أكدت وزارة المالية السعودية أن اقتصاد البلاد يتميز بأنه بات مدعوًما بأصول صافية تزيد على 100 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي٬ بالإضافة إلى احتياطي كبير من النقد الأجنبي٬ يأتي ذلك في خطوة رسمية رًدا على قرار مرتبك أظهرته «ستاندرد آند بورز» بخفض التصنيف الائتماني للمملكة العربية السعودية إلى +A مع نظرة مستقبلية سلبية.
وبحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» أمس٬ فإن وكالة «موديز» تستعد لإصدار تصنيفها الائتماني للمملكة خلال هذه الأيام٬ وسط مؤشرات أولية تؤكد أن هذا التصنيف لن يتفق مع تصنيف «ستاندرد آند بورز»٬ والذي استند إلى معلومات غير دقيقة وأرقام تم جمعها من خلال مواقع الإنترنت٬ وعن طريق المصادر غير الرسمية.
وفي هذا الشأن٬ أوضحت وزارة المالية السعودية في بيان صحافي فجر أمس٬ أن قرار «ستاندرد آند بورز» بخفض التصنيف الائتماني للمملكة العربية السعودية إلى +A مع نظرة مستقبلية سلبية٬ جاء تصرًفا من الوكالة٬ ولم يكن بناء على طلب رسمي.
وأشارت وزارة المالية السعودية٬ إلى عدم اتفاقها مع المنهجية المتبعة في هذا التقييم من قبل «ستاندرد آند بورز»٬ وقالت «يعد التقييم الذي قامت به الوكالة عبارةعن ردة فعل متسرعة وغير مبررة ولا تسندها الوقائع٬ حيث استندت الوكالة في تقييمها إلى عوامل وقتية وغير مستدامة٬ إذ لم يكن هناك تغير سلبي في العوامل الأساسية التي عادة تستوجب تغير التقييم».
وأضافت وزارة المالية السعودية في بيانها: «وليس أدل من كون هذا التقييم متسرعا وغير مبرر٬ من أن التقييم خفض في أقل من عام من تصنيف AA مع نظرةإيجابية إلى +A مع نظرة سلبية استنادا فقط إلى تغيرات أسعار البترول العالمية دون نظر إلى عوامل أساسية إيجابية متعددة والتي لو أخذت بعين الاعتبار بشكل فني لم يتم التأكيد على التقييم السابق على الأقل».
وأكدت وزارة المالية السعودية٬ أن قرار الوكالة لم يكن متسرًعا فحسب بل يتعارض وبشكل جوهري مع فكرة التصنيف وأساسياته الفنية والتي تقتضي أن يأخذالتصنيف المتجرد بعين الاعتبار كل الأبعاد المؤثرة على الجدارة الائتمانية للمصنف٬َوِمَّما يؤكد موقف الوزارة الفارق الكبير بين منهجية ونتائج تصنيف وكالات التصنيف الدولية الأخرى. ذلك ما تم اتخاذه من إجراءات لضبط أوضاع المالية العامة٬ ولضمان أن تظل الأصول الداعمة للمحافظة على المالية العامة في وضع قوي».
وفي تفاصيل أكبر٬ أكد نبيل المبارك الرئيس التنفيذي لشركة المعلومات الائتمانية «سمة» لـ«الشرق الأوسط» أمس٬ أن الأرقام الرسمية تثبت بكل شفافية متانة وقوة الاقتصاد السعودي٬ وقال «حجم الدين الحكومي الآن أقل من 2 في المائة وهو من أدنى المستويات في جميع دول العالم٬ كما أن لدى المملكة مساحة أكبر في سوق التمويل٬ خصوًصا وأن حجم التمويل الحالي مقابل الناتج المحلي الإجمالي يقبع دون مستويات الـ60 في المائة٬ في وقت تبلغ فيه معدلات دول العالم ما نسبته 100 في المائة».
ولفت المبارك إلى أن السعودية في قطاع الائتمان لديها مساحة تبلغ 40 في المائة٬ مما يعني أن إصدار السندات الحكومية٬ وتمويل القطاع الخاص٬ واستمرار معدلات النمو الاقتصادي٬ بات أمًرا لا جدال فيه٬ وفًقا للمعطيات الاقتصادية التي تؤكد صحة ذلك.
وأشار الرئيس التنفيذي لشركة المعلومات الائتمانية «سمة» خلال حديثه أمس٬ إلى أن تصنيف وكالة «ستاندر آند بورز» للسعودية٬ غير دقيق٬ ولا يستند على الوقائع الاقتصادية الحقيقية لاقتصاد البلاد٬ ملمًحا إلى أن هناك تصنيفات دولية أكثر دقة تنافي قرار «ستاندرد آند بورز» الأخير تجاه المملكة.
وتأتي هذه التطورات في وقت تسربت فيه معلومات حديثة٬ تؤكد أن السعودية ألغت التعاقد مع وكالة «ستاندرد آند بورز» بسبب تخبطات أحدثتها الوكالة في وقت سابق تجاه الكثير من المواقف الاقتصادية العالمية٬ وهو الأمر الذي دفع الوكالة إلى الاعتماد على أرقام اقتصادية غير دقيقة٬ تنافي الوقائع والشواهد الحقيقية لاقتصاد البلاد٬ وهو الاقتصاد الذي تجاوز أزمات اقتصادية ومالية عالمية عنيفة٬ آخرها أزمة 2008 المالية٬ والتي تجاوزها اقتصاد المملكة بمرونة عالية.
وفي الشأن ذاته٬ كشفت بيانات مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» عن استمرار توقف السعودية عن السحب من الاحتياطي العام خلال سبتمبر (أيلول) الماضي٬ وذلك للشهر الثالث على التوالي٬ وحقق الاحتياطي استقرارا عند 659.5 مليار ریال (175.8 مليار دولار)٬ وذلك منذ أن حقق ارتفاعا طفيفا بنحو 184 مليون ریال (49 مليون دولار) في شهر يوليو (تموز) 2015 مقارنة بشهر يونيو (حزيران) الماضي.
وتأتي هذه المستجدات٬ في وقت قال فيه محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور فهد المبارك خلال مؤتمر صحافيُعقد في الرياض مؤخًرا٬ «سيتم تغطيةالعجز في الموازنة حسب توجيهات وزارة المالية من خلال الاحتياطيات المالية٬ والاقتراض حيث تم اقتراض 15 مليار ریال (4 مليارات دولار)٬ من مؤسسات مالية محلية».
وأشار المبارك إلى أن استقرار معدلات التضخم في البلاد عند 2.2 في المائة بحسب آخر البيانات الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة٬ يعتبر جيًدا٬ كما أنه يتوافق مع النمو الاقتصادي٬ مضيًفا: «لا نستهدف أن يكون التضخم بالسالب أو بالصفر٬ ومن العوامل الُمساهمة في انخفاض معدلات التضخم هو قطاع الإسكان».
ولفت محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي٬ إلى أن بلاده نجحت في تكوين احتياطيات مالية خلال فترة زيادة أسعار البترول٬ بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية. وقال: «في حالات انخفاض أسعار البترول يتم السحب من الاحتياطيات٬ وبالتالي فإن السعودية تستطيع أن تواجه انخفاض أسعار البترول».
وحول إذا ما كان لمؤسسة النقد السعودية من نشاطات واستثمارات في دولة اليونان٬ أكد المبارك أنه لا استثمارات أو نشاطات تجارية للمؤسسة والبنوك السعودية في اليونان٬ وقال: «التصنيف الخاص باليونان منذ فترة طويلة متدٍن ودون المستوى الذي يشجعنا على الاستثمار فيها».