Site icon IMLebanon

لا أفق للدَّين العام مع غياب الإصلاح والاستقرار السياسي وتأجيل الأزمة

LebaneseDebt

موريس متى

أقفل باب الاكتتاب للاصدار الجديد لسندات الخزينة “اوروبوند”. حقق هذا الاصدار الذي أدارته وسوّقته 4 مصارف هي “فرنسبنك” و”سوسيته جنرال” و”سيتي بنك” و”تشارترد بنك”، لمصلحة الخزينة اللبنانية، نجاحاً كبيراً، اذ تجاوزت العروض السقف المحدد، الامر الذي قد يدفع وزارة المال الى رفع القيمة النهائية للاصدار الذي شكلت اكتتاباته من المصارف اللبنانية أكثر من 80 %، و15 % من المصارف الاجنبية.

سجلت عملية التسويق التي قامت بها المصارف، وتلقي المكتتبين المحتملين عروضاً تتضمن شراء سندات جديدة واستبدالها، تراوح آجالها بين 9 سنوات و20 سنة، في أجواء تؤكد ان هذا الاصدار حقق نجاحا كبيرا عبر نسبة الاكتتاب العالية من المصارف اللبنانية. إلا أن هذا النجاح يُسلط الضوء على مديونية الدولة التي أصبحت في المرتبة الثالثة عالمياً في تصنيف حجم الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي. فقد أشارت بيانات رسمية الى ارتفاع الدين العام اللبناني الى نحو 70 مليار دولار، في حين تؤكد التوقعات تخطيه الـ 72 مليارا في حلول نهاية 2016. وإذا كان نجاح الإصدار مؤكداً نظراً إلى توافر السيولة في المصارف المحلية وودائع اقتربت من 170 مليار دولار، على رغم ندرة فرص الإستثمار في الداخل اللبناني، بالاضافة الى تعرض هذه المصارف للدين العام، إلا أن هذا النجاح يحمل في طيّاته زيادة في الدين العام. ومن المؤكد ان المصارف اللبنانية لا تملك أي خيار آخر غير الاكتتاب في هذا الإصدار الجديد، لأن أي عجز أو تعثر للدولة، ينعكس مباشرة عليها. فهذه المصارف تحمل أكثر من 80% من الدين اللبناني، وتالياً فإن تصنيفها الإئتماني يصبح على المحك. وقد بلغت حصة القطاع المصرفي من الدين العام نحو 55%، اما مصرف لبنان فيحمل 30% من هذا الدين.

تفاصيل الاصدار
ينقسم الإصدار الجديد إلى فئتين؛ الأولى تتعلق بإصدار سندات دين جديدة بقيمة إجمالية تبلغ 1.4 مليار دولار، والثانية باستبدال مسبق لشريحة قيمتها 750 مليون دولار وتستحق في كانون الثاني 2016. وقد بدأ الحديث مع حاملي سندات الخزينة التي يحل أجل استحقاقها في 2016، لاستبدالها بسندات تنتهي في سنة 2028، ضمن عملية تُعرف بـ SWAP. هذه الخطوة تُعتبر إيجابية، إلا أنها قد تُكلف خزينة الدولة نحو 3 ملايين دولار لأن السعر المعروض للشراء 101.31% في مقابل سعر السوق المحدد بـ 100.935%. وفي ما يتعلق بالسندات الجديدة، اجبرت وزارة المال على إصدارها بسبب حاجتها الى سيولة طارئة بقيمة 1.4 مليار دولار تقريبا. وبحسب المعلومات، يشمل عرض المصارف في هذا السياق، الاكتتاب بإصدار سندات جديدة تراوح آجالها بين 9 سنوات و13 سنة و20 سنة.
وعلى رغم نجاح هذه العملية المضمونة إلا أن نسبة المديونية العامة سترتفع إلى ما يزيد عن 160%، وهذه النسبة تٌعتبر كبيرة جداً وخطيرة وتُنذر بالشؤم مع عجز الهيكلية الحالية للإقتصاد اللبناني عن توفير نمو يفوق متوسط سعر الفائدة على الدين العام. والجدير ذكره، أن وزارة المال باتت تستدين بشكل تلقائي لسد مستحقاتها التي تطرأ على السندات، أي أنها تُصدّر سندات لدفع السندات التي تستحق، إضافة إلى تغطية الإنفاق العام والذي يشمل أجور القطاع العام. ويبقى الاقتصاد اللبناني عاجزاً عن تغطية إنفاق الدولة، لأن مدخول الخزينة لا يُغطي إلا خدمة الدين العام وأجور القطاع العام. وتالياً فإن الإنفاق الإضافي يتحول تلقائيا دينا عاما. هذا الأمر مرده غياب الإستثمارات، اذ تحول الاقتصاد اقتصاداً شبه ريعي وتراجع حجم التجارة وحركتها. تضاف الى ذلك، الازمة السياسية مع تلويح رئيس الحكومة تمام سلام بالاستقالة، وتأزم الوضع الداخلي أكثر فأكثر، وارتفاع حدة التشنج، وكلها عوامل تضع الاقتصاد الكلي ووضع المالية في خطر. بالاضافة الى مساهمتها في تحميل خزينة الدول فوائد أعلى تُجبر على دفعها لحاملي السندات، نتيجة الاخطار المحدقة بالبلاد وخطر التعثر.