Site icon IMLebanon

التطبيقات الإلكترونية “تأكل” شركات التاكسي

uber-taxi
حسن يحي
حال مكاتب سيارات الأجرة (التاكسي) كحال لبنان المأساوية. فقطاع التاكسي يعاني كبقية القطاعات من إهمال الدولة والمنافسة غير المشروعة. ويشكو سائقو التاكسي اللبنانيون، كما سائر فئات قطاع النقل، من منافسة السائقين السوريين، ومن منافسة سائقي السيارات ذات اللوحات الخصوصية. وبالرغم من ذلك، “إقتنع” السائقون اللبنانيون بوضع “السوق” الذي يختنق أكثر فأكثر في ظل غياب السياح، وبخاصة الخليجيين، وفق ما يشير إليه رئيس نقابة أصحاب شركات ومؤسسات التاكسي في لبنان شارل أبو حرب.

لم تقتصر المنافسة على وجود السائقين السوريين، أو اللوحات الخصوصية، بل تعدت ذلك الى إدخال التكنولوجيا للسيطرة على “السوق”، وإقتناص الزبائن قبل ان يتّصلوا بمكاتب التاكسي التقليدية. وفي هذا الاطار، يندرج ما تقوم به شركة “أوبر لبنان” UBER LEBANON ، تحت مظلة المنافسة غير المشروعة، إذ قامت هذه الشركة التي تتفرع من شركة “أوبر” العالمية، بإطلاق تطبيق الكتروني، ينتشر عبر 600 مدينة في العالم، ويقدم خدمة النقل “بأسعار مناسبة وبأفضل خدمة ممكنة”. ويتيح التطبيق للزبون تحديد وجهته واختيار نوع الموسيقى التي يريد سماعها في السيارة، وحتى اختيار ملابس السائق، إذا رغب الزبون بسائق يرتدي بذة رسمية مثلاً. فضلاً عن اتاحة الفرصة للزبون ليقيّم أداء السائق.
الشركة التي تأسست في العام 2009، تتيح، بحسب ما تذكره على موقعها الإلكتروني “المزيد من الفرص أمام الركاب، والمزيد من العمل أمام السائقين”. لكنها في الحقيقة، “تأكل شركات التاكسي في العالم”، وفق ما يقوله مارك اندرسون، أحد كبار المستشارين في مجال التقنية في العالم. وفي لبنان، يرى أبو حرب في حديث لـ “المدن”، ان الشركة تعمل بصفة “غير قانونية”، اذ ينص القانون اللبناني أن على مقدمي خدمات النقل ومن ضمنها مكاتب التاكسي، “تأمين شروط عدة لممارسة هذه المهنة على الأراضي اللبنانية. فيطلب القانون أن تمتلك الشركة 10 لوحات عمومية على الأقل مع مواقف لعشرة سيارات، بالإضافة إلى تأمين مكتب بمساحة لا تقل عن 35 متراً، وإذن مزاولة مهنة لكل سائق يتم توظيفه، ناهيك عن إجراءات الضمان والتأمين وغيرها من المعاملات المطلوبة لكل سائق”.

الى جانب عدم التزام الشركة بالقانون، انطلاقاً من الشروط المنصوص عليها، تنافس الشركة بتعرفة النقل المعتمدة بين مكاتب التاكسي، حتى انها ابتكرت طريقة احتساب جديدة للتعرفة تقوم على احتساب 0.60 سنتاً لكل دقيقة، و0.65 سنتاً لكل كيلومتر، ويضاف الى المجموع العام، مبلغ 2.4 دولاراً، لم تحدد الشركة سبب زيادته بشكل واضح. اما مجموع الفاتورة، فتحصل الشركة على 20% منه، والسائق على 80%، كونه هو صاحب السيارة وهو من يقوم بالعمل بشكل مباشر. اما الزبون، فلا يدفع مباشرة، بل تُقتطع الكلفة من حسابه المصرفي.
مكاتب التاكسي في لبنان لم تُدخل بعد نظام العداد، وهي ملتزمة بآلية العمل الموجودة حالياً، والمنافسة التي تُدخلها “أوبر”، تحولها الى “مكتب سمسرة، وليس الى شركة تقدم خدمات النقل”، كما يشير أبو حرب، الذي ذكّر بأن النقابة تقدمت بدعوى جزائية بحق الشركة نظراً لمخالفتها شروط العمل في لبنان، الأمر الذي أدى الى منع “أوبر” من استعمال وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لنفسها. ويلفت أبو حرب أن القرار لا يزال ساري المفعول، الا أن الضغوط السياسية في لبنان حالت دون تنفيذه فعلياً.

وفي إطار مواجهة “أوبر”، يضيف أبو حرب ان هناك “تحالفاً بين 20 شركة في لبنان في طور النشوء لإطلاق تطبيق ينافس أوبر وخدماتها كنوع من الرد على هذه الشركة، وحتى لو كان الرد غير متكافئ من جهة رأس المال نظراً لكون رأسمال أوبر في العالم يزيد عن 70 مليار دولار”. ويؤكد أن المشكلة الكبرى مع هذه الشركة عدم وجود جهة محددة لمراجعتها، وهو ما يظهر جلياً في الموقع الإكتروني للشركة والتطبيق على حد سوء، اذ تغيب أرقام المسؤولين والمكاتب في جميع أنحاء العالم، ما يطرح تساؤلات عدة حول الشركة. حتى ان محاولات “المدن” للإتصال هاتفياً بمدير مكتب لبنان في الشركة، سيباستيان واكيم، لم تنجح.

لسان حال سائقي التاكسي لا يختلف عن لسان حال أصحاب الشركات، حيث أن للطرفين مصلحة بعدم تضرر القطاع. اذ يرى شادي العلي، وهو سائق في أحد مكاتب التاكسي في بيروت، أن “الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان جعلت من هذه المهنة أقرب الى الاستجداء”، ويحذر في حديث لـ “المدن” من تهديد لقمة العيش المحصَّلة من هذه المهنة، خصوصاً في ظل تراجع السياحة.

قد تكون “أوبر” من أخطر الشركات المنافسة، الا انها ليست الوحيدة، في ظل عدم تنظيم القطاع بشكل جيد، وفي ظل غياب الدولة. ولتفادي الوقوع أكثر في متاهات الشركات المنافسة بطرق غير مشروعة، جهّزت النقابة “ملفاً قضائياً تنوي بموجبه مقاضاة كل الشركات غير المستوفية للشروط”، كما يوضح أبو حرب، مشيراً إلى أن في لبنان “ما يزيد عن 125 شركة تاكسي، أقل من 20% منها يستوفي جميع الشروط القانونية”.