاومة (تأييد)، إصلاحي (محاربة الفساد)، الدستور (تطبيق الطائف، التقيّد بالدستور، الغاء الطائفية)، تعديل الدستور، النأي بالنفس، العودة الى الشعب، غير مؤيّد من رعاة إسرائيل، عصامي، لا استتباع للخارج”.
وعمودياً أدرجت الأسماء بدءاً من الرئيس تمام سلام الذي لم يشارك في إبداء الرأي، وكالكلمات المتقاطعة، وضعت علامة “موافق” الى جانب كل اسم على الصفة التي يريدها في رئيس الجمهورية. وظهرالاجماع على “الحيثية وصفة المحاور، والاصلاحي والملتزم مكافحة الفساد، والملتزم الدستور وتطبيق الطائف، والعصامي، وغير المرتبط بالخارج”.
كما تبيّن من الجدول أن النواب وليد جنبلاط ومحمد رعد وأسعد حردان وطلال ارسلان يريدون الرئيس “مؤيداً للمقاومة” وفريق 14 آذار تحفّظ بعدما كان معترضاً لأن هذا الموضوع مرتبط بالاستراتيجية الدفاعية التي لم يتفق عليها بعد، ولذلك كانت المطالبة بوضع ضوابط للمقاومة، وأكد كل من فريد مكاري ووليد جنبلاط وسامي الجميّل وميشال فرعون أنه يريد الرئيس “ملتزماً النأي بالنفس”.
فريق الثامن من آذار رفض النأي بالنفس وخصوصاً عن الارهاب. والرئيس نجيب ميقاتي الذي دعا الى “عدم الاستتباع للخارج” دافع عن النأي بالنفس “لأنه يحمي لبنان، وهو أمر لا ينطبق حكماً على الصراع العربي – الاسرائيلي بل على خلافات المنطقة. فوضع لبنان حساس وأي أمر خلافي يعرّضه للشرذمة والانقسام، وهذا ما شهدناه تاريخيا منذ قيام حلف بغداد وصولا الى الصراع الدائر حالياً في المنطقة”.
النائب محمد رعد يريد رئيساً “غير مؤيّد من رعاة اسرائيل”، والنائب ميشال المر طالب بتعديل الدستور. وحده “التيار الوطني الحرّ” طالب في ورقته التي قدمها النائب ابرهيم كنعان في الجلسة السابقة، “بالعودة الى الشعب”. وعلم أن العماد عون أكد أن الحيثية في الطائفة والعودة الى الشعب هما الصفتان اللتان لطالما طالب بهما.
وعلم أن البحث بقي عالقاً في بند “العودة الى الشعب”، و”النأي بالنفس”، وطلب استكماله في الجلسة المقبلة، علما أن الرئيس بري والنائب رعد اعتبرا ان العودة الى الشعب لا تعني انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب لان ذلك يتطلب تعديلا دستوريا بحضور ثلثي أعضاء مجلس النواب الذين يمكنهم عندئذ انتخاب الرئيس الجديد. وقبل أن يطوى هذا الموضوع قدم عضو وفد “المستقبل” النائب عاطف مجدلاني وثيقة هي كناية عن بيان أذاعه وزير خارجية قطر السابق حمد بن جاسم في فندق “فينيسيا” بعد لقائه أطراف الحوار في الدوحة عام 2008 وفيه الاتفاق على المرشح التوافقي وهو العماد ميشال سليمان قبل الاتفاق على الحكومة وقانون الانتخاب.
في ما يتعلق بموضوع النفايات الذي خصص القسم الأخير من اجتماع الحوار له، بادر الرئيس بري الى دعوة رئيس الوزراء الى عقد جلسة لمجلس الوزراء لبت الموضوع، فرد الرئيس سلام قائلا انه لن يدعو الى جلسة لا تشارك فيها كل المكونات، مؤكداً ان لا حل لقضية النفايات إلا بإيجاد مطامر في كل لبنان من الجنوب مروراً بالمتن وكسروان وصولا الى البقاع ولا يمكن الاتكال على عكار وحدها في هذا المجال. عندئذ قال النائب ميشال المر ان لديه خطة سيطرحها مع العماد عون غدا. واعتبر الرئيس بري غياب النائب سامي الجميل عن الحوار بمثابة تحفيز للحكومة على الاجتماع.
ويشار الى ان أزمة النفايات حضرت خلال إطلاق المرحلة الجديدة من “مشروع مركب قانا العلمي” أمس. وأوضح الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة أنه من غير المقبول أن تصل النفايات إلى البحر لأنها ستلوث المتوسط الذي ليس ملكاً للبنان بل “يحضن” 27 بلداً.
وسألته “النهار” عما إذا كانت دول المتوسط ستقاضي لبنان اذا رميت النفايات في البحر، فأجاب: “من حقها أن تقاضي لبنان لأن التلوث سيصل إلى شواطئها”. وشدد على أن “النفايات في البحر ستؤثر سلباً على الثروة السمكية وحركة الملاحة البحرية”.
وفيما غاب ملف تشريع الضرورة عن جلسة الحوار، علم أنه حضر في خلوة صباحية سبقت الجلسة وضمت رئيس المجلس وعون وكنعان والوزير علي حسن خليل والنائب غازي العريضي. وعلم أن بري يحاول ايجاد حلول لمطلب “التيار” و”القوات اللبنانية” الملتزمين موقفا واحدا ومشتركا أن يكون قانون الانتخاب المدخل الى تشريع الضرورة. ولا يزال التفاوض جارياً من جهة بين “القوات” و”التيار” ومن جهة اخرى بين بري و”التيار” و”القوات”. وقد عقد مساء بعد الحوار اجتماع بين كنعان وحسن خليل، استكمالاً لعملية التفاوض في شأن سبل ادراج قانون الانتخاب على الجدول في هيئة مكتب المجلس، وقانون استعادة الجنسية.