Site icon IMLebanon

أميركا تتخوف وفرنسا تطلب وإيران تقفل أذنيها!

 

 

 

نقلت صحيفة “النهار” عن مصدر ديبلوماسي اميركي تخوّفه مع مرور كل يوم وكل شهر على الشغور الرئاسي من ان يرتفع الثمن بالنسبة الى لبنان. ولم يخف قلق واشنطن اكثر فأكثر من عدم قدرة الزعماء اللبنانيين على الاجتماع وايجاد الحل الصحيح على رغم وجود دعم دولي قوي للبنان من أجل تحمل مسؤولياته.

وقال المصدر: “إن الحل يتطلب الاخذ والعطاء”، معرباً عن ثقته بأن اللبنانيين قادرون على حل خلافاتهم وانتخاب الرئيس المناسب ومن ثم الانتقال الى قرارات أخرى حول الحكومة ومجلس النواب.

ورأى ان رئيس الجمهورية وان كان يمثل الموقع المسيحي الاول فهو رمز وحدة البلاد ويجب ان يكون مقبولاً لدى جميع الطوائف التي تقع عليها المسؤولية في المشاركة في ذلك.

واذ لم يخف قلقه من الشلل في المؤسسات الدستورية، أكد استمرار التزام الولايات المتحدة دعم لبنان واستقراره واستعدادها لتزويد الجيش وقواه الامنية كل ما تحتاج إليه نظراً الى الاهمية الكبرى التي توليها لاستقرار لبنان وازدهاره.

إلى ذلك، نقلت صحيفة “السفير” خلاصة تقرير ديبلوماسي، لحظ مضمونه أن «لبنان مؤجل وضعه حتى إشعار آخر، وإلى أن يحين دوره سيبقى في موقع المتلقي لتطورات الميدان السوري، إذ سيحصد إيجابية الحرب الروسية على الإرهاب في سوريا، أو سلبياتها، تبعاً لتطورات الميدان».

وأما فترة الانتظار، كما يحددها التقرير، فهي بالحد الأدنى ستة أشهر، قابلة للتمديد أو التقصير وفقاً لمجريات الميدان السوري. ولعل أبلغ صورة على الموقع الحقيقي للبنان في سلّم الاهتمام الدولي، ما عبَّر عنه مسؤول لبناني كبير عاد من الخارج مؤخراً، وهو أن العالم كله يغمض العين عن لبنان حالياً، حتى أن رئيس الحكومة تمام سلام كان قد عاد من نيويورك بانطباع بأن لبنان في المرتبة العاشرة من حيث الاهتمام إن لم يكن في آخر سلّم الاهتمامات.

في ظل هذا الواقع المقفل، وحدهم الفرنسيون يحاولون التحرّك، أو البحث عن دور ما، على حد تعبير المسؤول الكبير، تارة بالمجيء الى لبنان واستكشاف إمكانيات التسوية على الطريقة الفرنسية، أو استقبال زوار لبنانيين من بينهم مسترئسون، أو الذهاب الى إيران لعلهم ينجحون في دفعها الى التدخل في الموضوع الرئاسي في لبنان!

ويكشف المسؤول المذكور، أن زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كانت مقررة للبنان ثم أرجأها، واعداً أنه سيقوم بها لاحقاً «في ظل ظروف مؤاتية».

السبب الحقيقي للإلغاء بقي في المكنون الفرنسي. لكن اللافت للانتباه هو أن الرئيس الفرنسي أوحى أن زيارته للبنان ما زالت قائمة، وأنها ستتم بعد زيارة الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني إلى باريس. وقد أبلغ هولاند مسؤولاً لبنانياً كبيراً بأنه يعوّل على زيارة روحاني لبحث الملف الرئاسي اللبناني.

قال هولاند للمسؤول اللبناني: «إن روحاني سيثير معي موضوع رئاسة الجمهورية في لبنان»، ولكن سرعان ما تبيّن ان كلام هولاند مغاير لحقيقة الأمر، ولا علم للإيرانيين به، والحقيقة هي أن هولاند شخصياً، هو من اقترح على الإيرانيين أن يبحث الملف الرئاسي اللبناني مع الرئيس الإيراني. أما الجواب الذي تلقاه فمفاده: «هذا شأن لبناني، ولن نتدخل فيه، وإن أردتم أن تبحثوا هذا الموضوع، فابحثوه مع اللبنانيين فهم الأدرى بوضعهم».

واضح مما تقدم ان زيارة هولاند للبنان محل «تأكيد كلامي» فقط، إلا أنه قد لا يكون جدياً، كما يقول أحد الوزراء، إذ إن زيارته للبنان كان يراد منها ان تكون «تتويجاً لإنجاز فرنسي في لبنان»؛ وعندما يسأل الوزير نفسه عن ماهية هذا الإنجاز، يسارع الى القول: «الفرنسيون كمن يلعبون في الوقت الضائع ومن دون أي طائل. مشكلة الفرنسيين انهم يحاولون الهروب من حقيقة أن لا دور لهم في الملف اللبناني، ومشكلتهم الكبرى أنهم يصرون على أن يطرحوا أفكاراً وآراء لتسوية رئاسية من وجهة نظرهم، وآخرها مبادرة فرنسية سقطت سريعاً، ترمي الى إيصال رئيس وسطي الى قصر بعبدا».

يتابع الوزير: «لقد أبلغنا الفرنسيين في أكثر من محطة، أننا نراقب محاولاتكم لاسترداد دور تفتقدونه، وقلنا أيضاً إن الفرنسيين الذين باعوا سوريا (بعد العلاقات المميزة التي كانت تجمع باريس بدمشق في فترة ما قبل الأزمة السورية) والذين تخلوا عن المسيحيين في الشرق، وفي لبنان من أجل حفنة من الدولارات والصفقات مع السعودية وقطر، لم يعودوا محل ثقة بالنسبة الى الشريحة الكبرى من اللبنانيين، ولذلك كل ما يطرحونه من أفكار ومبادرات، وآخرها محاولة تسويق رئيس توافقي، هي مبادرات ساقطة.. وبلا أية نتيجة».

هذا الحضور الفرنسي على الخط الرئاسي اللبناني، يتزامن مع جهد أوروبي في الاتجاه ذاته لترسيخ فكرة وصول رئيس توافقي الى بعبدا. وقد كشف الإيرانيون «ان موفدين أوروبيين وغربيين يأتون الى طهران، ويطلبون منا أن نتدخل مع حزب الله لكي يضغط على النائب ميشال عون لكي ينسحب من معركة رئاسة الجمهورية إفساحاً في المجال لإتمام هذا الاستحقاق، ونحن نبلغهم أننا لن نتدخل في هذا الأمر».

هذا الموقف الإيراني عكسه مسؤول دولي زار طهران مؤخراً، وقال لسياسيين لبنانيين إنه «سعى الى البحث في الملف الرئاسي اللبناني مع أحد المسؤولين الإيرانيين، فرفض تناول أي تفصيل يتعلق بهذا الأمر، فهم لا يتدخلون في الملف اللبناني، يعنيهم فقط ما يقرره حزب الله في هذا المجال، وهم بالتالي يلتزمون بما يقرره الحزب، سواء اختار العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية أو أي شخص آخر».

أكثر من يتفهم الموضوع الرئاسي اللبناني وحساسيته، كما يقول الوزير المذكور، هم الأميركيون الذين يؤكدون أمام من يلتقيهم من اللبنانيين أنهم من حيث المبدأ مع انتخابات رئاســية ســريعة، إلا أنهم في الوقت ذاته يلاحظون ان الظروف ليــست مؤاتيــة لإجــراء هذه الانتخابات، لذلك تراهم منكفئين في هذه المرحلة، خــلافاً للأوروبــيين.

في رأي الوزير نفسه أن الفرنسيين «يحاولون ترسيخ مفهوم جديد للديموقراطية في المنطقة، وتحديداً في سوريا ولبنان».

يضيف الوزير المذكور: «هذه الديموقراطية، كما يطرحها الفرنسيون والألمان وغيرهم من الأوروبيين في سوريا، تكون برحيل الرئيس بشار الأسد، وفي لبنان تكون بمنع النائب ميشال عون من الترشح لرئاسة الجمهورية. قلنا للفرنسيين والألمان وغيرهم: دولكم تتغنى بالديموقراطية وحقوق الانسان وما الى ذلك من شعارات كبرى، وفي الوقت ذاته تخالفون هذا المبدأ، إذ تطرحون التوصل الى تسوية في سوريا تقول برحيل الأسد من دون أي اعتبار منكم لموقف الشعب السوري الذي هو صاحب القرار وحده، سواء أكان يريده في السلطة أم يريد رحيله.. هنا أنتم تماشون مصالحكم التي ترسمها الأموال والصفقات مع السعوديين. والأمر نفسه تعتمدونه في لبنان. ولقد أبلغ مسؤول لبناني أعضاء في لجنة العلاقات الخارجية في «الجمعية الوطنية الفرنسية» أن فرنسا بطلبها خروج النائب عون من المعركة الرئاسية، تلغي الديموقراطية.. فبدل أن تطلبوا من القوي أن ينسحب، اذهبوا الى الدولة (السعودية) التي تضع الفيتو على وصول عون الى الرئاسة، ودافعوا عن ديموقراطيتكم، أقله كلامياً.. لكي يبقى لمصداقيتكم شيء من ماء الوجه».

والكلام نفسه، قابل به الإيرانيون حملة الفرنسيين والألمان والبريطانيين، على الرئيس السوري بشار الأسد، وتردادهم لنغمة «لا مكان له في الحل السوري..»، حيث قال الإيرانيون: «تقولون إن الأسد يقتل شعبه في سوريا، فماذا عن اليمن؟ لماذا تغمضون عيونكم عما يجري هناك؟ ألا تقتل السعودية شعب اليمن؟ فلماذا أنتم صامتون ولا تحركون ساكناً حيال ذلك؟ الرئيس الأسد يقاتل مجموعات إرهابية تهدف الى تدمير سوريا. وهنا نريد أن نسألكم أنتم في دولكم الأوروبية الديموقراطية والمتحضرة، ماذا أنتم فاعلون حينما تظهر في دولكم مجموعات تحمل السلاح وتعيث بدولكم قتلاً وتدميراً وتخريباً؟ فهل تتركونهم يفعلون ذلك من دون أن تحركوا ساكناً؟ وهل تترجون تلك الجماعات وتتمنون عليها ان تتوقف عما تفعله، أم أنكم ستواجهونها بالقوة التي تملكونها دفاعاً عن دولكم وأمنها واستقرارها؟ الرئيس الأسد يدافع عن دولته كما ستدافعون أنتم عن دولكم إن تعرضت لمثل ما تتعرض له سوريا».